القطاع المصرفي يخسر 10 في المئة من تحويلات المغتربين

هدى علاء الدين

مع بلوغ الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان ذروتها واشتداد انعكاساتها السلبية على الوضعين الاجتماعي والمعيشي لمعظم العائلات اللبنانية، تشكل تحويلات المغتربين لذويهم مصدراً أساسياً للاستهلاك الداخلي وعاملاً رئيسياً يساعدهم على الصمود. ففي ظل انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونسب التضخم وبلوغ مستويات الفقر والبطالة معدلات غير مسبوقة، تنتعش تحويلات المغتربين عبر المؤسسات غير المصرفية، إذ يفضل العديد منهم تحويلها عبر الـ OMT وغيرها من شركات تحويل الأموال أو نقداً عبر المطار على حساب القطاع المصرفي الذي لا يزال يعاني من ارتدادات الأزمة المالية والنقدية التي عصفت به منذ صيف العام 2019.

فقد أظهرت دراسة تحليلية صادرة عن الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية ارتفاع إجمالي التحويلات التي تلقاها لبنان إلى جانب تسع دول عربية مصدرة للعمالة هي الجزائر وجيبوتي ومصر والأردن والعراق والمغرب والسودان وتونس وفلسطين بنسبة 2.7 في المئة لتبلغ حوالي 54.9 مليار دولار، أي ما يمثل حوالي 95 في المئة من إجمالي تدفقات التحويلات في المنطقة العربية في العام 2020. وأشارت بيانات البنك الدولي إلى أن التحويلات إلى المنطقة العربية بلغت 58 مليار دولار عام 2020 مقابل 61.7 مليار دولار عام 2019، وهو ما يعادل حوالي 10.7 في المئة من إجمالي التحويلات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حول العالم.

وبحسب الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، وسام فتوح، فقد شهد اقتصاد لبنان خسائر في تدفقات التحويلات وصلت إلى أكثر من 10 في المئة، كذلك في كل من جيبوتي والعراق والأردن. أما في السودان والجزائر وفلسطين فانخفضت التدفقات بأكثر من 5 في المئة. في المقابل، زادت التحويلات إلى مصر بنسبة 10.5 في المئة لتصل إلى حوالي 29.6 مليار دولار في 2020، في حين تجاوزت التحويلات إلى المغرب 7.4 مليارات دولار.

إقرأ أيضاً: الـ860 مليون دولار تنتظر موافقة مجلس محافظي “الصندوق”

وكان البنك الدولي قد قدّر حجم تحويلات المغتربين إلى لبنان بـ 6.2 مليارات دولار في العام 2020 مقارنة بـ 6.9 مليارات دولار في العام 2019، محتلاً بذلك المركز الثالث إقليمياً بعد كل من مصر والمغرب. كما احتل المركز الأول في المنطقة والثاني عالمياً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت 32.2 في المئة في العام 2020. وبحسب البنك الدولي، فإن متوسط كلفة التحويلات الوافدة إلى لبنان من بلدان ذات دخل مرتفع من ضمن دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية لا يزال عالياً جداً.

تشير آخر الأرقام المالية إلى أن معدل تحويلات المغتربين عبر شركة الـ OMT يصل إلى 120 مليون دولار شهرياً، غالبيتها من منطقة الخليج والولايات المتحدة وأستراليا وإفريقيا، لتخسر بذلك المصارف اللبنانية جزءاً لا بأس  من هذه التحويلات بسبب غياب الثقة بالقطاع المصرفي من جهة وارتفاع كلفة التحويل عبرها من جهة أخرى، فضلاً عن تخوف أصحابها من أي إجراءات إدارية فجائية أو قيود صارمة تقتطع من قيمتها، أو تُخضعها للدفع بالتقسيط بالرغم من أنها تقع تحت خانة الفرش دولار. فإلى متى ستستمر المصارف في تلقي خساراتها المتتالية وكيف السبيل إلى إعادة الثقة بها؟ أسئلة تبقى رهن تعافي القطاع المصرفي ونهوضه من جديد.

شارك المقال