الليرة اللبنانية… أسوأ العملات

هدى علاء الدين

تصدّرت الليرة اللبنانية قائمة أسوأ العملات من حيث الأداء السلبي حول العالم، متقدمة على الليرة السورية والدولار الزيمبابوي والبوليفار الفنزويلي والروبية الباكستانية والجنيه المصري، وذلك وفقاً لتقرير جديد صادر عن Investing. وشهدت جميع البلدان التي حصلت فيها تغيرات في أسعار الصرف خلال الأشهر الثلاثة الماضية انخفاضاً في قيمة عملاتها بسبب الدولرة وميزان المدفوعات ومتطلبات صفقات صندوق النقد الدولي، الذي تحتاج العديد من الدول إلى حزمة منه، والذي يعد أحد متطلباته السماح بتحديد سعر الصرف بناءً على طلب السوق، في حين أدت دولرة بعض الاقتصادات إلى إجبار الأفراد على الامتناع عن استخدام العملات الوطنية كما حدث في زيمبابوي ولبنان وفنزويلا. وبحسب أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة “جونز هوبكنز” ستيف هانكي، فإن هذه الانخفاضات الحادة ليست شيئاً جديداً، إذ أن جميع عملات الشرق الأوسط الثلاث تعاني مشكلات مستوطنة خطيرة.

محلياً، تستمر قيمة الليرة في الانخفاض نحو مستوياتها القياسية مسجلة تراجعاً بنسبة 70 في المئة من الفترة الممتدة بين كانون الثاني وآذار الماضيين. وعلى الرغم من رفع مصرف لبنان سعر الصرف الرسمي من 1507 ليرات إلى 15000 ليرة بهدف توحيد أسعار الصرف (سعر الصرف الرسمي مع سعر الصرف في السوق السوداء)، إلا أن ذلك ليس له أي تأثير حقيقي بسبب استمرار الفارق الكبير خصوصاً بالمقارنة مع سعر صرف منصة “صيرفة”. كما أسهمت الدولرة المتزايدة وما نتج عنها من ارتفاع أسعار الوقود في تراجع الليرة، بالتوازي مع تبني الحكومة سياسة طباعة المزيد من الليرة لشراء الدولار، الأمر الذي أدّى إلى تسريع وتيرة التراجع. ومن المتوقع أن يضع المسار التصاعدي للتضخم المزيد من الضغوط على الليرة المنهارة في ظل استمرار نقص السيولة في العملة الأجنبية في السوق وفي احتياطي مصرف لبنان، بانتظار حسم ملف زيادة رواتب وأجور القطاع العام الذي يُشكل مصدر تمويله عاملاً أساسياً لمعرفة مسار الليرة في الفترة المقبلة.

هذا التصنيف السيء لليرة اللبنانية تزامن مع صدور تقرير جديد لـGoldman Sachs عن منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، كانت للبنان حصة فيه تحت عنوان “الأزمة الاقتصادية مستمرة في التفاقم وسط تسارع انخفاض قيمة الليرة”. وبحسب التقرير، هناك مؤشرات قليلة على حل الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت لبنان منذ أواخر العام 2019، مشيراً إلى أن الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي لبرنامج بقيمة 3 مليارات دولار في حال تمت الموافقة عليها من مجلس إدارة الصندوق مقابل تنفيذ مجموعة من الشروط المسبقة، سيترافق مع إطلاق المزيد من المساعدات المالية الكبيرة. لكن التقرير شكّك في قدرة لبنان على تنفيذ هذه الشروط، لافتاً إلى أن لديه ما يُبرره لا سيما مع التقدم البطيء الذي أظهره لبنان حتى الآن بسبب الجمود السياسي الذي أدى إلى بقاء سُدة الرئاسة شاغرة منذ رحيل ميشال عون في تشرين الأول الماضي.

كما أن العواقب الاقتصادية والاجتماعية للتقاعس عن العمل واضحة بحيث استمرت الليرة في الانخفاض في السوق الموازية وتم تحديث السعر الرسمي عند 15000 ليرة. ونتيجة لذلك، ارتفعت الأسعار المحلية بعدما ارتفع المؤشر الاجمالي لأسعار المستهلكين بنسبة 1900 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7000 في المئة تقريباً خلال الفترة نفسها. واعتبر التقرير أن تسارع الانزلاق في العملة الوطنية في الأسابيع الأخيرة، يشير إلى مخاطر تسارع مماثل في معدل التضخم إلى المزيد من المستويات المرتفعة. ورأى أن الخطوة الأولى لحل الأزمة، ستكون عبر انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة وقد يستغرق هذا الأمر أسابيع أو أشهر. ومع ذلك، فإن قدرة الحكومة على دفع الاجراءات المسبقة الضرورية عبر مجلس النواب من أجل الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي أمر مشكوك فيه. وختم Goldman Sachs بالاشارة إلى عدم التفاؤل بأن يكون هناك حل للأزمة الاقتصادية في لبنان، معتبراً أن تعثره أصبح وشيكاً في المستقبل المنظور.

شارك المقال