خاص

البحث عن خرق نيابي شيعي في 3 دوائر

حتى وإن بدا من الصعب تحقيق خروقات انتخابية وازنة على صعيد المقاعد الشيعية النيابية، إلا أنّ المساعي الهادفة الى النجاح في هذه المهمة انطلاقاً من الوصول إلى خرق واحد على الأقلّ مأخوذة في الاعتبار على صعيد حسابات القوى والأحزاب والشخصيات المستقلّة المحسوبة على المحور السيادي. ولا يلغي ذلك التسليم بمعطى موضوعي يشير إلى انعدام فرص الخرق في عدد من الدوائر الانتخابية لاعتبارات متعلّقة بكثافة عدد المقترعين المؤيدين لخط “الثنائي الشيعي” السياسي وحصر عدد المقاعد النيابية الشيعية بمقعد واحد، كما هي الحال في دائرة البقاع الغربي بحيث يضطلع الناخب الشيعي بدور في التأثير على موازين انتخاب نائب اضافي عن مقعد محسوب على مذهب آخر إلى جانب المقعد الشيعي الذي يتمثل في العادة من خلال مرشح حركة “أمل” التي ترشّح في الانتخابات النيابية المقبلة قبلان قبلان بدلاً من النائب محمد نصرالله، لاعتبارات تعتبر أنها متعلقة بحضوره المناطقي وقدرته على استقطاب الناخبين في دائرة “البقاع الثانية”. والحال هذه تنطبق أيضاً على دائرة زحلة حيث تصبّ الأصوات الشيعية لمقعد واحد فحسب، بما يعزّز فوز مرشح “حزب الله” بشكل شبه محسوم.

ماذا عن الدوائر الانتخابية التي من شأنها أن تشكّل أرضية جديّة للوصول إلى خرق انتخابي شيعي على صعيد المقاعد النيابية؟ علم “لبنان الكبير” أن الحماسة التي كانت قائمة لجهة امكان الوصول إلى خرق انتخابي على صعيد المقعد الشيعي في دائرة كسروان – جبيل على صعيد أكثر من حزب وشخصية سيادية فاعلة في المنطقة قد تراجعت في الأسابيع القليلة الماضية، لاعتبارات مرتبطة باتجاه “حزب الله” نحو توحيد لائحته مع “التيار الوطني الحر” بما يعني تأمين الحاصل الانتخابي الأول في اللائحة لمصلحة مرشّحه رائد برو، نظراً الى عملية صبّ الأصوات التفضيلية المكثفة لمصلحته بما يزيد عن 8 آلاف صوت تفضيلي، ما يجعل نجاح أي نائب آخر في اللائحة كخيار ثانوي في حال النجاح بالوصول إلى حاصل انتخابي ثانٍ أو ثالث أو أكثر. وفي حديث الأرقام، يحتاج مرشح “حزب الله” الى ما يقارب 3 آلاف صوت إضافي في الدائرة لبلوغ الحاصل الانتخابي، وهذا ما لم يستطع تأمينه التحالف السابق مع جان لوي قرداحي على عكس القدرة شبه المؤمنة للوصول إلى الحاصل الانتخابي من خلال التحالف بين الحزب والتيار.

ومع شبه انتفاء القدرة على الخرق في مقعد جبيل الشيعي، تبدو الأنظار متجهة نحو دائرة بعلبك – الهرمل والرهان القائم على صوت شيعي معارض حتى وإن شكّل ما يقارب 10% فحسب من عدد الناخبين الشيعة في المنطقة. وينبثق التركيز على أهمية هذه الدائرة انطلاقاً من حضور الصوتين المسيحي والسني فيها. كما بروز الصوت الشيعي المعارض انطلاقاً من انتفاضة 17 تشرين، بحيث شهدت الدائرة مشاركة شعبية لافتة في التظاهرات المناطقية. ولا يغيب عن الصورة أيضاً عدم رضا شريحة من القواعد الشعبية في المنطقة عن أداء بعض نواب “حزب الله” والحزازات التي جرت خلال الأشهر الماضية مع مرافقي عدد منهم ومطالبة هذه الشريحة بتغيير الوجوه النيابية في المنطقة. وهذا ما لم يحصل مع إعلان الحزب إعادة ترشيح الطاقم القديم لدورة جديدة. ويضاف إلى النقاط المشجعة لمصلحة الخرق، بروز وجوه شيعية معارضة على عكس دوائر أخرى واعتزامها تشكيل لوائح بأساس شيعي. ويُذكر هنا لائحة الشيخ عباس الجوهري الذي يرأس حراكاً انتخابياً معارضاً في بعلبك – الهرمل. كما تستعد وجوه شيعية محسوبة على انتفاضة 17 تشرين لتشكيل لائحة مرتبطة بشخصيات ذات طابع مدني وقطاعي. وقد ترفع طريقة صبّ أصوات قوى 8 آذار فرصة الخرق الشيعي في حال التركيز على الفوز بالمقعد الكاثوليكي.

واضافة إلى الحراك المعارض الهادف للوصول إلى خرق انتخابي على صعيد دائرة بعلبك – الهرمل، ثمة رهان معارض أيضاً على احتمالية الخرق في دائرتي “الجنوب الثانية” (صور، الزهراني) و”الجنوب الثالثة” (حاصبيا، مرجعيون، النبطية، بنت جبيل) على الرغم من ارتفاع الحاصل الانتخابي البالغ 20 ألف صوت في كلتا الدائرتين. وينطلق الرهان من أن نسبة الأصوات المطلوبة لتحقيق خرق في “الجنوب الثانية” تبلغ 15% فحسب في حديث الأرقام من مجموع أصوات الناخبين استناداً إلى دورة 2018 الانتخابية النيابية. ويرجَّح أن تنخفض نسبة المقترعين إلى مستويات أدنى في استحقاق الانتخابات المقبلة، بما يساعد أكثر على تحقيق احتمالية الخرق النيابي. ويأتي ذلك في وقت بدأت تنقشع مبادرات محسوبة على المجتمع المدني في دوائر الجنوب، مع معطيات تشير إلى رهان وجوه في الانتفاضة على تشكيل لوائح موحّدة في هذه الدوائر لاعتبارات انخفاض عدد المجموعات الناشطة بما يسهّل امكان التوافق بينها كما وضوح الخصم السياسي المتمثل بنفوذ “حزب الله”. وكان أطلق قبل أيام إطار سياسي انتخابي موحّد في دوائر الجنوب الثلاث تحت مسمّى “الجنوب معاً”، الذي يضمّ قوى تغييرية وشخصيات مناطقية وائتلافات معارضة. ويعوّل مواكبون على قدرة الائتلاف على تحقيق نتائج – وإن خجولة – على الأرض انطلاقاً من وحدة صفوفه. وفي المقابل، يتمثل المعيار المصنّف في خانة التحديات التي قد تواجه العمل من أجل الخرق في “الجنوب الثانية” و”الجنوب الثالثة” بالضغط المعنوي الذي يمكن أن يمارسه “حزب الله” على الناخبين في هذه المناطق بما يمكن أن ينعكس على أي اندفاعة معارضة. ومن هنا، تتمثل الأهمية في قدرة المسعى المعارض على الاستمرار وعدم التوقف أمام أي ضغوط قد يواجهها على صعيد الدائرتين.

زر الذهاب إلى الأعلى