الـ860 مليون دولار تنتظر موافقة مجلس محافظي “الصندوق”

المحرر الاقتصادي

سيعمد صندوق النقد الدولي إلى تخصيص لبنان بما يوازي 860 مليون دولار من ضمن برنامج متكامل بوحدات حقوق السحب الخاصة تبلغ قيمته 650 مليار دولار توزع على 190 دولة وذلك خلال الشهرين المقبلين.

هذا الكلام أدلى به ممثل المجموعة العربية في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي الدكتور محمد محيي الدين خلال لقائه رئيس الجهورية ميشال عون من ضمن زياراته المسؤولين اللبنانيين التي شملت أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المالية غازي وزني.

مهمةٌ جداً زيارة المسؤول في صندوق النقد الدولي. فالصندوق يعتبر خشبة خلاص لإنقاذ لبنان من الغرق، سيما وأن البلاد باتت في القعر في ظل أزمة مركبة اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية وصحية خطيرة، ووسط انعدام الموارد التي يمكن أن تؤمن أدنى مقومات الاستمرار للبنانيين الخائفين من غدٍ مظلم لا أفق مشرقاً له مع رفعٍ مؤكد لدعم الحاجات الأساسية من دون أن يواكبه تأمين شبكة أمان اجتماعية عادلة.

كلنا يعلم أن خيارات النهوض بلبنان باتت معروفة، وهي التفاوض مجدداً مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي يُمنح لبنان بموجبه دعماً مالياً بعد الاتفاق على خطة إنقاذ اقتصادي مالي شاملة أبرز عناوينها إنجاز إصلاحات لمراحل عدة، معظمها ليس جديداً، وتنفيذها. فمن دون تدفقات مالية من الخارج لن يكون تعاف للاقتصاد. والاتفاق مع صندوق النقد هو جسر محتّم لاستعادة ثقة الخارج بلبنان وثقة الداخل بالداخل.

بالعودة إلى ما أعلنه المسؤول الدولي، فإن هذا الدعم المتوقع أي  مبلغ الـ860 مليون دولار، هو من حصة لبنان لقاء عضويته في الصندوق (والتي تعود إلى العام 1947) وليس جزءاً من البرنامج التمويلي الذي قد يحصل عليه في وقت لاحق والذي يشترط وجود حكومة تمسك بزمام التفاوض. فحسب مؤشرات صندوق النقد الدولي في التاسع من تموز 2021، يساوي كل حق سحب خاص 1.42 دولاراً. أما الكوتا الخاصة بلبنان في صندوق النقد فهي 633.5 مليون حق سحب خاص أي  ما يوازي 0.13 في المئة من حقوق السحب الخاصة الاجمالية. وهو ما يبرر المبلغ المخصص للبنان.

وكان وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أعلن منذ أيام في بيان أن “المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي ناقش اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء (SDR)  البالغة 650 مليار دولار، ليحال بعدها على مجلس المحافظين الذي يدرسه بدوره في تموز، وأنه في حال إقراره تتم عملية التخصيص ‏نحو نهاية شهر آب المقبل. ‏والمتوقع أن تكون حصة لبنان زهاء 900 مليون دولار، يستطيع الاستفادة منها بعد الإقرار”. وشرحت مصادر مالية مطلعة هنا أن المبلغ المخصص سيوضع في مصرف لبنان لتعزيز احتياطاته من العملات الأجنبية. ويمكن للمصرف المركزي أن يستخدم هذه المخصصات للمساعدة في تحسين الانتعاش الاقتصادي وليس بهدف دعم المواد الأساسية.

معلوم أن حق السحب الخاص هو، وفق تعريف صندوق النقد الدولي، “أصل احتياطي دولي استحدثه الصندوق عام 1969 ليصبح مكملاً للاحتياطات الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء”. وهو لا يكبد ديناً اضافياً على البلد المستفيد منه.

وكان صندوق النقد الدولي قام في العام 2009 بتوفير مبلغ 250 مليار دولار في إطار حقوق السحب الخاصة إثر الأزمة المالية العالمية التي أصابت معظم اقتصادات العالم. وكانت حصة لبنان من هذا المبلغ 298 مليون دولار. وبحسب الصندوق، فإن تخصيص  حقوق السحب الخاصة ساهم بدرجة كبيرة في التعافي من الأزمة المالية العالمية.

في الثامن من الشهر الحالي، اعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن المجلس التنفيذي وافق على “اقتراحي بإجراء تخصيص عام جديد لحقوق السحب الخاصة بمبلغ يعادل 650 مليار دولار – هو الأكبر في تاريخ الصندوق – بغية تلبية الاحتياجات العالمية للاحتياطيات على المدى الطويل خلال هذه الأزمة الأسوأ منذ سنوات الكساد الكبير”. وقالت إنها ستقوم بعرض اقتراح تخصيص جديد لحقوق السحب الخاصة على مجلس محافظي الصندوق للنظر فيه والموافقة عليه. وفي حال الموافقة عليه، من المتوقع استكمال عملية تخصيص حقوق السحب الخاصة بنهاية شهر آب المقبل. وتتطلب موافقة مجلس المحافظين تأييداً بغالبية 85 في المئة من القوة التصويتية الكلية من الأعضاء المشاركين في إدارة حقوق السحب الخاصة (جميع أعضاء الصندوق في الوقت الحالي). وتوزع مخصصات حقوق السحب الخاصة بين البلدان الأعضاء في الصندوق بالتناسب مع حصص عضويتها.

إقرأ أيضاً: ملايين صندوق النقد… وعدٌ أم حقيقة؟

وشبّهت غورغييفا هذا التخصيص بأنه بمثابة حقنة لقاح في الذراع للعالم. فهو السيولة والاحتياطات لدى كل البلدان الأعضاء في الصندوق، ويسمح ببناء الثقة، ويدعم صلابة الاقتصاد العالمي واستقراره.

وقالت غورغييفا أيضاً أن تخصيص حقوق السحب الخاصة سيساعد كل بلد عضو بالصندوق – لا سيما البلدان المعرضة للمخاطر- ويقوي استجابتها لمواجهة أزمة كورونا.

من جهتها، توقعت وكالة “ستاندرد اند بورز” أن تستفيد العديد من الأسواق الناشئة من حقوق السحب الخاصة لتعزيز احتياطاتها من العملات الأجنبية. لكنها قالت إنه نظراً إلى أن أموال صندوق النقد الدولي تنقسم بين جميع دوله، بما في ذلك الدول الغنية، فإن 7 في المئة أو 42 مليار دولار فقط ستذهب إلى 44 دولة فقيرة ذات أدنى درجات تصنيف ائتماني سيادي.

شارك المقال