أموال المودعين لدى “المركزي” والمصارف تطالب باستعادتها

هدى علاء الدين

تعاود مصارف لبنان اعتباراً من اليوم إضرابها المفتوح ليعود بذلك الكباش بين المصارف والقضاء على وقع انهيار كارثي للعملة الوطنية، بات بحكم المؤكد أنه مستمر إلى أجل غير مسمى بعد أن لامس مساء أمس عتبة الـ96000 ليرة للمرة الأولى في سجل انهيارها الأسود بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف منصة “صيرفة” إلى 75800 ليرة. المصارف التي تؤكد على استمرار إجراء عملياتها الداخلية من أجل تسيير المعاملات الطارئة، ستقفل أبوابها أمام زبائنها إلى حين تصحيح الخلل القضائي الذي تراه جمعية المصارف أمراً فاضحاً لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه.

وفي الوقت الذي أكّد فيه “المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان” أن المصارف عادت إلى نغمة الاضراب من أجل التهرب من إعادة الودائع وتحميل الخسائر للمودع، مشيراً إلى أن الحديث عن إعادة جدولة الودائع هو أمر خطير، اعتبر المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف أن استمرار أزمة القطاع المصرفي وتفاقم تداعياتها على القطاعات الاقتصادية وعلى الواقع المعيشي، يستوجب من كل أركان الدولة الاسراع في إيجاد الحلول التي تُعيد الودائع إلى المصارف التي بدورها ملزمةٌ بإعادتها إلى أصحابها وفق القوانين التي تنظّم العلاقة بين المصارف وعملائها، معرباً عن أسفه لأن يستمر عدد من القضاة في إصدار أحكام لا تراعي أزمة المصارف الناتجة عن تقاعس الدولة عن إيجاد خطة تعيد لكل المودعين أموالهم. وطلب المجلس التنفيذي من السلطة القضائية مساعدة المصارف في تخطي ضائقتها المالية بدلاً من مُعاقبتها وإجبارها على تنفيذ أحكام ستؤدي في حال الاستمرار في إصدارها إلى انهيار القطاع المصرفي وخسارة المودعين أموالهم وفقدان الآلاف من مُستخدمي المصارف وظائفهم.

وعن قرار العودة إلى الاضراب، أوضح الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أن السبب الرئيس لإضراب المصارف هو وجود مودعين يقومون برفع دعاوى ضدها، الأمر الذي تنتج عنه أحكام قضائية تُجبر المصارف على دفع الأموال للمودعين بالدولار “الفريش”، مشيراً إلى أن المصارف تعتبر أن هذه المشكلات ليست مشكلات فردية بحت بين مصرف ومودع كي يتدخل القضاء ويحكم لمودع ضد مصرف أو لمصرف ضد مودع.

وبحسب مارديني، فإن المشكلة هي مشكلة نظامية لا سيما وأن النظام المصرفي لديه في مصرف لبنان 86 مليار دولار هي أموال المودعين في المصارف، وفي حال لم يقم مصرف لبنان بردّ هذه الأموال الى المصارف، فهي بدورها لن تكون قادرة على دفعها للمودعين، مؤكداً أن المشكلة نظامية وليست فردية. من هنا، فإن المصارف منزعجة من الدعاوى الفردية ولا ترى أن من المفترض معالجة الأزمة المصرفية بهذه الطريقة لأنها تُولد لها العديد من المشكلات مع مصارفها المراسلة وتسهم في تراجع سمعتها وتؤثر بصورة مباشرة على الثقة بطريقة التعامل معها خارجياً.

ورأى مارديني أن أزمة المصارف اليوم لا يمكن معالجتها إلا بـ”الكابيتال كونترول”، لكن الوضع الحالي لا يسمح بإقراره بسبب عدم وجود مجلس نواب قادر على التشريع، خصوصاً وأنه يعد هيئة ناخبة فقط من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وطالما أن الفراغ الرئاسي لا يزال هو سيد الموقف، فإن مجلس النواب لن يكون بمقدوره منح المصارف هذا القانون والحكومة هي حكومة تصريف أعمال، وعليه يصعب معرفة ما هو الحل.

وختم مارديني بالقول: “صحيح أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حاولت إيجاد حل عن طريق تحويل القضايا المصرفية إلى النيابة العامة المالية من أجل البت بها إلى حين إيجاد حل متكامل لأزمة المصارف والمودعين، لكن يبدو أن الأمور لم تنضج بعد وهو ما سيُبقي المصارف في حالة اعتراض وإضراب بانتظار حل نهائي وجذري لمشكلة الدعاوى القضائية ضدها”.

شارك المقال