تجارة “ديبّو البيئة” تزدهر والدفع بالدولار

راما الجراح

يشهد لبنان ارتفاعاً ملحوظاً في نسب السرقة، لكن المدهش فعلاً هو التفنن في إيجاد مواد جديدة مفيدة وليس اقتصارها على المال أو الذهب أو الأدوات الكهربائية المنزلية أو كل ما هو ثمين، باعتبار السارقين الذين يوجدون يمارسون مهنتهم أخذاً بالاعتبار أوضاع السوق.

مع بداية الأزمة الاقتصادية، نشطت سرقة البيوت بواسطة الخلع، ونشط التشليح على مفارق الطرقات، حتى سرقة السيارات “وفّيرة” البنزين لم تسلم من خفة الأيادي وأغلبها يُصبّح أو يُمسي في سوريا، لكن من المستغرب أن يصل التخطيط لفكفكة “ديبّو البيئة” من السيارات وتحويلها إلى تجارة رابحة بالدولار.

لم تكن تجارة “ديبّو البيئة” رائجة منذ سنوات طويلة، لكنها توسعت بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي الذي تعيشه البلاد والتي يقوم بها حدادون وميكانيكيون وبعضهم متعاقد مع شركات تأمين لصيانة السيارات.

ترغيب الزبائن

“في كل مرة أزور فيها الميكانيكي كان يسألني إذا لديّ رغبة ببيع ديبّو البيئة مقابل ٣٠٠ دولار أميركي، وكنت أرفض ذلك لأنني لا أستطيع سماع أصوات عالية ولو قليلاً داخل سيارتي”، تقول مهى والدهشة على وجهها: “الغريب أن هذا الموضوع أصبح يجري بشكل معلن بين أغلب أصحاب المصلحة في محال صيانة السيارات، وفي بعض الأحيان هناك أناس لا يعرفون قيمته ومجرد سماع كلمة البيع بالدولار لا يترددون ببيعه نظراً للحاجات المادية”.

تجارة رابحة

يشهد لبنان ارتفاعاً كبيراً في حوادث السرقة. وبحسب ما أظهر تقرير صادر عن “الدولية للمعلومات” فقد شهد لبنان ارتفاعاً كبيراً بين شهري كانون الثاني وشباط عام ٢٠٢١، في جرائم القتل والسرقة، ومقارنة بالفترة ذاتها من العام ٢٠٢٠ تبيّن أن النسبة ارتفعت ١٤٤٪ وهذا يدل على عدم الاستقرار الكبير الذي يعيشه اللبناني وعدم توفر الأمن والأمان.

ويقول صاحب محل قطع غيار للسيارات في البقاع أن “تجارة ديبّو السيارة ليست جديدة وموجودة في البلاد العربية المجاورة في سوريا والأردن وغيرها، فالمعادن الموجودة في الديبّو تُستخدم لغايات عسكرية بشكل خاص وهناك تُجار متخصصون بهكذا موضوع”، شارحاً: “ديبّو البيئة موجود تحت مقعد الركاب الخلفي ومهمته الحفاظ على البيئة من خلال تقليل انبعاثات المواد السامة من السيارة”.

يا عالم لك الله

حالة مهى لا تختلف كثيراً عن حالة محمد، الشاب العشريني الذي قام بشراء سيارة جديدة واستعان بميكانيكي لاستشارته وبعدها تفاجأ أنه اشترى سيارة لا تحتوي على ديبّو بيئة نهائياً ويقول لـــ “لبنان الكبير”: “لستُ ضليعاً في شراء السيارات، واعتقدت أن الطريقة الأفضل هي أن أستشير أحد أصحاب الخبرة ليكشف عليها بعدما أكد لي الشخص الذي اشتريت السيارة منه أنه لا ينقصها حتى ديبّو البيئة، وكانت المفاجأة أنني وضعت سيارتي عند ميكانيكي في بلدتي معروف وذهبت لعملي وعندما عُدت بعد الدوام لأخذها بصم لي بالعشرة على نظافتها، الأمر الذي أراح قلبي بالفعل، وبعد فترة قصيرة جداً تعرضت سيارتي لحادث وعاينها هذه المره ميكانيكي آخر وأكد لي أن سيارتي لا تحتوي على ديبّو بيئة، وأيقنت بعدها أن الميكانيكي يقوم بسرقة ديبّو البيئة من أغلب السيارات ويجني الدولارات من هذا العمل”.

الغاء ديبّو البيئة يرفع استهلاك الوقود

ويقول قاسم ماضي، مالك محل لتصليح السيارات في البقاع: “السبب الذي يجعل كثيرين يتهافتون على سرقة ديّو البيئة أن الواحد منه يصل سعره في بعض الأحيان إلى ٤٠٠ دولار أميركي، بالإضافة إلى أنه يحتوي على معادن ثمينة بالدرجة الأولى يتم استخدامها لأغراض عسكرية ومدنية ويصبح هناك تجارة كبيرة على ديبّو البيئة حتى إنه يتم تهريبه على الحدود أحياناً كثيرة للاستفادة الأكبر”، ويشير إلى أن “هذا الديبّو ليست وظيفته فقط حماية البيئة من السموم الضارة، فإن إلغاء الديبّو أو في حال سرقته يزداد استهلاك الوقود وتظهر مشكلات مرتبطة بالمحرك، والأمر المضحك المبكي أن ديبّو السيارة لا يدخل ضمن فحص الميكانيك بالعادة أو عند تسجيل السيارة ما يجعل أغلبية الناس على عدم معرفة أو اطلاع على ما إذا كانت السيارة تحتوي على ديبّو بيئة أم لا “.

ويؤكد ماضي أن “مشكلات كثيرة ممكن أن تطرأ على سيارتنا لا نعرف سببها لكن الأغلبية غير مدركين أن السبب قد يكون عدم وجود ديبّو، إضافة إلى أن إلغاءه يؤثر على صوت المحرك فيصبح مزعجاً”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً