الهجوم على توسعة المطار… ابحثوا عن السبب!

هدى علاء الدين

يتعرّض مشروع توسعة مطار رفيق الحريري الدولي أو ما يعرف ببناء الـ Terminal 2 إلى هجمة ممنهجة من جهات باتت تُتقن شتى أنواع التباهي بالتحريض على كل ما هو ضد منافعها ومصالحها. ومن أجل إخفاء نواياها السيئة، تقوم هذه الجهات بنشر معلومات مضللة بهدف تصفية حسابات شخصية ضيقة وإن كان ذلك على حساب مشروع اقتصادي سياحي يحتاجه لبنان في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها. فمن يتلطى وراء التقسيم والفديرالية والطائفية ليس من مصلحته تطوير مطار رفيق الحريري الدولي، لأنه يسعى بجهد الى الحصول على مرافقه الخاصة كنوع من الحكم الذاتي. ومن لا يزال يرى في المشاريع التنموية مصدراً للحصص التي يمكن اغتنامها والحصول عليها من منطلق الحفاظ على التوازن الطائفي، لن يوافق على مشروع كهذا من دون أي مكسب يرضيه. ومن يحقد على رفيق الحريري وعلى مشاريعه التي أغرقت لبنان بالإنماء والإعمار، لن يكون ممتناً لتطوير هذه المشاريع.

وانطلاقاً من أنه متى عُرف السبب بطل العجب، يمكن وضع عناوين عدة تحت خانة الحملة السلبية المضادة لمشروع إقامة المبنى الجديد للمسافرين بما يتوافق والمخطط التوجيهي العام لتطوير وتوسعة مطار رفيق الحريري الدولي والمنظم سنداً لأحكام قانون رسوم المطارات، يمكن اختصارها في أربعة عناوين رئيسة: العنوان الأول يكمن في الوقع النفسي الذي يفتحه هذا المشروع باستقطاب شركات الطيران منخفضة التكلفة (Low Cost Carriers LCC) مقابل التقليل من معظم خدمات الركاب التقليدية والذي من شأنه أن يخفض ثمن التذكرة ذهاباً وإياباً مباشرة من بيروت إلى أي مدينة وبالعكس. أما العنوان الثاني فهو الوقع الشخصاني الذي يقاوم أي تغيير في موازين التحكم بمفاصل خدمات النقل الجوي وحركة الطيران والتوظيفات في قطاع النقل الجوي في لبنان القائم منذ العام 1998 (أي منذ 25 سنة) المتمثل في الآمر الناهي الذي لا يقبل التنافس الحر أو أي تطوير. في حين يتجلى العنوان الثالت في الوقع السياسي على من يرى أن من المطلوب أن يقام مشروع كهذا في مناطق لبنانية جديدة نظراً إلى عدم رضاه عن موقع المطار الحالي وعما يمثله هذا الموقع. وأخيراً، يأتي الوقع النفسي على من لا يريد أن يرى شعلة إنماء في عتمة الانهيار كعنوان رابع، فعوض الاستبشار خيراً بمشروع قادر على إيجاد حوالي 2500 وظيفة وفرصة عمل، ورفد الخزينة العامة بمعدل 40 مليون دولار عائدات سنوية لمدّة 25 عاماً، تتم المعارضة والمحاربة من أجل تفويت هذه الفرصة على لبنان واللبنانيين.

ولا بد هنا من الاشارة إلى أن شركة (Daa International) Dublin Airport Authority International الرائدة في هذا المجال والمملوكة بالكامل لحكومة إيرلندا، والمتخصصة في إنشاء مطارات عالمية حول العالم وادارتها وتشغيلها ستقوم بتشغيل المبنى الجديد، علماً أن شركة مطارات جدة كانت قد أعلنت العام الماضي عن اختيار شركة “دبلن” العالمية كشريك استراتيجي لشركة مطارات جدة للمساندة والدعم في العمليات التشغيلية في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، لمدة خمس سنوات يجري خلالها نقل المعارف والخبرات العالمية إلى الكوادر الوطنية العاملة في المطار للارتقاء بالخدمات المقدمة، فضلاً عن امتلاكها العديد من الأعمال التجارية والاستثمارات في أكثر من 30 موقعاً في أكثر من ‎17‏ مطاراً دولياً منها في ألمانيا وقبرص وكندا والبحرين وسلطنة عمان وقطر والهند وماليزيا وبربادوس ونيوزيلاندا، وتقديمها مجموعة كاملة من خدمات إدارة عمليات المطارات مع أكثر من 85 مليون مسافر. ومما تقدّم، فإن الشركة ذات سمعة وصيت حسن، وهي شركة محترفة في مجالها ولا غبار عليها لناحية الانخراط في صفقات تشوبها أي علامات استفهام تجعلها في دائرة الاتهام والشكوك، ولديها فريقها الاستشاري والقانوني الذي يقدم لها المشورة القانونية لأي مشروع تود استلامه، ولن تكون بحاجة الى اَراء بعض المتطفلين على القانون والغيارى المتصنعين الذين يثيرون رائحة الصفقات والتلزيمات غير الشرعية لغاية في أنفسهم. أما الشركة اللبنانية للنقل الجوي (LAT) والمكلفة وفقاً لمندرجات العقد والتي تتوافر لديها الشروط كافة المتوجبة في قانون رسوم المطارات، فستقوم بتمويل كامل مقومات المشروع وهي تعمل في مطار بيروت منذ عقود ولديها الخبرة الكافية في هذا المجال.

ولكل من يتساءل عن عقد الصفقة ولماذا لم تنشر حتى الآن بنودها، فإن القانون رقم 28 تاريخ 10/2/2017 واضح لناحية ضمان حق الوصول إلى المعلومات لأي جهة مهتمة، أن تتقدم بطلب الحصول على نسخة بحسب الآلية التي نص عليها القانون. ولكل من يُشكك في حق حكومة تصريف الأعمال بربط الدولة بصفقة لمدة 25 عاماً وعما إذا كان في ذلك نقض للمادة 89 من الدستور، فلا بدّ من الاشارة إلى أن توقيع عقود الإيجار في مطار رفيق الحريري الدولي هو من الأمور العادية اليومية التي تجريها المديرية العامة للطيران المدني وبسبب عدم وجود مدير عام أصيل يقوم وزير الأشغال العامة والنقل بذلك.

اليوم، ومع الإعلان عن مشروع Terminal 2، وجد من يريدون استغلال هذا المشروع فرصة سانحة للتعبير عما يحلمون بتطبيقه ليس خدمة للمصلحة الوطنية العليا إنما لأهداف طائفية وتقسيمية بحتة. فالغيرة على الوطن وأملاكه يجب أن تترافق مع نوايا حسنة تعمل على توحيد الوطن لا تقسيمه. صحيح أن الحاجة إلى فتح مطارات أخرى في مناطق أخرى هو مطلب محق وضروري لكن التمويل لذلك غير متوافر اليوم، ولا يجوز حرمان مطار رفيق الحريري الدولي من عمليات التوسعة بحجة أن هناك مطارات لها الأفضلية اليوم. فلتكف هذه الأصوات الطائفية عن دفع لبنان إلى المزيد من الانهيار لا سيما وأن تطلعاتها ومستقبلها وأحلامها لا تتناسب مطلقاً مع تطلعات لبنان البلد العابر للطوائف ومستقبله وأحلامه.

شارك المقال