خدعة الدولار الجمركي

هدى علاء الدين

بصورة غير متوقعة ومن دون أي مقدمات، قررت الحكومة بعد التشاور مع مصرف لبنان ووزارة المالية رفع سعر الدولار الجمركي من 15000 إلى 45000 أي ما يعادل 30 ألف ليرة بعد حوالي ثلاثة أشهر من دخول التعديل الأول حيز التنفيذ. قرار رفع الدولار الجمركي سيكون كغيره من القرارات الذي سيحل مشكلة حكومية لكنه سيخلق في المقابل مشكلات مالية واجتماعية لا يمكن تجاهلها مهما كثرت التطمينات وخفت التهويلات. فالواقع الفوضوي وغياب الرقابة عاملان أساسيان لانعدام الثقة بأي قرار يتخذ مهما كان ملحاً أو ضرورياً. 

وتعليقاً على هذا القرار، يعتبر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن الهدف الرئيس من رفع الدولار الجمركي هو زيادة إيرادات الدولة، مشيراً إلى أن هذه الزيادة هي مطلب من مطالب صندوق النقد الدولي كي تستطيع الدولة تغطية العجز الوارد في موازنتها. 

وبحسب عجاقة، فقد كان متوقعاً أن تمنح الحكومة في جلستها يوم الاثنين الفائت زيادة في الأجور للقطاع العام، لكن تبين أن الدولة لا يمكن أن تتحمل هذه الزيادة إلا عبر تدخل مصرف لبنان وطباعته المزيد من الليرة، الأمر الذي يُسهم في المزيد من التضخم. وعليه، كان قرار رفع الدولار الجمركي من 15000 إلى 45000 ليرة من أجل زيادة العائدات الجمركية، بالتزامن مع تهديدات بالتظاهر والاضراب من الاتحاد العمالي العام وغيره من الجهات.

وعما إذا كان قرار رفع الدولار الجمركي قراراً صائباً، لا يعتقد عجاقة ذلك، مذكراً بأنه سبق ودعا إلى تحسين القدرة الشرائية قبل أي شيء آخر، وذلك عبر خفض استهلاك الدولار وليس ضخ كتلة نقدية بالليرة اللبنانية في السوق. ويرى أن الاشكالية اليوم تكمن في أن التجار عن حسن أو سوء نية لا يدركون ما هي السلع أو البضائع المعفية من الرسوم الجمركية وبالتالي سيرفعون الأسعار كما يريدون، لا سيما وأن ذلك ترافق مع البدء بالتسعير بالدولار وهو ما سيسمح للتجار بتحسين أرباحهم، وخير دليل على ذلك شهادات المواطنين التي تشير إلى أن أسعار السلع ارتفعت بالدولار أيضاً.

ليس صحيحاً أن رفع الدولار الجمركي لن يكون له أي تأثير يقول عجاقة، لافتاً إلى أن أسعار البضائع سترتفع حتى بالدولار بحيث سيُسهم ذلك في رفع الطلب على العملة الخضراء وبالتالي سينتج عنه المزيد من الارتفاع في معدلات التضخم نتيجة ضخ الليرة اللبنانية في الأسواق. فبين دولرة الأسعار وتوسع الحلقة المفرغة من زيادة الأجور في القطاع العام وفرض الضرائب سيدخل لبنان واللبنانيون في حلقة تضخمية جديدة.

ويختم عجاقة قائلاً: “إن اعتماد الدولة اللبنانية الدولرة هو اعتراف رسمي منها بأن سعر الدولار هو سعر السوق السوداء”.

شارك المقال