خاص

دائرة الشوف – عاليه: اختلافات بين المجموعات المدنيّة

تكتسب دائرة “جبل لبنان الرابعة” (الشوف – عاليه) عناصر مهمّة تميّزها عن سواها من الدوائر الانتخابية، في كونها ممثلة بعدد كبير من المقاعد النيابية (13 مقعداً) وتتميز بتنوّع سياسي وطائفي يبدأ من مقعدين مارونيين ومقعدين درزيين ومقعد أورثوذكسي في عاليه، ويُستَكمل بثلاثة مقاعد مارونية ومقعدين درزيين ومقعدين سنيين ومقعد كاثوليكي في الشوف. وإذا كانت المعركة الانتخابية في غالبية الدوائر محصورة بالأحزاب السياسية المحسوبة على فريقي 8 و14 آذار، فإن ما يضاف الى دائرة الشوف – عاليه يتمثل في الامكانية القابلة للخرق على صعيد قوى المجتمع المدني. وهذا ما تتشاركه هذه الدائرة مع دائرتي “بيروت الأولى” و”الشمال الثالثة”. لكن العامل غير المشجع للقدرة على تحقيق نتائج متقدّمة على صعيد قوى الانتفاضة، يتمثل في الانقسام الحاصل ما بين قوى تؤيد التحالف مع حزب “الكتائب”، بما يشمل المجموعات المنضوية في “جبهة المعارضة اللبنانية” حيث يعمل حزب “تقدم” على تشكيل لائحة في الدائرة بإسم “جبهة المعارضة”. وفي المقابل، ثمة مساعٍ يقودها تنظيم “لحقي” لتشكيل لائحة أخرى، وهو تنظيم ناشط على صعيد الشوف تحديداً. وعلم “لبنان الكبير” أن الاختلافات القائمة بين التنظيمين تدور حول التحالف مع حزب “الكتائب” أولاً (ترفض بعض المجموعات الدائرة في فلك “لحقي” التحالف أو الحصول على الدعم بالأصوات التفضيلية من المناصرين والمحازبين الكتائبيين)، علماً أن مشاورات كانت جرت على مستوى اجتماعات ضمّت ناشطين في كلّ من “لحقي” و”تقدم” خلال الأسابيع الماضية ولم تصل إلى نتيجة. ويعتبر “لحقي” أن القاعدة الشعبية المحسوبة على النفس التغييري ترفض التحالف مع “الكتائب”، في وقت تجدر الإشارة إلى أن “الكتائب” لا يتجه حتى اللحظة إلى اختيار مرشح عنه في الدائرة بل دعم مرشحي “جبهة المعارضة”.

وعلم “لبنان الكبير” أن مرشحَيْن حسما على صعيد لوائح المعارضة سيترشّحان عن حزب “تقدّم” بما يشمل مارك ضو عن مقعد درزي في عاليه ونجاة صليبا عن مقعد ماروني في الشوف. وتتمحور الذبذبات التي انطلقت في الأسبوعين الماضيين والتي زادت حجم الاختلافات بين عدد من المجموعات إضافة إلى الاختلاف في المقاربة حول الاتجاه نحو التحالف مع حزب “الكتائب” من عدمه، حول أسماء المرشّحين على صعيد المقاعد الأضعف وتحديداً المقعد الماروني الثالث في الشوف الذي يعتبر الأضعف الأكثر قدرة على تحقيق خرق من خلاله في حال بلوغ الحاصل الانتخابي. وثمة من يعترض على اسم نجاة صليبا ويسعى الى ترشيح اسم آخر عن المقعد نفسه في الشوف، بما يجعل “ستاتيكو” المجموعات مقسوماً إلى اتجاهين اثنين: قسم محسوب على مجموعات يمينية أو وسط يمين بالتحالف مع “الكتائب”. وقسم محسوب على توجه يساري أو مناطقي يتجه الى تشكيل لائحة ثانية. ويذكّر هذا الواقع بالنتيجة التي وصلت اليها مشاورات القوى والمجموعات المحسوبة على المجتمع المدني في مرحلة ما قبل الانتفاضة عام 2018، عندما انقسمت المجموعات بين لائحة “كلنا وطني” التي شملت شخصيات مستقلة ويسارية وشيوعية سابقة، ولائحة “مدنية” التي تشكلت من أسماء ناشطة قطاعياً أو سياسياً على صعيد الشوف وعاليه. ولكن ما يختلف في الدورة الانتخابية المقبلة هو الاتجاه نحو التحالف بين فريق من هذه الشخصيات الذي بات منضوياً في اطار مجموعات “جبهة المعارضة اللبنانية”.

ماذا عن حظوظ الخرق الممكنة لجهة المجتمع المدني في دائرة الشوف – عاليه؟ تلفت المعطيات إلى أهمية اضافية تتمتع بها هذه الدائرة لجهة كثافة عدد الناخبين المغتربين المتحدرين منها الذين سجلوا أسماءهم للاقتراع، وقدرتهم على التأثير بما يقارب مقعدين انتخابيين. ويضاف الى ذلك القدرة التلقائية التي كان باستطاعة قوى المجتمع المدني تحقيق خرق واحد على الأقل في حال وحّد جهوده في الدورة الانتخابية النيابية الماضية. وفي حديث الأرقام، بلغ عدد المغتربين الذين سجلوا أسماءهم للانتخاب في قضاء عاليه 10183 صوتاً، في مقابل 15848 صوتاً سيقترعون لأحد مرشحي قضاء الشوف استناداً الى القانون الانتخابي الحالي. ويتمثل العامل اللافت حتى اللحظة في انخفاض عدد المرشحين المستقلين الذين يعتزمون الترشح عن دائرة الشوف باستثناء عدد من الناشطين الذين سيعمدون إلى تشكيل لوائح المجتمع المدني، في وقت يعزو متابعون ذلك إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي أدت بالكثير من الراغبين في اتخاذ قرار الترشح على صعيد شخصي الى التراجع عن القرار، بالاضافة الى التشكيك بأن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها المحدد في أيار المقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى