“المالية” تنفي عبر “لبنان الكبير” خصخصة العقارية

آية المصري
آية المصري

بعد الاقفال المستمر للدوائر العقارية في كل المناطق والمحافظات نتيجة التوقيفات التي طالت غالبية موظفيها بتُهم الفساد والاثراء غير المشروع وتبييض الأموال، وعلى أثر اختلاف وجهات النظر حول هذه التهم وطريقة إلقاء القبض على الموظفين بحيث بات هناك عدد كبير منهم في السجون فيما توارى البعض الآخر عن الأنظار، كان لا بد من معرفة ما الجديد حول هذه القضية وما مصير العقارية في المرحلة المقبلة؟ وماذا سيحدث لمن اشتروا عقاراتهم ولم يتمكنوا بعد من وضع إشارة عليها أو تسجيلها؟ وما مدى صحة الحديث عن خصخصة العقارية بناءً على طلب البنك الدولي؟ وماذا عن البرنامج الجديد المرتبط بكتاب العدل؟ وماذا عن ملف المالية الجديد الذي بدأ تحضيره؟

مصادر وزارة المالية نفت في حديث عبر موقع “لبنان الكبير” كل ما يحكى عن خصخصة للدوائر العقارية، واصفة هذا الكلام بـ “غير الدقيق وغير الصحيح، ولا مشروع جدياً في هذا الشق”.

أما في ما يتعلق بالبرنامج المرتبط بكتاب العدل، فأوضحت المصادر أن “هذا البرنامج عبارة عن مشروع قانون مطروح قبل بداية ولاية وزير المالية يوسف الخليل، وبات موجوداً في مجلس النواب وبإنتظار الموافقة عليه. وفي ظل عدم اقرار القانون لا يمكننا شراء البرنامج من أي جهة، وبالتالي المشروع لم يطبق بعد، ولا يمكننا ربطه بما يحدث اليوم لأنه ليست هناك أي نية من ورائه”.

وحول ملف المالية الذي يتم تجهيزه، أكدت المصادر “أننا سمعنا بهذا الملف، واستجوب عدد كبير من السماسرة في محافظة جبل لبنان، لكن كوزارة مالية نحرص على عدم التدخل في الشؤون القضائية، والوزير يوسف الخليل لا يغطي أي مخالفات وأكبر دليل ما حدث في العقارية”، معتبرةً أن “تسليط الضوء على جبل لبنان سببه أنها من أكبر المحافظات ومنها بدأت حملة التوقيفات هذه”.

وقالت المصادر: “بناءً على متابعتنا الملف مع الجهات المختصة وتحديداً المحامين لم يثبت بعد أي تزوير، مع العلم أن هناك الكثير من (التخبيصات) في الدوائر وتفضيل معاملات على أخرى”. واعتبرت أن “مصير العقارية غير معروف حتى هذه اللحظة خصوصاً وأن غالبية الموظفين اما موقوفة أو متوارية عن الأنظار”.

وأشارت المصادر الوزارية الى أن “اخلاء سبيل 17 موظفاً من بعبدا الأسبوع الماضي، لكن معاون أمين السجل لا يزال مسجوناً بالاضافة الى رؤساء المكاتب وأمين السجل، وبالتالي من دونهم لا يمكن للعقارية أن تعمل بصورة طبيعية لأن لا قدرة على الاتيان ببدلاء عنهم خصوصاً وأنهم في الشوف أيضاً متوارون عن الأنظار وكذلك الأمر في عاليه والمتن وكسروان. وعلى سبيل المثال في السابق عندما كان يحدث شغور في بعبدا، نعيّن بدلاء عنهم من عاليه لتغطية الشغور ولكن اليوم من سيملأ هذا الفراغ لا سيما وأن هناك خمس أمانات سجل في السجن؟”.

في المقابل، رأت مصادر من العقارية أن “ما يحدث عبارة عن بروباغندا اعلامية في الدوائر العقارية، والمشروع بات اما التطهير الاداري أو تمهيد واضح لخصخصة العقارية وإدارات الدولة بناء على طلب البنك الدولي”، متسائلةً: “ما المغزى من هذه التوقيفات في هذا الوقت تحديداً؟ ولماذا بات الحديث اليوم عن آلية جديدة في العقارية عبارة عن برنامج يربطها بكاتب العدل بحيث أن أي تسجيل يحدث لديه؟ من قام بهذا البرنامج وكم كان المبلغ المدفوع في دولتنا المفلسة؟”.

وأكدت هذه المصادر أنه “يجري تجهيز ملف للمالية العامة وتحديداً المتعلقة بجبل لبنان، وجرى إستجواب عدد كبير من السماسرة ويتم تحضير هذا الملف بتكتم شبه واضح”.

وحول التوقيفات، أشارت الى “إخلاء سبيل عدد من الموظفين، ومن الصعب أن تتم عميلة التزوير في العقارية نظراً الى صعوبة القيام بذلك، ولا يمكنهم فتح البرنامج واقفاله بحسب أهوائهم خصوصاً وأنه نظام (اي تي) ولا يمكنهم تسجيل أي عقار بتاريخ سابق، فالبرنامج يفتح من المركزية في بيروت وليس بحسب كل دائرة أو منطقة”، موضحة أن “غالبية التهم في دائرة جبل لبنان ترتكز على الاكراميات وليس الابتزاز أو التزوير”.

ونفى المدير العام للشؤون العقارية جورج معراوي احتمالية خصخصة العقارية جملةً وتفصيلاً خصوصاً وأن عدد الموظفين يقارب الـ 687 موظفاً، مؤكداً أن “هدفنا الأول والأخير عدم ايقاف مصالح الناس من جهة وايرادات الدولة من جهة أخرى، فهناك معاملات موجودة في الدوائر العقارية اما أنجزت أو بانتظار العمل عليها لكنها اليوم متوقفة نتيجة التوقيفات، وبالتالي هذا يؤخر عملية الاستثمار ويوقف العجلة الاقتصادية في البلد، ونحن بانتظار انتهاء التحقيقات القضائية لمعرفة مصير الموظفين وليبنى على الشيء مقتضاه”.

ولفت معراوي الى أن “عملية الاحتيال وبيع العقار الواحد لأشخاص عدة لا علاقة له بفتح الدوائر العقارية أو اغلاقها”.

يتضح من كل ذلك أن هذا الملف يعتريه الكثير من التعقيدات والمخالفات، وسيبقى قيد البحث الى أن تنتهي الجهات المختصة من التدقيق فيه، ويظهر أن الدوائر العقارية ستبقى مغلقة حتى اشعار آخر ولكن لا مجال لخصخصتها.

شارك المقال