خاص

فبركة فركشات انتخابية… ومسؤولية التطيير “خفية “

الانتخابات النيابية قائمة في 15 أيار المقبل، ولا يجوز التأجيل أو التطيير تحت أي ذريعة أو سبب، هذا ما يجاهر به الجميع من أحزاب وتيارات ومستقلين ومجتمع مدني إلا ان ما يجري الحديث عنه في الأروقة السياسية، ويتم تسريبه عبر مصادر يؤكد ان منسوب تأجيل الانتخابات يرتفع يوما بعد يوم ونحن على بعد شهرين من الاستحقاق الدستوري.

تواتر أخبار التأجيل على هذا النحو في وقت يحرص فيه الجميع على تقديم شهادة “براءة ذمة” في هذا الاطار، توحي بأن هناك أشباحاً تسللوا الى الساحة السياسية لينشروا الاشاعات والبلبلة بين الناس غير المتحمسين أصلا للانتخابات، لكن القراءة الواقعية والموضوعية لتسارع الاحداث والاوضاع المستجدة والتغيّر في المزاج الشعبي تشير الى أن هذه الأشباح ليست خيالية بل تعكس حقيقة النوايا لدى البعض بتأجيل الاستحقاق الدستوري لأن النتائج لن تأتي على قدر الامنيات والطموحات.

وعلى ما يبدو، فإن انتشار أخبار التأجيل بوتيرة متسارعة، وصلت الى آذان السفراء والديبلوماسيين الاوروبيين والغربيين الذين لطالما دعوا الى اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وكثّفوا من حركتهم باتجاه المسؤولين اللبنانيين، واستفسروا منهم عن صحة ما يتم تداوله والاسباب الكامنة وراءه. مع العلم انه جرى تسريب معلومات تؤكد ان فكرة تأجيل الانتخابات أصبحت واردة حاليا أكثر من أي وقت مضى، لدى عدد من الاطراف خصوصا في ظل الظروف القاسية التي تحاصر الناس من كل الجهات، وآخرها تداعيات الحرب الروسية – الاوكرانية التي تجلّت بارتفاع جنوني في أسعار البنزين والمازوت والغاز وغيرها الكثير من المواد الاستهلاكية.

وفيما لفت مصدر متابع لـ”لبنان الكبير” الى ان الديبلوماسيين والسفراء الاجانب باتوا يهضمون فكرة تأجيل الانتخابات والتمديد للمجلس النيابي الحالي شرط ان يتم التوافق على انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية بعد انتهاء الولاية الرئاسية الحالية في تشرين الاول المقبل، شدّد المصدر عينه على ان اصرار رئيس الجمهورية على انشاء مراكز “الميغاسنتر” خلال المدة القصيرة الفاصلة عن الانتخابات لا يمكن “صرفها” وتبريرها الا في اطار التأجيل، ولو كانت النوايا سليمة، لماذا لم يتم طرح هذا الموضوع والاصرار عليه منذ أشهر خصوصا ان وزارة الداخلية أنجزت اجراءاتها لهذا الاستحقاق من دون الأخذ بالاعتبار هذا الطرح لأنه لم يكن في التداول؟.

وفي وقت تحاول فيه بعض الاحزاب والتيارات إظهار الانتخابات وكأنها تسير على السكة الصحيحة، وتطلق ماكيناتها الانتخابية، وتعلن مرشحيها في مختلف الدوائر إلا انهم يعانون من تعثر في استكمال اللوائح ومن انتقاء المرشحين، يراود اللبنانيين الكثير من الاسئلة حول المسار الانتخابي وان كان سيتم الاستحقاق في موعده أو سيتم تأجيله؟ وما حقيقة المُتداول به بأن السفراء الاجانب يوافقون على التمديد للمجلس النيابي شرط انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية؟.

أبو فاضل: بلبلة وفركشات مدروسة لتطيير الانتخابات

اعتبر المحامي والمحلل السياسي جوزف أبو فاضل ان “رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل والتيار الوطني الحر لا يريدون انتخابات نيابية لأن لديهم الاكثرية المسيحية حاليا، ولا يضمنون تحقيق هذه الاكثرية في الانتخابات المقبلة، لذلك يحبّذون ويسعون الى تأجيل الانتخابات، وينتظرون ظروفا ما تطرأ على الساحة الداخلية، لاستثمارها في الانتخابات، وذلك إما من خلال تحقيق أي مكسب مع المصارف تحت شعار استرداد أموال المودعين أو اقالة حاكم مصرف لبنان”.

