المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس: “تركوها تشتغل أولاً”

المحرر الاقتصادي

أين أصبحت المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس اليوم بعد حوالي ست سنوات على تعيين مجلس إدارتها في أيار من العام 2015؟ وهل من المناسب اليوم البحث في انشاء مناطق اقتصادية خاصة في مناطق أخرى من لبنان فيما النموذج الطرابلسي لم يطبق بعد وبالتالي لم تتبلور حسناته من سيئاته وما اذا كان ينطوي على ثغرات قد تعيد النظر في تعديله؟

هذه التساؤلات تأتي لمناسبة إعادة فتح اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة النقاش حول اقتراح القانون الرامي الى انشاء وتنظيم المناطق الاقتصادية الخاصة في لبنان، واقتراحي القانونين المتعلقين بإنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في محافظة بعلبك – الهرمل وفي قضاء زحلة. حيث كان التباين واضحاً بين الكتل النيابية المشاركة وداخلها.

وفي المعلومات أن رئيس مجلس الادارة والمدير العام بالتفويض للمنطقة الاقتصادية الخاصة حسان الضناوي الذي قدم شرحاً عن تقدم العمل في المنطقة رأى وجوب ترقب نتائج انشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس قبل البحث في طروحات أخرى.

تم تقديم اقتراح القانون الرامي الى انشاء وتنظيم المناطق الاقتصادية الخاصة في لبنان (قدمه النائب جورج عقيص)، واقتراحي القانونين المتعلقين بإنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في محافظة بعلبك – الهرمل وفي قضاء زحلة، منذ العام 2016. ومذذاك، كانت هناك داخل اللجان وجهات نظر متمايزة حول وجوب انشاء هذه المناطق في وقت لم ينجز مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس.

مصادر مطلعة على الملف رأت في تصريح لـ”لبنان الكبير” أنه قد يكون من السابق لأوانه البحث عن امكانية انشاء مناطق اقتصادية في العديد من المناطق اللبنانية قبل أن يتم إطلاق عجلة المنطقة الإقتصادية الخاصة في طرابلس كمشروع نموذجي ليبنى على الايجابيات التي ستتحقق بما يتعلق بتطوير مناطق إقتصادية أخرى. وقالت “تركوها تشتغل أولاً”، مشددة على وجوب تحضير دراسة عامة عن المناطق الإقتصادية الخاصة في لبنان تأخذ في الإعتبار وجود عوامل النجاح المعتمدة عالمياً عند التفكير بإنشاء أي منطقة إقتصادية، لاسيما أهمية الموقع الجغرافي للمنطقة، والبنى التحتية المتوافرة، والمرافئء الموجودة، والقدرات البشرية التي تتمتع بمهارات عالية، والأهم وجود قوانين وأنظمة وإجراءات غير بيرقراطية تحفز على خلق بيئة عمل جاذبة.

الأثر الجغرافي

تنشأ المناطق الاقتصادية عادة في منطقة يعاني اقتصادها، بحيث تكون بمثابة منصة تؤدي الى تحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية للمنطقة. فما الجدوى من انشاء مناطق اقتصادية متقاربة من حيث المساحات؟ وألا يجب دراسة الأثر الجغرافي للمواقع المقترحة؟

فوفق الاقتراحات المقدمة الى مجلس النواب في هذا الشأن، هناك اقتراح لانشاء منطقة اقتصادية خاصة في البترون. فأين الجدوى من هذه المنطقة التي تبعد حوالي 20 كيلومتراً فقط عن طرابلس. والسؤال نفسه يطرح عند الحديث عن اقتراح انشاء منطقة في زحلة قريبة جدا من منطقة بعلبك – الهرمل حيث لا تبعد المسافة بينهما عن الاربعين كيلومترا.

وأين الجدوى من انشاء مناطق اقتصادية قريبة من المناطق الصناعية الموجودة أو هي قيد الانشاء كاقتراح منطقة زحلة ملاصق للمنطقة الصناعية في تربل (حوالي 11 كيلومترا(، واقتراح بعلبك-الهرمل الملاصق للمنطقة الصناعية في بعلبك، واقتراح منطقة زحلة الملاصق للمنطقة الصناعية في تعنايل (حوالي 12 كيلومترا).

