اخبار

المنافسة في “الشمال الثانية”: سجالات وشائعات مع رشى انتخابية

لا صوت يعلو في طرابلس فوق صوت المعركة الانتخابية التي يُتوقّع لها أن تكون “حامية” في دائرة الشمال الثانية التي تضمّ كلّاً من طرابلس، المنية -الضنية، وذلك نظراً الى احتمال تضمّنها الكثير من المفاجآت غير المتوقّعة يوم الانتخاب الذي قد يكون “مجيداً” لدى البعض، و”بغيضاً” لدى البعض الآخر.

في الأشهر القليلة الماضية، لم تُحاول اللوائح المشاركة في هذه الانتخابات ضمن هذه الدائرة والتي يبلغ عددها 11 لائحة، استمالة المقترعين أو تحفيزهم على المشاركة في الاقتراع بكثافة من خلال دعم مادّي يُقنعهم بضرورة ذلك، إلّا أن الأسابيع أو الأيّام القليلة الماضية شهدت قيام لوائح عدّة، منها سياسية وأخرى مدنية، بدفع أموال للناخبين من أجل التصويت لصالحها في يومٍ تبيّض فيه وجوه وتسودّ فيه وجوه. أمّا عن المقاطعة التي دعا إليها أنصار “المستقبل”، فتبدو من خلال إحصاءات أنّها لن تشهد إقبالاً عليها كالسابق، بسبب قلق الناخبين من “توسع نفوذ الأحزاب الممانعة في البلاد”، وذلك بحسب ما أقنعتهم اللوائح السياسية.

ووفق معطيات “لبنان الكبير” فإنّ فئة من الناخبين في هذه الدائرة، اختارت لائحة عمر حرفوش “الجمهورية الثالثة” على الرّغم من الحديث عن أنها تتبع جهات سياسية لا تُحبذها المدينة، كـ “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ”، ويتردد أن ذلك يرتبط بقيام البعض بإقناع الناس مقابل بدل مالي بالدولار. أمّا بالنسبة إلى اللوائح السياسية، فأشارت معلومات إلى تركيز لائحة “إنقاذ وطن” على هذا الشق المادّي على قاعدة “المندوبين” وسط حالة اعتراض على رئيس اللائحة أشرف ريفي جراء سماحه بدخول “القوات” الى طرابلس، وهو يعلم أزمة السنة مع معراب وسياستها من قانون العفو وصولاً الى استهداف موقع رئاسة الحكومة. ومن بعدها لائحة “الإرادة الشعبية” التابعة لرئيس تيار “الكرامة” النائب فيصل كرامي، بحيث لفتت معلومات إلى أنّ إحدى هذه اللوائح قامت بدفع ثمن تذاكر الطيران لبعض الناخبين الذي لم تتسنّ له الفرصة للانتخاب في الخارج، وذلك لقاء بدل مالي أيضاً للاقتراع في لبنان.

منافسة جدّية

لا تعوّل لوائح سياسية عدّة على الاحصاءات الصادرة خلال الأيّام الماضية والتي تلفت إلى الواقع الانتخابي، إذْ تُركّز اللوائح على معطيات جديدة قد تُغيّر في تفاصيل النتيجة، “فلا تُفيد إحصاءات، قد يُغيّرها الشعب في لحظات”، وفق ما تقول مرجعية طرابلسية لـ “لبنان الكبير”.

يُمكن القول إنّ اللوائح التي تشهد منافسة واضحة لا تشمل اللوائح الـ 11، إذْ تتنافس اللوائح التالية بوضوح: لائحة “للناس” وتحالف تيار “العزم” مع النائب محمّد كبارة، لائحة “لبنان لنا” برئاسة مصطفى علّوش وقدامى “المستقبل”، لائحة “الارادة الشعبية” مع تحالف كلّ من النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد مع “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” (الأحباش) وتيّار “المردة”، ولائحة “إنقاذ وطن” وتحالف اللواء ريفي مع “القوات”، هذا سياسياً، أمّا اللوائح المدنية/التغييرية فهي تتضمّن: لائحة “التغيير الحقيقي” برئاسة المغترب إيهاب مطر وبالتحالف مع مستقلين و”الجماعة الإسلامية”، “انتفض للسيادة… للعدالة” برئاسة رامي فنج التي يؤخذ عليها أن قرارها ليس طرابلسياً، لائحة “الجمهورية الثالثة” برئاسة عمر حرفوش التي بدأ تتفكك… وهي اللوائح الأكثر شهرة والتي نشرت تصريحات ومواقف عرّفت المواطنين على بعض مرشحيها، فيما يغيب “عن السمع” مرشحون كثر نظراً الى ثقتهم بالفوز كالمرشح طه ناجي (الإرادة الشعبية)، وغيره من المرشحين الغائبين قسراً بسبب سفرهم خارج البلاد مثلاً، إذْ لم يعد أيّ منهم إلى منطقته، سوى قلّة اضطرت الى المشاركة في الاحتفال أو المهرجان الانتخابي الخاصّ بمنطقتها على الرّغم من ثقتها بعدم قدرتها على إحداث خرق.

