ماذا نخشى في أواخر آذار… وهل التحويلات في خطر؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

ينتظر لبنان التصنيف الذي ستصدره أواخر هذا الشهر المنظمة الدولية الـ(FATF financial action task force) والذي يعنى بمراقبة عمليات تبييض الأموال والارهاب وتمويل الارهاب (global money laundering and terrorist financing watchdog) وهي أخطر التصنيفات لجهة التأثير على المصارف المراسلة في العالم، والتي ينتظر أن تصنّف لبنان في الخانة الرمادية (grey zone) وهذا التصنيف اذا ما ألحق بعبارة “عدم الامتثال للمعايير (With non compliance) يصبح تخطيه أو عبوره الى مرحلة الالتزام بالمعايير صعباً جداً، اذ سبق أن صنفت دول مهمة ومتطورة عدة بهذا التصنيف ومنها دبي ولكن أنقذتها عبارة “مع الامتثال وتطبيق المعايير الدولية” (with compliance). أولى انعكاسات هذا التصنيف ستقع على التحويلات، فلبنان لم يعد يتعامل الا مع 3 بنوك مراسلة بعد الأزمة وهي: GP Morgan في الدرجة الأولى ثم City bank وstandard chartered بأقل درجة. والسؤال عندما نصنّف “رمادي” مع عدم امتثال للمعايير الدولية، ماذا سيكون موقف المصارف الثلاثة؟ فالمسودة التي ستصدر في أواخر آذار يفترض أن تتسلمها المؤسسات المالية والنقدية في الخارج، عندها نكون قد دخلنا النفق الأخطر في الأزمة الاقتصادية وسنصلي كي يعطف علينا الأميركي الذي سيكون له التأثير الأكبر على القرار الذي سيتوزع على ثلاثة احتمالات:

1- قرار عدم التعامل مع القطاع المصرفي في لبنان وهو الضربة القاضية لأنه سيكون بمثابة stop تحويلات الى لبنان بالعملة الأجنبية، أي المتنفس الذي يكاد يكون الوحيد الذي يتكل عليه 90٪؜ من اللبنانيين من أموال المغتربين.

2- الثاني أقل تأثيراً، اذ ستعتبر المصارف المراسلة بما أن عملية المراقبة تكلف الكثير (due diligence) فستطلب من المصارف اللبنانية تكلفة أعلى لتغطيتها، وهذا سينعكس عليها بصورة سلبية جداً لأنها ستضطر الى أن تغطي الكلفة من زبائنها .

3- أو اختيار المصارف فقط التي تثق بها وتحظر التعامل مع البقية.

هذا نقدياً ومالياً، أما سياسياً، فالملف سيدخل في بازار سياسي غير مسبوق، اذ سيضطر لبنان الى تقديم تنازلات موجعة كي يتخطى مخاطر هذا التصنيف مع العلم أنه وبحسب مصدر مالي رفيع لموقع “لبنان الكبير” فإن من المستبعد أن توعز الولايات المتحدة الى Gp Morgan ليوقف التعاملات مع لبنان، لكن مقابل هذه الجزرة سترفع عصا صندوق النقد IMF الذي ستصبح شروطه أغلى، خصوصاً أن وفداً رفيعاً منه سيحضر الى بيروت منتصف هذا الشهر لمتابعة الخطوات والاصلاحات التي طلبها لتوقيع الاتفاق والأكيد أنه سيسجل صفر تقدم فيها. هذا الأمر سيزيد الضغط على المسؤولين للذهاب الى حل سياسي سريع والرضوخ للشروط التي سيضعها الغرب لأن التحرك سريعاً للانقاذ يصبح طارئاً والا سنكون أمام مشكل كبير لن ينتهي الا على حطام، تحديداً ما بين حزيران وتموز.

ويدعو المصدر الى التوقف عند الجملة التي أسمعها سفراء الدول الخمس في جولتهم للمسؤولين اللبنانيين وأكدوا فيها أن عدم الذهاب الى انتخاب رئيس ستكون له عواقب سيئة (negative repercussions)، وهذا الأمر لم يكن واضحاً لأن اجراءات العواقب ستكون مفتوحة على احتمالات عدة (أنواع مختلفة من العقوبات أو اجراءات مالية قاسية).

ويضيف المصدر، منذ أكثر من ثلاث سنوات والناس تسأل: “قديش بدنا نضاين؟”. في الواقع ان اجراءات الترقيع تضاف اليها التحويلات وتحول اقتصادنا الى اقتصاد cash يعطينا فرصاً للصمود، لكن الدول لا تسير هكذا فمصيرنا التهاوي والسقوط لأن “القجة” ستنتهي يوماً ما وهذا اليوم أصبح قريباً. ويرى أن التحول الكبير الذي أراده الغرب للبنان لم يحصل على نار حامية كما توقعنا في بداية الأزمة، لأن السيناريوهات التي وضعت اصطدمت بعوامل عدة من بينها الانقسام الكبير في شرائح الشعب اللبناني وانتماءاته، لذلك فإن هذا التغيير أصبح يسمى “استدارة الفيل” نسبة الى الوقت الذي يستغرقه، مع أن حجمنا أقل بكثير.

ويشكك المصدر في رضوخ المسؤولين للضغط لأنهم يتصرفون بأدنى حس من المسؤولية ولكل حساباته وأجندته التي ينفذها أو يستفيد منها، المهم أن لا نصل الى الـblack list يقول المصدر، وهو التصنيف الذي يلحق بدول مرتفعة المخاطر التي أصبحت تستعمل الكاش فقط في تعاملاتها وعليها حظر في كل منافذها عالمياً.

اذاً، هل أصبح لبنان على عتبة الانذار بإخراجه من النظام العالمي؟ وما هو دور جهات لبنانية تدفع الى هذا الأمر لدى الدوائر الغربية (دود الخل منه وفيه) باعتبار أنه لا يمكن الاصلاح الا على أنقاض هذا النظام؟ وفي أي خانة يصنّف هذا الدور مهما بلغت حدة الفساد التي يحتاج الخروج منها الى أدوار وطنية وليس خيانات بالجملة؟!

في الخلاصة، هل التصنيف الرمادي سينسحب على الموقع الرمادي في اسم رئيس الجمهورية، أم أن الأسود في المواقف سينسحب على التصنيف؟

شارك المقال