طير وحلّق يا دولار

هدى علاء الدين

لم تشفع عودة المصارف عن إضرابها لليرة اللبنانية التي واصلت انهيارها مسجلة ما يقارب الـ 87000 ليرة للدولار الواحد، مبددة بذلك كل الآمال التي أشارت إلى انخفاض سعر الصرف مع إعلان جمعية المصارف العودة إلى العمل لمدة أسبوع فقط من أجل تيسير دفع رواتب موظفي القطاع العام والأسلاك الأمنية، ليخطو بذلك الدولار قفزة نوعية باتجاه تحطيم الأرقام القياسية من جديد.

تمنيات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التي سيتحدد مصيرها نهاية الأسبوع الجاري، ستكون رهن قرار مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان الذي دعا إلى عقد جمعية عمومية غير عادية يوم الجمعة المقبل من أجل النظر في الخطوات التي يمكن اتخاذها في ضوء التطورات التي ستحملها أيام هذا الأسبوع لناحية تلبية مطالب المصارف، لتُقرر إما الاستمرار في العمل أو العودة مجدداً إلى الاضراب. أما المصارف التي شرّعت أبوابها أمام زبائنها، فقد تفاوتت نسبة الاقبال عليها بين مصرف وآخر كل تبعاً للخدمات التي يقدمها، مع الابقاء على منصة “صيرفة”، التي شهدت ارتفاعاً طفيفاً يوم أمس مسجلة 45400، مغلقة أمام موظفي القطاع الخاص، إذ لا يبدو أنها ستعود إلى الخدمة قريباً في ظل الفرق الشاسع بينها وبين سعر الصرف في السوق الموزاية والذي يلامس الـ 4 ملايين ليرة للمئة دولار.

وتعليقاً على التطورات المالية والمصرفية التي يشهدها لبنان هذا الأسبوع، تُشير مصادر “لبنان الكبير” إلى أن المؤشرات مجتمعة تدل على عدم وجود أي انفراجات على صعيد سعر صرف الدولار في السوق السوداء بعد أن تُرك من دون أي ضوابط قادرة على لجمه، مؤكدة أن المواجهة بين القضاء والمصارف لم تحسم بعد وستبقى رهن المساعي لتخفيف الاحتقان بين الطرفين. وبحسب المصادر، فإن الفوضى المتنقلة التي يشهدها لبنان بأوجهها كافة سواء كانت سياسية أو مالية أو اجتماعية ما هي إلا انعكاس صريح لحالة الاستسلام لواقع بات أكبر من قدرة المسؤولين على معالجته، حتى بات الحديث عن تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الـ 100 ألف ليرة أمراً عادياً.

وعن فترة الانتظار التي يحتاجها لبنان للخروج من دوامة الانهيار، تعتبر المصادر أن الأزمة الأساسية اليوم هي أزمة سياسية بامتياز ومن هنا يبدأ الحل، معتبرة أن انسداد الأفق السياسي وعودة التجاذبات لتحقيق بعض المكاسب من جديد لجهة تحديد هوية رئيسي الجمهورية والحكومة هو انهيار أخلاقي بحد ذاته لا سيما أن لبنان خسر كل مقومات النهوض بسبب كباش السياسة.

أما عن الجلسات الحكومية التي تعقد لمتابعة الشؤون المعيشية للمواطنين والقطاعات العامة، فتلفت المصادر إلى أن كل ما يتم القيام به هو المحاولة الأخيرة لتمديد فترة الصمود التي بدأت تأخذ منحى تراجعياً، منبّهة على أن قرار التريث في الحلول إلى حين اتضاح مسار الفراغ الرئاسي يضع لبنان على كف عفريت قابل للاشتعال في أي وقت.

شارك المقال