هل تنطلق المنصة الالكترونية في 16 نيسان؟

المحرر الاقتصادي

هل ستنطلق المنصة الإلكترونية في 16 نيسان الحالي بعدما كان يُفترض العمل بها في بداية نيسان كي تكون المرجع الأساسي لسعر الدولار الحقيقي في السوق؟

لا شيء محسوماً حتى الساعة. وحتى إن قرر مصرف لبنان إطلاقها في هذا الموعد المحدد، فمن غير المرجّح أن تحقق الهدف الذي يريده قصر بعبدا منها، وهو دفع سعر الصرف الفعليّ في السوق إلى الانخفاض، ولجم عمليات المضاربة، ووضع حد للتطبيقات التي وصفتها بعبدا بالمشبوهة. فالمنصة مجرد حل مؤقت لا يمكنه أن يعالج أزمة الليرة، فيما الحل الحقيقي والمستدام يكون بمسار إصلاحي معروف العناوين بابه حكومة مهمة بجدول أعمال محدد.

وكان الاجتماع الذي حصل في 19 آذار الماضي بين مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية شربل قرداحي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، أسفر عن إعلان قرار إطلاق العمل بمنصة تداول بالدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، عائدة إلى مصرف لبنان والتي سيتم بموجبها تسجيل التداول بعمليات الصرافة. أما اللاعبون على هذه المنصّة فهم: المصارف التي سمح لها بالتداول بالعملات، والصرافون الشرعيون، ومصرف لبنان الذي “سيتدخّل لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة، حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة” (بحسب بيان الرئاسة). وستتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل.

وبتفسير آخر، لن يكون لهذه المنصة قدرة على تلبية مطالب المواطنين، نظراً إلى حجم هذه الطلبات، نسبة إلى حجم السوق السوداء المُقدّرة ببضعة ملايين من الدولارات يومياً. وهذا يعني أن سوق الصرّافين سيبقى لعدم قدرة المركزي على تأمين كلّ حاجة السوق عن طريق المصارف.

وكان مصرف لبنان أعدّ العدة لبدء العمل على المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة. وهو للغاية أعطى المصارف ومؤسسات الصرافة مهلة للاشتراك في المنصة. ومن المفترض أن يتم التداول عبر المنصة بالأوراق النقدية فقط، أي بـ”الكاش”. بمعنى أن يتم بيع وشراء الدولار الكاش وبالليرة الكاش وليس عبر الحسابات المصرفية. وهذا الأمر يرتّب على المصارف شروطاً محدّدة قد ترفض الالتزام بها.

قد يتساءل الناس ما الفرق بين هذه المنصة ومنصة “صيرفة” التي أعلن مصرف لبنان عنها في حزيران الماضي من العام الماضي. الجواب هو أن التعميم الرقم 5 الذي صدر في حزيران حدّد سعراً ثابتاً للمنصة بـ3900 ليرة. لكن سعر الدولار تخطى في السوق السوداء الـ 14 ألف ليرة، وهو ما دفع الى إحجام الجميع عن استخدامها في عمليات البيع، وبالتالي فهي خلت من الدولارات للشراء. في المقابل، فإن السعر في هذه المنصة الجديدة سيكون متحركاً من قبل مصرف لبنان وفقاً لعملية العرض والطلب. وقد يتدخل مصرف لبنان بشكل محدود إذا ارتفع حجم الطلب بهدف تهدئة السوق. وفي المقابل، يسارع إلى جمع الدولار إذا هبط سعره حتى يتمكن من التدخل مجدداً.

الكثير من الأسئلة يجوز طرحها في شأن هذه المنصة الجديدة، إذا ما أنشئت: من أين سيتمّ تأمين الدولارات؟ هل سيعرض مصرف لبنان دولاراته المتبقية، أم أن المصارف هي من ستعرض دولاراتها التي جمعتها سابقاً من أجل تأمين السيولة الخارجية بنسبة 3 في المئة من ودائعها بالدولار؟ كيف ستكون آلية التنفيذ؟ وكيف ستُضبط السوق السوداء؟ ومن يضمن وقف استخدام الدولارات من أجل التهريب إلى سوريا؟

الأمر الأكيد أن المصارف لا تبدي حماسة للمنصة التي ستحولها إلى “شريك” للصرافين، ولا دافع عندها للمساهمة في هذا التدبير من أجل إرضاء عهد تمنّع وتعثر عن دفع التزاماته لها وأوقعها في الحفرة التي لن يكون لها مخرج منها إلا عبر خطة متكاملة لهيكلة الدين العام وجدولته.

في المحصّلة، يستبعد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن يُكتب لهذه المنصة النجاح، وأن تؤدّي إلى تطوّر فعليّ يؤثّر على توازنات العرض والطلب في سوق الدولار. فهل هي جزء من الضغوط التي تمارس على حاكم مصرف لبنان لضبط سعر الصرف والإيحاء بأن عدم تشكيل الحكومة لن يؤدي إلى الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة؟

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً