الدولار على بعد بضعة آلاف من الـ”100″

هدى علاء الدين

لم يصمد الدولار طويلاً حتى أسقط الليرة اللبنانية مجدداً في فخ الانهيار بعد انخفاض وهمي دام عشرة أيام فقط، في حين يستمر التفكك المالي في ذروته وسط توقعات بفترة صعبة على الصعد كافة يستعد لبنان لدخولها من الباب العريض. وما هي إلا بضعة آلاف حتى يسجل الدولار رقمه القياسي المنتظر عند 100 ألف ليرة، فهل سيستيقظ النائمون من كبوتهم وتتحرك ضمائرهم للمسارعة الى التكاتف من أجل حل يليق بمستوى الأزمة أم أن سكرة الانتصار بالانهيار لا تزال تُبعد أصحابها عن صحوة الضمير؟

إذاً، الساعات الأخيرة كانت كفيلة برفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بعدما شهدت العديد من القرارات والمواقف التي دفعت العملة الخضراء إلى عتبة الـ 90000 ليرة، أبرزها إعلان جمعية مصارف لبنان العودة إلى الاضراب اعتباراً من صباح يوم الثلاثاء المقبل، وذلك احتجاجاً على استمرار صدور أحكام قضائية تقضي باسترداد ودائع لبعض المواطنين، داعية إلى معالجة الأزمة بشكل عقلاني وعادل ونهائي، تتحمّل فيه الدولة بصورة خاصة مسؤوليتها في هذا المجال. قرار جمعية المصارف كان قد سبقه حديث للأمين العام للجمعية فادي خلف كشف فيه عن عدم وجود سيولة لدى المصارف للسداد للمودعين، مشيراً إلى أن ودائع المصارف لدى مصرف لبنان المركزي بلغت حوالي الـ 86.6 مليار دولار في منتصف الشهر الفائت، في حين بلغت للمصارف المراسلة 204 ملايين دولار حتى كانون الثاني الماضي. وعليه، فإن هذه الأرقام تبين بما لا يقبل الشك أن لا سيولة لدى المصارف. من جهة أخرى، كان لافتاً ما غرّد به الوزير السابق وئام وهاب عن وجود نقاش جدي بين المصارف لاعلان الإفلاس في خطوة تعني الانهيار الكبير، مطالباً بتدخل عاجل وبتحمل الدولة مسؤوليتها عن ديونها قبل إعلان الخراب الشامل.

وفي هذا الاطار، أشارت مصادر “لبنان الكبير” إلى أن الوضع المتأزم لا سيما ذلك المتعلق بالمصارف والقضاء أصبح خارج السيطرة في ظل لعبة شد الحبال بين الطرفين، معتبرة أن الحل المرتبط بمستقبل القطاع المصرفي سيكون رهن القرار السياسي في الفترة المقبلة والذي سيحدد بصورة مباشرة مصير المصارف، لا سيما وأن هناك فريقاً سياسياً يريد نسف هذا القطاع ويسعى جاهداً إلى إعلان إفلاسه كخطوة ضرورية من أجل نسف النظام الاقتصادي الذي كان سائداً خلال عقود، مقابل من يريد الحفاظ على هذا القطاع بأقل الخسائر الممكنة كونه يشكل قطاعاً حيوياً للبنان على الرغم من كل المطبات التي تواجهه.

وبحسب المصادر، فإن الدولار الذي لم يتحمل كل هذه الضغوط والتوترات وما وراءها من ضخ كل هذا الرعب والخوف بالتزامن مع انتشار الشكوك حول إيقاف عمليات “صيرفة”، استسلم باكراً لمن يدفعه إلى حاجز الـ 100 ألف، منبّهة على أن خطوات الدولار المتسارعة نحو تحقيق أرقام قياسية جديدة ستُدخل لبنان في مجهول لا يمكن التنبؤ بانعكساته.

ورأت المصادر أن وتيرة ارتفاع الدولار اليومية باتت خارج إطار المألوف المالي والاقتصادي، محذرة من أن قرار سحب اليد من السوق وأخذ وضعية المراقب من دون أي تدخل حاسم سيجعل من الليرة عملة متهالكة ومجرّد كومة أوراق لا تصلح لأي تداول.

شارك المقال