كيف يُصرف الـ1.135 المليار دولار؟

محمد شمس الدين

مليار ومئة وخمسة وثلاثون مليون دولار سيحصل عليها لبنان قريبا من اشتراكاته في صندوق النقد. يأتي هذا المبلغ إلى لبنان بالتزامن مع تشكيل حكومة جديدة بعد تعطيل لأكثر من سنة، والمبلغ الكبير هذا قد يكون له دور كبير في المساهمة بالتخفيف عن الشعب اللبناني حدّة الأزمة التي تثقل كاهله. لكن ما الضمانة أن لا يُهدر هذا المبلغ مثلما هُدرت مليارات أخرى؟ وأين يجب أن يصرف؟

نصار: للبطاقة التمويلية

أشار عضو تكتل الجمهورية القوية النائب أنيس نصار في حديثٍ لموقع “لبنان الكبير” أنَّ الحكومة هي المسؤولة عن المبلغ تقنياً، لكن في الواقع من سيشرف على صرفه هو مصرف لبنان. ويتخوف نصار من أن يكون الصرف مثل السابق بلا حسيب أو رقيب، مشدداً على ضرورة صرفه للبطاقة التمويلية، فهي على الرغم من شوائبها العديدة وتحولها إلى بطاقة انتخابية، إلا أنَّ شريحة كبيرة من المواطنين ستستفيد منها. وذكّر نصار بإهمال وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة الحريري السابقة، إذ عندما أراد التيار الوطني الحر التهرب من اتفاق معراب رمى هذه الوزارة للقوات اللبنانية، بينما اليوم هي أخرت تشكيل الحكومة فترة بسبب الاختلاف عليها، مما يعطي فكرة عن البطاقة التمويلية وأهدافها.

عبدالله: نرفض العودة للمخالفات السابقة

من جهته، أكدَّ عضو اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله موقف كتلته من موضوع المليار دولار، بتحديد أولويات ثلاث: الكهرباء، البطاقة التمويلية، والأمن الصحي والدوائي للناس، لافتاً إلى أنَّه لا يوجد أحد يجادل في أهمية هذه القطاعات.

وعن آلية صرف هذه الأموال، رأى عبد الله أنّه بحسب الأصول يكون على الحكومة أن تقترح ومجلس النواب يقرّ. وانتقد عبدالله المراسيم الاستثنائية التي كانت تصدر في حكومة تصريف الأعمال بين رئيسي الجمهورية والحكومة، مشيرا إلى أنّه ارتُكب في هذه الفترة كم هائل من المخالفات الدستورية والقانونية. وختم عبد الله بأنَّ ملفاً بهذا الحجم يحتاج إلى تغطية قانونية من مجلس النواب، وليس بمراسيم غبّ الطلب.

نجم: للاستثمار بالصناعة والطاقة

أما عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم، فرأى أنَّ الهدف الأول يجب أن يكون إعادة تشغيل الدورة الاقتصادية، ويجب صرف الأموال هذه على الصناعة والتنمية، وبدلا من إعطاء المواطن 100 دولار، يجب تأمين عمل له ولعائلته، أو على الأقل فلتؤمن له الكهرباء.

ولجهة آلية الصرف، أكدَّ نجم أنَّ هذا المبلغ سيودع بمصرف لبنان، لكن ليس بإمكانه التصرف به، بل سيكون بتصرف وزارة المال، والآن بوجود حكومة قائمة يجب إنجاز الموازنة. 

الحاج حسن: لوضع خطة اقتصادية

أما عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن، فاعتبر أنَّ الأولوية بالصرف يجب أن تذهب للكهرباء والمياه والنقل العام ضمن خطة اقتصادية شاملة واضحة، متوافقاً مع زميله في الكتلة النائب علي فياض الذي شدد على أهمية عدم صرف هذه الأموال ببعثرة غير مدروسة، ويجب درس موضوع الكهرباء بالدرجة الأولى، وقد تكون هذه الأموال فرصة لمعالجة ملف الكهرباء بصورة كبيرة.

أما لجهة الآلية، فيجب على الحكومة أن تعتمد الأطر والقواعد القانونية بالإنفاق وإظهار شفافية عالية، وذلك عبر مناقشة الملف بمجلس الوزراء ثم وضع المجلس النيابي بتفاصيل وجهة الإنفاق.

زعيتر: لعدم تكرار الفوضى السابقة

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر شدد على أهمية عدم تكرار الفوضى التي حصلت في المرحلة السابقة، وسياسات الدعم التي لم يستفد منها المواطن، مشيرا إلى أنّه يجب أن تعتمد الحكومة الأصول القانونية وتحديد الجهات المستفيدة من صرف هذا المبلغ، إن كان يحتاج إلى مراسيم أو قوانين يجب أن تقر. ولفت إلى أنَّ ظروف الأزمة الاقتصادية والاجتماعية واضحة اليوم، ويجب أن يتابع هذا الملف لمعرفة أين ستُصرف هذه الأموال.

أبو سليمان: لحماية المواطن بعد رفع الدعم

أمّا الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان فرأى أنَّ لبنان اليوم متجه لرفع الدعم، وهذا سيكون له تداعيات سلبية على الطبقتين الوسطى والفقيرة ويجب حمايتهما، وذلك عبر الدعم الموجه الذي قد يكون البطاقة التمويلية، التي ما زالت تحتاج إلى أكثر من شهر ونصف الشهر لتفعيلها، وأيضا عبر دعم القطاعات الحيوية مثل قطاعي الاستشفاء والتربية، وذلك ليتم تأمين أبسط مقومات الحياة للمواطن، وكي لا تحصل اهتزازات بالأمن الغذائي والصحي والاجتماعي.

ولفت أبو سليمان إلى أنّه يمكن استثمار هذه الأموال، إما بالنقل المشترك وهذا يكون تعويضاً عن رفع الدعم، أو عبر إنشاء معمل أو أكثر لتوليد الطاقة، وبهذا يتم التخفيف عن كاهل المواطن الذي يدفع فاتورتَيْ كهرباء.

عبر مقاربة أفكار هذه الكتل، اتفقت جميعها على أمرين، آلية الصرف التي يجب أن تتم بشفافية عالية، واستثمار هذه الأموال بقطاع الطاقة الذي يشكل العجز الأكبر للدولة المنهارة.

على أمل أن لا تدخل الشياطين البرتقالية في التفاصيل لحماية مغارة علي بابا بنسختها اللبنانية، “وزارة الطاقة والمياه”.

شارك المقال