وتبقى المنافسة على المقاعد السنيّة الـ 5 مع حسم أربعة مقاعد منها، (يتقدّمها كلّ من ريفي ومطر وكريم كبارة وكرامي) هي الأكثر تداولاً، أمّا المقعد الماروني فيشهد منافسة كبيرة بين المرشحيْن سليمان جان عبيد (للناس)، وإيلي الخوري (إنقاذ وطن)، وبالتالي يُجسد المرشح الأرثوذكسي قيصر خلاط (للناس)، مع مرشح “المردة” رفلي دياب (الإرادة الشعبية) منافسة واضحة على المقعد.

وفي ما يخصّ المقعد العلوي، ترتكز المنافسة على ثلاثة مرشحين بصورة رئيسة، مرشح يدعمه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ أعوام وهو النائب علي درويش (الذي تلفت المعطيات إلى تراجع شعبيته في جبل محسن)، محمّد الطرابلسي (فيصل كرامي)، وبدر عيد (مصطفى علوش).

سجالات غير متوقّعة وانسحابات

بعد إعلان المرشحتين سوسن كسحة وديما ضناوي انسحابهما من لائحة “الاستقرار والانماء” (سوا للبنان) المدعومة من رجل الأعمال بهاء الحريري، علم موقع “لبنان الكبير” أنّ هذه اللائحة تُواجه انقسامات وأزمات بين أعضائها وداعمها، دفعت المرشّح عن المقعد السنّي في الضنّية عبد القادر الشامي، إلى انسحابه من عضوية اللائحة (ويقتصر عدد الأعضاء حتّى اللحظة على 7). وقال الشامي في بيان: “منذ ثورة 17 تشرين وبسبب المعاناة وفساد الدولة وفشلها في كل المجالات، قررت خوض الانتخابات النيابية، لكن المسيرة الانتخابية سارت عكس توقعاتنا، لذلك قررت الانسحاب مع العلم أن انسحابي لن يرضي أهلي وجمهوري والمحبين…”. كما لفتت المعلومات إلى أنّ بهاء الحريري الذي قرّر دعم اللائحة مادّياً، عبر دعم المندوبين، عاد وتراجع عن قراره مبتعداً عن فكرة دعمها منذ ساعات قليلة، ما تراه مرجعيات طرابلسية “اعترافاً وإدراكاً لخسارة محتمة شمالاً”.

أمّا عن لائحة “الجمهورية الثالثة”، فقد أطلق مجهولون النّار من سلاح حربي على مكتب انتخابي يقع قرب مقر جمعية “مكارم الأخلاق” الاسلامية مقابل سرايا طرابلس تابع لحرفوش، الذي كان أشار إلى مشكلات واجهها مع ثلاثة مرشحين بسبب “عدم تلقيهم البدل المالي”، مع العلم أنّ لائحة حرفوش كانت واجهت عراقيل عدّة منذ لحظة تشكيلها، وبعد تأكيده أن الأمر وصل إلى مرحلة “أنّ بعض أعضاء اللائحة طلب أموالاً مقابل امضائه على ورقة لتسجيل المندوبين المتجولين”، قال: “لا نستطيع محاربة الفساد بهذه العقلية، وعليه أطلب من المرشحين نزيه ذود وديالا الأسطا الاستقالة أو الانسحاب فوراً”، ولم يذكر اسم المرشح الثالث بسبب احتمال تراجعه عن طلبه في وقتٍ لاحق.

ولم تقتصر الأزمة على هذه التفاصيل فحسب، بل قيل إنّ حرفوش سافر من البلاد هرباً، لكنّه عاد وأكّد في تصريح تلفزيونيّ أنّه غيّر مكان إقامته نظراً الى تهديده بالسلاح، ما تراه المرجعيات “مبالغة إعلامية لاستعطاف الجمهور بعد ضربة قاسية تعرّضت لها اللائحة وأدّت إلى تراجعها، ومن المتوقع دفع المزيد من الأموال للناخبين من أجل الدعم”.

وأشعل المرشح أحمد الأمين (الإرادة الشعبية)، سجالاً عبر تصريح قال فيه: “كان المطلوب مني الانسحاب من لائحة فيصل كرامي لتدخل الجماعة الاسلامية فيها عوضاً عني، أيّ مقابل أن تدخل عبر مرشحها وأمينها العام عزّام الأيوبي مكاني، لكن النائب فيصل كرامي رفض، وفي اجتماع لي مع الجماعة قررنا احترام خيارات كل شخص، ولكن للأسف اتهموني بالتحالف مع حزب الله”. فيما نفت “الجماعة الإسلامية” ما صرّح به الأمين.

زر الذهاب إلى الأعلى