أهمية المنطقة

من نافل القول إن المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس التي تأسست بموجب القانون رقم 18 هيئتها العامة، هي عبارة عن مشروع حيوي للاستثمار، ويُنظر إليها على أنها منصة أساسية للمستثمرين ونموذجاً لممارسة الأعمال التجارية في لبنان، وعاملاً محفزاً في عملية النمو الاقتصادي المستدام ورافعة لتغيير وجه طرابلس والشمال. كما أن الهدف من انشائها خلق فرص عمل مستدامة، والمساهمة في تحديث بيئة الاعمال، وتوفير الاستثمار في مناخ حديث وخالٍ من البيروقراطية الادارية.

وقد أعدت هيئة المنطقة الاقتصادية خلال السنوات الست الارضية السليمة التي تسمح للمنطقة بأن تكون منصة للاعمال، ليس في طرابلس والشمال فقط، انما في لبنان ككل. مع الاشارة في هذا المجال إلى أن المناطق الاقتصادية الخاصة في العالم يتطلب انشاؤها عادة سنوات عديدة، نظراً للوقت الذي تستغرقه في تجهيز البنى التحتية وتوفير الخدمات والتعاقد مع المشغلين والمطورين وجذب الاستثمارات وتصميم جميع الاجراءات المتعلقة بكل أنواع التراخيص الصحية والبيئية والصناعية وتحضير اليد العاملة المتخصصة والاقتصاد المحلي ليكون على جاهزية تامة للاستفادة القصوى من الاثار الايجابية للمنطقة.

البنى التحتية

أنجزت المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس ملف مناقصة اطلاق مشروع البنى التحتية للمنطقة اي المركز الصناعي واللوجستي، بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار بحسب قرار صادر عن مجلس الوزراء في العام 2017. لكن المشروع لم يطلق بعد. فقرار مجلس الوزراء أقر تحويل مبلغ 15 مليون دولار لتمويل جزء من المشروع. تم تحويل 2 مليوني دولار لرفع مستوى الارض، فيما المبلغ المتبقي لم تحوله وزارة المالية الى مجلس الانماء والاعمار حتى اليوم. علماً في هذا الاطار أن هيئة المنطقة الاقتصادية حصلت على موافقة على قرض من البنك الدولي بقيمة 67 مليون دولار من ضمن مشروع Program for Results  لتمويل مشاريع الهيئة وتمويل البنية التحتية الخاصة بالمركز اللوجستي الصناعي وتلك المرتبطو بمركز الابتكار والابداع ودعم لناحية العمليات، من دون أن يصل الى مرحلة الإقرار. فوزارة المالية لم تجب في الاصل على المشروع المتكامل الذي كان البنك الدولي جاهزا لتمويله والذي كانت تبلغ قيمته 400 مليون دولار ويشمل العديد من القطاعات ما ادى الى سقوط المشروع بأكمله.

البنك الدولي يوصي بتعديل قيمة الاصول الثابتة الموظفة للافادة من الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية

القانون الرقم 18

وكان البنك الدولي أوصى بادخال تعديلات على القانون الرقم 18 الذي انشأ المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس لمواكبة أعمالها، لاسيما تعديل قيمة الاصول الثابتة الموظفة في المؤسسة أو رأسمالها المحددة بـ 300 ألف دولار أو ما يوازيها بالعملة اللبنانية، وذلك للإستفادة من كامل الحوافز المالية والإعفاءات الضريبية. علماً أن جميع إقتراحات القوانين المقدمة إلى مجلس النواب لحظت تعديل على القيمة ليصبح 100 ألف دولار أو ما يوازيها بالعملة اللبنانية.

ومن التوصيات إعادة النظر في المرسوم 2222 تاريخ 11/6/2009 المتعلق بالنظام المالي للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس) كونه مبنياً على جزء من قانون المحاسبة العمومية الذي يفرض على الهيئة تطبيق آلية عمل بيروقراطية لجميع العمليات المالية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً