قطاع النقل البري في خطر في حال رفع الدعم عن المحروقات

المحرر الاقتصادي

عمرها من عمر الحرب الأهلية، هي مشكلة مزمنة لطالما عانى منها اللبنانيون وتتفاقم اليوم بشكل أكبر مع غياب الدولة وشحّ المحروقات وارتفاع أسعارها، والسائقون يئنّون تحت وطأة غلاء المعيشة وتحليق سعر الدولار وعدم الاهتمام بهم، على الرغم من أن هذا القطاع هو من يدير عملية نقل اللبنانيين في ظل عدم وجود نقل عام في لبنان.

يشكل قطاع النقل البري عنصراً أساسياً في الاقتصاد اللبناني ويـؤدي دوراً محفـزاً للاقتصـاد ولتنقّـل السـكان ونقـل البضـائع، وفيما تولي جميع دول العالم اهتماماً كبيراً بهذا القطاع يرزح في لبنان تحت وطأة سوء التنظيم وعدم احترام حقوق السائقين، إضافة إلى الموضوع الأهم؛ من الذي يسيطر على قطاع النقل ويديره؟

تغيب سياسات الدولة عن هذا القطاع الحيوي فيما يحضر القطاع الخاص بثقله، غير أن كل الجهود التي بُذلت منذ أعوام طويلة لم تؤدّ إلى تأمين منظومة نقل بري متكاملة تريح المواطنين وتساعد على التنمية الاقتصادية، ما شكل أزمة حقيقية خلال السنوات الأخيرة وبدأت نتائجها تظهر هذه الأيام.

ولهذه الغاية، قدمت اتحادات ونقابات النقل البري في لبنان خطةً إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كلفتها 100 مليون دولار وتم تخفيض المبلغ بعد النقاش إلى 60 مليون دولار لمدة سنة. كما أضيفت إليها بعض التعديلات التي تعالج مشاكل قطاع النقل البري التي تحاكي الواقع الحالي وأبرز بنودها هي:

1 – اعتماد البطاقة التمويلية للسائقين أسوةً ببقية اللبنانيين.

2 – تقديم مبلغ مقطوع لكل المركبات العاملة بالنقل البري بقيمة 500 ألف ل.ل.

3 – تخصيص عدد من صفائح البنزين والمازوت للسيارات والشاحنات العمومية (بنزين 40.000 – مازوت 30.000).

وبعد اجتماع مطول مع دياب بحضور وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، خرج رئيس اتحادات ونقابات النقل البري بسام طليس ليعلن موافقة الرئيس دياب على هذا الاقتراح والالتزام بكل ما ورد فيه، إلا أنهم لا يزالون ينتظرون التنفيذ ولا سيما أن البطاقة التمويلية لم تجد طريقها إلى التنفيذ وإيجاد التمويل بعد والتي اعتبرتها النقابات انجازاً في حال تم تطبيقها لأنها تنعكس إيجاباً على التعرفة.

وفي ظل هذا الانتظار، تحاول اتحادات ونقابات النقل البري في لبنان الضغط من أجل مساعدة السائقين في هذا القطاع واستمرارية العمل، ولهذه الغاية عُقد اجتماع في وزارة الدفاع رأسته الوزيرة زينة عكر بحضور وزراء الداخلية والمالية والأشغال والنقل والاقتصاد والطاقة وبمشاركة الاتحادات والنقابات لإيجاد حل آني، وتقديم بعض التسهيلات إلى 53 ألف سيارة وشاحنة وباص يعتاش أصحابها منها، وفي ظل أزمة معيشية واقتصادية لم يشهدها لبنان سابقاً، وارتفاع أسعار المحروقات وقطع الغيار وهبوط قيمة الرواتب بشكل جنوني.

وحسب مصادر مطلعة على الاجتماع، حذرت اتحادات ونقابات النقل برئاسة بسام طليس من تحركات يقوم بها السائقون ومنها قطع الطرقات وغيرها من الأمور التي قد تخرج عن السيطرة، مطالبين بتنفيذ الاقتراح الذي تم الاتفاق عليه مع دياب لجهة تعديل التعرفة، وأشاروا إلى أنهم منفتحون على أي صيغة تطور قطاع النقل حتى ولو تأخر تنفيذ البطاقة التمويلية، والتي لم يتم تمويلها بعد على الرغم من إعلان آلية التسجيل على المنصة الخاصة بها، فيما علم موقع “لبنان الكبير” أن وزير الأشغال ميشال نجار لم يوافق على استعمال قرض البنك الدولي المخصص للنقل العام، وقيمته حوالي 295 مليون دولار لتمويل البطاقة وليس فقط البنك الدولي. وقد تكون الدولة تنتظر أموال صندوق النقد الدولي وهي عبارة عن حوالي 900 مليون دولار لتمويلها.

وحذرت الاتحادات والنقابات من تفلت الأوضاع، إذ إن السائق حائر بموضوع التعرفة في ظل ارتفاع اسعار البنزين في السوق السوداء والانتظار الطويل على المحطات والتي تكبده خسائر جمة، وشددت على أهمية المحافظة على المواطن والراكب لأنه من دون الراكب لا عمل ولا يجوز أن تأكل الناس بعضها مطالبة بتفعيل الخطة أو اتخاذ إجراءات وقرار استثنائي سريعاً لحفظ حقوق السائقين والمواطنين معاً مع التأكيدات المتعلقة باقتراب رفع الدعم عن المحروقات حيث ستصل صفيحة البنزين إلى 260 ألف ليرة لبنانية حسب وزير الطاقة ريمون غجر.

وعلم موقع “لبنان الكبير” أن وزير المالية غازي وزني الذي يدعم اقتراح الاتحادات والنقابات الذي قدم للرئيس دياب، طرح مهلة أيام معدودة لا تتعدى الاثنين المقبل، من أجل البحث في الأرقام واعتماد آلية على أن تتم متابعة هذا الأمر مع اتحادات ونقابات النقل البري.

ومع التأكيد على ضرورة عدم انهيار قطاع النقل البري في لبنان تبقى العيون متجهة إلى قرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم في ظل الصراع القائم وعدم قدرة وزارتي الطاقة والمالية على وضع جدول أسعار قبل تحقيق هذا الأمر، وفي حال وصلت صفيحة البنزين إلى 260 ألف ليرة فسيتم تعديل أرقام الكلفة التي كانت وضعتها اتحادات ونقابات قطاع النقل في اقتراحها السابق، ودعت إلى تطبيق الآلية للخروج من مهزلة إذلال المواطنين بشكلٍ عام والسائق العمومي بشكلٍ خاص إضافة إلى سائقي الشاحنات.

شارك المقال