اللبنانيون يغيّرون وظائفهم… فإلى أين يتجهون؟

هدى علاء الدين

عصفت الأزمة الاقتصادية والمالية بالقطاعات كلّها في لبنان، وبات العمل فيها في ظل ظروف استثنائية يتطلب باعاً طويلاً من الصمود والتحمّل، فالرواتب والأجور لم تعد كافية لتلبية الاحتياجات الضرورية بعدما تدهورت قيمتها الشرائية دراماتيكياً، وتلاشت معها جميع مقوّمات الأمان والرضا الوظيفي بسبب انعدام الحوافز والرغبة في البقاء في العمل خصوصاً في بعض القطاعات التي تشهد تراجعاً ملحوظاً، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على الأداء والإنتاجية، وجعل من الاستمرار في العمل بها واقعاً مأساوياً وخياراً انتحارياً.

وفي هذا الإطار، أظهر أحدث الاستبيانات تحت عنوان “أفضل قطاعات العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2021″، أن 56 في المئة من المهنيين في لبنان راضون عن ساعات العمل، تليها ثقافة العمل بنسبة 51 في المئة، ومن ثمّ مستوى التوازن بين الحياة المهنية والشخصية بنسبة 45 في المئة. الاستبيان الذي أجراه “بيت.كوم”، أكبر موقع للوظائف في الشرق الأوسط، بالتعاون مع يوجغوف، حصل على بياناته عبر الإنترنت خلال الفترة الممتدة ما بين 14 و29 حزيران 2021، بمشاركة 2.333 شخصين من الإمارات والسعودية والكويت وقطر وعُمان والبحرين ولبنان والأردن والعراق وفلسطين وسوريا ومصر والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان وغيرها من الدول العربية.

وتضّمنت الأهداف الرئيسية للدراسة تحديد مستويات الرضا عن القطاع الذي يعملون فيه حالياً بناء على بعض العوامل بما فيها الراتب والمزايا، وإمكانية موازنة الحياة الشخصية والمهنية، والنمّو الوظيفي، والشعور بالأمن الوظيفي، تحديد أي من القطاعات هي ذات الانطباع الأكبر بأنها الأفضل بناءً على عدد من العوامل بما فيها الراتب، وعدد ساعات العمل، التعّرف إلى آراء الأشخاص بشأن تغيير القطاع الذي يعملون فيه والأسباب التي تدفعهم إلى القيام بذلك، فهم الانطباعات عن العمل في الدوائر الحكومية، وتحديد القطاعات التي تعتبر جذابة للكفاءات المحليّة وللقوى العاملة من النساء.

وبحسب نتائج الاستبيان، تصدرت قطاعات البنوك/ التمويل/المحاسبة، والصناعة، والأعمال الخيرية/ التطوعية قائمة القطاعات التي يرغب اللبنانيون في العمل فيها بنسبة 11 في المئة، في حين جاء قطاع التعليم/ الأكاديميا واستشارات الاعمال/ إدارة الأعمال، والهندسة/ التصميم، التجارة/ محال البيع في المرتبة الثانية بنسبة 7 في المئة. ولجهة توفير أفضل توازن بين الحياة المهنية والشخصية، جاءت قطاعات تكنولوجيا المعلومات/ الإنترنت/ التجارة الإلكترونية (15 في المئة)، التعليم/ الأكاديميا (15 في المئة)، والخدمات المصرفية/ المالية/ المحاسبة (13 في المئة) كأفضلها، تلاها قطاع الرعاية الصحية/ الخدمات الطبية بنسبة 12 في المئة.

أما لناحية الأمان الوظيفي الذي يُعدّ من أهم العوامل التي تهتم بها الكفاءات في لبنان، سواء الباحثين عن عمل أو الموظفين، فتصدرتها قطاعات الجيش/ الدفاع/ الشرطة بنسبة 15 في المئة، والرعاية الصحية/ الخدمات الطبية بنسبة 14 في المئة والحكومة/ الخدمة المدنية بنسبة 13 في المئة.

إقرأ أيضاً: القطاع العام… حلول ترقيعية ورواتب بلا قيمة

كما أظهرت البيانات أن قطاع الضيافة/الترفيه هو الأكثر توظيفاً للخريجين الجدد بنسبة 21 في المئة، يليه قطاع الخدمات المصرفية/ المالية/ المحاسبة بنسبة 19 في المئة. وفي ما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، يُعتبر قطاع تكنولوجيا المعلومات/ الإنترنت/ التجارة الإلكترونية القطاع الذي يُتوقع أن يسجل أعلى معدل نمو العام المقبل في لبنان، مسجلاً نسبة 19 في المئة كأفضل قطاع من ناحية توفير فرص النمو الوظيفي، يليه قطاع الإعلان/ التسويق/ العلاقات العامة بنسبة 13 في المئة. أما القطاعات الأكثر جاذبية للإناث، فكان قطاع التعليم/ الأكاديميا بنسبة 30 في المئة.

وكشف الاستبيان أيضاً أن 18 في المئة من المهنيين في لبنان غيروا قطاع عملهم مرة واحدة على الأقل خلال العامين الماضيين، وكانت الرواتب الأفضل السبب الأساسي الذي دفعهم لتغيير قطاعهم. هذا ويفكر نحو نصف المهنيين في لبنان في تغيير القطاع الذي يعملون فيه خلال الأشهر القليلة المقبلة، إذ برز حجم الراتب وفرص التقدم الوظيفي كأهم الأسباب التي تدفعهم لذلك، في حين تبيّن أن قطاع الموارد البشرية هو أكثر القطاعات جذباً للمهنيين الذين يفكرون في تغيير قطاعهم بنسبة 11 في المئة.

شارك المقال