الدولار عملة معرضة للخطر؟

حسناء بو حرفوش

ربما تكون العقوبات العالمية المستمرة ضد روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا قد عزلت موسكو، لكنها أضعفت بالتوازي مكانة الدولار الأميركي، حسب مقال في موقع “نيويورك بوست” الالكتروني. ووفقاً للمقال، “يكثر الحديث حول العقوبات الاقتصادية الأميركية المستمرة ضد روسيا في كل مكان. وشهد البنك المركزي الروسي والبنوك الروسية والشركات الروسية والأوليغارشيون الروس، على ثرواتهم وهي تتشابك منذ أن غزت موسكو أوكرانيا قبل أكثر من عام بقليل.

ومن دافوس إلى آسبن، يروّج مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية للحجم والنطاق غير المسبوقين لهذا السلاح الاقتصادي القوي. كيف لا والجهد المبذول كبير. وقامت فرق العمل التابعة للحكومة الأميركية بإرساء عشرات اليخوت في مكانها وبإيقاف الطائرات وحجبت مئات الملايين من الدولارات من أصول البنك المركزي كما عزلت المؤسسات المالية الروسية عن نظام سويفت المالي العالمي.

وتعود العقوبات الى فترة قديمة حين سحقت أثينا منافستها، ميغارا، في العام 432 قبل الميلاد، خلال حظر تجارها من الأسواق في أثينا. بالنسبة الى حكومة الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين، ليست العقوبات الاقتصادية مجرد خطة ثانوية، لقد أصبحت أداة مركزية في السياسة الخارجية. ويخضع أكثر من 10 آلاف شخص وعشرات الدول للعقوبات في جميع أنحاء العالم. وتبحث كل من الحكومات والجهات الفاعلة غير المشروعة عن طرق للالتفاف حول العقوبات العالمية المستمرة ضد الأنواع الشائنة المرتبطة بالأنظمة المارقة.

صراع الأسهم

لكن أكثر من 100 دولة لم توقع على هذه الجهود. ولهذا السبب لا يزال النفط من جبال الأورال يتدفق إلى آسيا وتركيا ومعظم أفريقيا، بينما تنتهي الحبوب المسروقة من أوكرانيا عبر البحر الأسود في روسيا. هذا لا يعني أنه لا يجب على الأميركيين دعم أوكرانيا، بل لا بد من ذلك. ولكن في حين أن من المنطقي شل الأعداء المخلصين مالياً، مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، تتشكل الائتلافات حول طرق لتجنب العقوبات الحالية والحماية من مخاطر العقوبات المستقبلية.

ويتضمن جزء كبير من الاجراءات إنشاء بدائل للدولار كعملة افتراضية في العالم. إذا كان بالإمكان الاحتفاظ باحتياطات بعملة أخرى أو وضعها في أصول مادية مثل الذهب أو السلع، تقطع منتصف الطريق إلى الأمان. فقد أدى الضغط على العقوبات إلى تسريع سعي الصين الى هزيمة الدولار، وهذا ما يلاحظه العديد من الدول الأخرى.

وبينما لا تزال مجموعة من الخبراء تصر على أنه لا يوجد بديل للدولار، فإن هذا غير صحيح. سوف يهيمن الدولار طالما أنه يخدم مصلحة أولئك الذين يستخدمونه، وبمجرد أن يبدأ بتعريض الأصول للخطر، من المؤكد أن أدوات تجارية بديلة ستظهر.

خلال انعقاد منتدى الأعمال لمجموعة بريكس 2022 في بكين، أعلن فلاديمير بوتين عن خطط لتوسيع منظمة شنغهاي للتعاون وتطوير بديل للمدفوعات الدولية باستخدام سلة عملات من اليوان الصيني والروبل الروسي والروبية الهندية والريال البرازيلي والراند الجنوب أفريقي. وتجدر الاشارة إلى أن منظمة شنغهاي للتعاون تمثل 40٪ من سكان العالم و30٪ من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، وبالتالي تعدّ أكبر منظمة إقليمية في العالم. والبحث عن العملة الجديدة ليس سوى جزء من الصورة. تقود الصين بورصات جديدة لتحويل تجارة السلع من المؤسسات الغربية مثل بورصة لندن للمعادن المتعثرة وبورصة نيويورك التجارية. حتى أن الأوروبيين دخلوا في اللعبة الفعل، من خلال إنشاء أداة ذات أغراض خاصة – INSTEX لتسهيل المعاملات الانسانية بغير الدولار وغير السويفت مع إيران لتجنب العقوبات الأميركية.

كما تعمل روسيا وإيران أيضاً على تطوير عملة مستقرة مدعومة بالذهب، ويستخدم تجار النفط بالفعل الدرهم الاماراتي لتسوية صفقات النفط، ويتم أخيراً وضع الروبية الهندية كعملة دولية. في القرن الحادي والعشرين ، ستصبح قيمة العملة، بما في ذلك الدولار، تنافسية بصورة متزايدة. إذا كان هناك طلب أقل على الدولار، فإن قيمته ستنخفض حكماً. وفي النهاية، إذا فقد الدولار بريقه، فستخفت قدرة الولايات المتحدة على عرض قوتها”.

شارك المقال