دولار ميقاتي بكم بعد الثقة؟

ليندا مشلب
ليندا مشلب

هل يستطيع ميقاتي ان يخفض سعر الدولار؟ هو سؤال كل لبناني. والسبب اما للاطمئنان على ان موجة الغلاء الآخذة بالتصاعد ستتفرمل وتنخفض قليلا، واما لمعرفة ما اذا كانوا سيربحون او يخسرون بتصريف الدولار لكن لا احد من اللبنانيين يعتقد بسذاجة ان الدولار سيتخطى الـ١٠ آلاف نزولا.

يقول احد كبار الاقتصاديين لـ”لبنان الكبير”: “ان ثمن الدولار اقتصاديا وبالوضع النقدي الذي نحن فيه هو ١٦ الف ليرة خفّضوه سياسيا الى حدود الـ١٤ ألفا والاسبوع المقبل يرجح ان يعاود الارتفاع، إلا اذا اتانا من الخارج ٥ مليارات دولار كاش ضربة واحدة عندها يمكن توقع هبوط دراماتيكي للدولار الى حدود الـ١٠ آلاف لكن لا الـ٥ مليارات ستأتي ولا الاسبوع المقبل سيلوح الحل، حتى لو بدأنا التفاوض مع صندوق النقد وساعدنا البنك الدولي فنحن من الاساس مديونون، ومصرف لبنان عليه دين قديم بحدود المليار دولار لم يسدده بعد، وعليه تأمين مبلغ ٥٠٠ الى ٦٠٠ مليون دولار قيمة استيراد المواد الاساسية ولو رفع الدعم عنها، الا ان مهمة تأمين دولاراتها ستبقى على المصرف المركزي الذي سيشتريها من السوق طالما يحصر استيراد المحروقات والدواء والقمح عبره، او يقول للتجار اذهبوا واشتروا دولاراتكم من السوق السوداء وحولوها عبر مصارفكم ويحرر نفسه من هذه المسؤولية وهذا ما يسمى بتحرير الاستيراد”.

ومعروف ان استيراد هذه المواد منذ بدأ الدعم على الـ١٥٠٠، يخضع للآلية التي وضعها المصرف المركزي وبموافقة مسبقة، وللتجار مصلحة بهذه الآلية لكون المصرف يؤمن لهم الدولارات بأقل من سعر السوق حتى الآن. ومع الرفع التدريجي للدعم، دولار “المركزي” سعره أقل بالفين الى الفين وخمسمئة ليرة من سعر السوق على منصة صيرفة التي يحددها الحاكم ويتحكم بها، وهي متحركة واقل دائما من سعر السوق السوداء، لانه اذا ترك للتجار تأمين الدولار من السوق السوداء بأنفسهم سنصبح امام مخاطر قفز سعر الدولار الى الـ٥٠ الفا، لان التاجر الذي كان يحصل من المركزي على ١٠٠ مليون دولار شهريا سيضطر الى شرائها من السوق ومن الطبيعي ان يرتفع سعر الدولار عند زيادة الطلب عليه.

والنقاش الدائر اليوم هو: هل يبقي على امداد التجار بالدولارات على سعر صيرفة ويتحمل الفارق؟ أو يقول لهم عودوا الى نظام التجارة الحرة وامنوا اعتماداتكم بانفسكم. وهنا تظهر مخاطر توجه التجار الى التسعير والقبض بالدولار او بالعملة اللبنانية على سعر الصرف اليومي وخصوصا المحروقات…

هذا الامر اصبح واقعا لا مفر منه والحكومة الحالية لا تستطيع فعل شيء سوى انتظار استئناف التفاوض مع صندوق النقد رسميا منتصف تشرين الاول لمعرفة الاجراءات المطلوبة وامكان تمريرها من عدمه لان هناك خطوات سيطلبها صندوق النقد الدولي ولن يستطيع لبنان تطبيقها، وهي التحرير الفوري لسعر الصرف، وتحرير سعر فاتورة الكهرباء والغاء الدعم عن كل شيء بما فيها القمح والادوية المزمنة والمستعصية والغاء كل التقديمات الصحية والخدماتية. ومعروف ان هذه البرامج ليست مرنة وتأتي “block” للتنفيذ، فكيف ستتصرف الحكومة حيالها؟

اما بما خص لعبة الدولار فالامور اكثر تعقيدا مما يشاع، لان هذه اللعبة اصبحت مكشوفة فالصرافون يشترون الدولار حاليا ولا يبيعون الا على سعر عالٍ يتجاوز سعر السوق بـ٣ آلاف ليرة تقريبا، لانه في النهاية هناك معيارا، والصراف يعلم ان من يطلب منه الدولار من مضاربين ومصارف، على استعداد ان يدفعوا السعر الذي يريده مقابل لم الدولارات من السوق.

والخلاصة ان الحلحلة حصلت بالسياسة وليس بالنقد. فالدولار تتحكم فيه ٣ مسارات: الاول سياسي، والثاني تقني اقتصادي وعدم توفر العملة في ظل توقف دخولها من الخارج، والثالث المضاربة والسوق السوداء. ومعروف ان المضارب الاول والاكبر هو مصرف لبنان والثاني جمعية المصارف وحاليا ما يؤثر في لعبة الدولار هو الشق السياسي وهذا سقفه الفان الى ثلاثة آلاف ليرة فقط.

اذا هي مؤشرات وارقام وليست تمنيات وتوقعات، والعبور من ١٥٠٠ الى السعر الرسمي الجديد هو التحدي الكبير. صحيح ان معظم القروض شارفت على الانتهاء لكن لا ننسى ان معظم التسعيرات في الدوائر الرسمية لا تزال على سعر الـ١٥٠٠ وهذا سيتسبب بانهيار اجتماعي هائل… فهل سيترحم اللبناني على الفراغ الحكومي؟

المرحلة لا تقل خطورة والاكيد ان لبنان مع حكومة افضل بكثير من لبنان من دونها، فالحكومة التي تشكلت بـ”فلتة شوط” ستكون امام التحدي الاكبر، وعندها سيكتشف اللبنانيون ان دمعة رئيسها عند ولادتها لم تكن فرحا انما حزنا على ما ستقترفه ايديها رغما عنها.

شارك المقال