وتحدث عن الحجج التي قدمها “التيار الوطني الحر” بهدف تأجيل الانتخابات “بدءا من حالة الطقس في 27 آذار مرورا برسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي حول موعد الانتخابات واقتراع المغتربين ثم الطعن الذي قدمه التيار أمام المجلس الدستوري الذي خلص الى لا قرار، والحديث عن شحّ في الاموال لتمويل الانتخابات، والاصرار على مراكز (الميغاسنتر) وتأليف لجنة لمتابعة الموضوع مع العلم ان تقرير وزارة الداخلية المعنية بتنظيم العملية الانتخابية يؤكد استحالة اقامة المراكز في هذه المدة القصيرة قبل أسبوع من اقفال باب الترشيحات الذي بلغ 128 مرشحا حتى اليوم”.

وأضاف: “الجميع بانتظار مسار الانتخابات، والسلطة السياسية غير متضررة وغير منزعجة أبدا من التأجيل ان كان لناحية حزب الله أو حركة أمل أو الحزب الاشتراكي أو التيار الوطني الحر الذي يستفيد من التأجيل بينما التمديد يضر فقط القوات اللبنانية التي تسعى الى كسب أكثر من 15 مقعدا (20 مقعدا) كما يزعج حزب الكتائب اللبنانية والنواب المستقيلين والمجتمع المدني، معتبرا ان التمديد لمجلس النواب لمدة سنة كما حصل مع المجالس البلدية والاختيارية يعني اننا أجلنا الازمة مدة سنة وربما يحصل ما هو غير متوقع في هذه المرحلة”.

وتابع: “الخطة “أ” هي تأجيل الانتخابات وتطييرها، أما الخطة “ب” فتتمثل بجرأة وامكانية أي طرف من السلطة أن يتحمل مسؤولية التأجيل أو التطيير الذي يمكن ان يحصل من بوابة الاصرار على الميغاسنتر، مشيرا الى انه طالما لم تقرّ الدائرة 16 هناك خطر على الانتخابات لأن أصوات المنتشرين ستغيّر في النتائج خصوصا في المناطق المسيحية”.

وشدّد أبو فاضل على ان “البلبلة والفركشات المدروسة على أكثر من صعيد في الاستحقاق الدستوري تهدف الى تأجيل الانتخابات وتطييرها، لافتا الى ان التيار الوطني الحر والنائب باسيل يقومان بما أمكن كي لا تقع على عاتقهما مسؤولية تأجيل الانتخابات خصوصا ان النائب باسيل أكثر شخص يتعرض للانتقاد نتيجة أدائه السيء”.

ورأى ان “العملية الانتخابية ليست مضمونة كما يراها البعض، وفي حال حصلت، هناك تشكيك بنتائجها خصوصا لناحية الاقتراع في الخارج والتلاعب بصناديقها، بالاضافة الى الحرب في أوكرانيا التي خلطت الاوراق في أوروبا. وفي حال استمرت الحرب، سيكون لها تداعيات على الوضع اللبناني وعلى السفارات في الخارج حتى ان وزير الخارجية يلمّح الى أن السفارات لا تملك القدرة المادية لاجراء الانتخابات، وهذا يأتي في اطار تأجيل الاستحقاق الدستوري”.

وعما اذا كان هناك طرح فرنسي – أميركي يقضي بالموافقة على التمديد للمجلس النيابي شرط انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية، أشار الى انه علينا ان نعرف ما هو التوجه الايراني ومصلحة حزب الله في لبنان، معتبرا اننا امام مشهد جديد في ظل غزل رئيس الجمهورية مع الاميركيين والتنازل في ترسيم الحدود، وما لهذا الامر من علاقة في قضية العقوبات على النائب باسيل”.

وختم أبو فاضل: “علينا انتظار آخر الاسبوع الحالي ليتبين الخيط الاسود من الخيط الابيض وما اذا كانت الانتخابات ستجري في موعدها. كل من يقول اننا نريد الانتخابات وتعبيد الطريق امام الاستحقاق الدستوري، يكون يرفع مسؤولية التأجيل عن كاهله ويضعها عند غيره، لكن في النهاية هناك فريق سيتحمل مسؤولية التأجيل اما من باب الوضع الاقتصادي او من باب الشح في المواد الغذائية اذ ان المواطن لا يبالي بالانتخابات وهو جائع، ولا يمكنه الاقتراع وصفيحة البنزين ربما تصل الى المليون ليرة”.

زر الذهاب إلى الأعلى