خاص

خطاب بري الانتخابي… رسائل متعددة الاتجاهات

عقد الرئيس نبيه بري الاثنين المؤتمر الصحافي المتعلق بالانتخابات، وأعلن فيه برنامج كتلة “التنمية والتحرير” ومرشحيها الـ 17 في مختلف الدوائر، ولكن لم يخل خطابه من رسائل متنوعة في مختلف الاتجاهات. فما هي هذه الرسائل؟ والى من توجهت؟

الخارج وأدواته الداخلية

اعتبر الرئيس بري الاهتمام الدولي والاقليمي غير المسبوق بالانتخابات النيابية اللبنانية شبه تدخل بالاستحقاق، على الرغم من أن العالم على شفير حرب عالمية ثالثة. ولفت الى محاولات تشويه وافتراءات بلغت ذروتها منذ ثلاث سنوات، محذراً من استثمار جوع الناس لتسييله في صناديق الاقتراع، كمحاولة لتغيير وجه لبنان عبر أدوات داخلية، تموّل من الخارج، وهو بذلك أوصل رسالة الى “المركمجين” على أوجاع الناس، الذين يحاولون استغلالهم من أجل أجنداتهم الخاصة، الدخيلة على المجتمع اللبناني. ونبّه على مشاريع الفتن المذهبية والطائفية، داعياً الحركيين الى أن يوجهوا صفعة الى هؤلاء والى المسيئين بالكلام أو الممارسات الشاذة في الشارع، والمعتدين على الأملاك الخاصة والعامة. ورأى أن الانتخابات يجب ألا تشكل قلقاً في التصويت، خاصة في مدينة صور، مطالباً بأن تكون استفتاء بحجم ما قدمته مدينة الامام الصدر.

حسم الانتخابات والتشديد على الطائف

حسم الرئيس بري إجراء الانتخابات في موعدها بعد كل محاولات التعديل والتأجيل والتسويف، من دون أن يسمّي الساعين إلى ذلك، ولكن كل اللبنانيين يعرفون من يحاول اليوم تأجيل الانتخابات، تارة عبر حصر المغتربين بـ 6 نواب، وتارة أخرى عبر “ميغاسنتر” مستحيل تحقيقه في هذا الظرف. وكذلك صوّب بعنف على الفريق نفسه الذي يبدو أنه باتت لديه نوايا تقسيمية، عبر طرح لامركزية إدارية على هواه وليس كما نص اتفاق الطائف، مشدداً على التمسك بهذا الاتفاق كرسالة إلى كل من يعنيهم الأمر، لا عقد اجتماعياً جديداً، لا فدرلة، ولا غيرها، الطائف يجب أن ينفذ قبل التفكير في بديل.

ترسيم الحدود

ولم ينس الرئيس بري ملف ترسيم الحدود البحرية، موجهاً سهامه نحو كل من يحاول المتاجرة أو المزايدة في هذا الملف، الذي هو ملف سيادي بامتياز لا يجوز ربطه بأي استحقاقات محلية أو دستورية أخرى. وشدد على عدم التفريط بكوب ماء واحد، مذكراً بأن اتفاق الاطار هو أساس التفاوض.

المحتكرون وتنفيذ القوانين

كما خصص الرئيس بري جزءاً من خطابه للهجوم على الاحتكار والمحتكرين، مطالباً بتنفيذ القوانين، ولا سيما أن قانون المنافسة لم يوقع، من دون أن يسمّي الرئيس ميشال عون الذي لم يوقعه. وكذلك لفت الانتباه إلى القوانين التي أقرها مجلس النواب ولم تنفذ بعد، ولم تصدر مراسيمها التطبيقية، مثل قانون الشراء العام، وتشريع زراعة القنب الهندي.

الترشيحات والتغييرات الأربعة

أما لجهة الترشيحات، فقد تغيرت أربعة أسماء في كتلة “التنمية والتحرير”: النائب ياسين جابر حل مكانه ناصر جابر، وهو كسلفه رجل أعمال، وأعماله في أفريقيا، وتقول المعلومات إن تغيير جابر جاء بسبب الأجواء التغييرية في البلد.

أما أشرف بيضون الذي حل مكان النائب علي بزي، فالتغيير أتى أيضاً بسبب الجو التغييري في البلد، وفي منطقة بنت جبيل لطالما كانت المنافسة بين العائلتين الكريمتين آل بزي وآل بيضون، وبما أن لبنان في زمن التغيير، يبدو أن الدور اليوم لآل بيضون كي يكون المقعد النيابي من نصيبهم. والمرشح بيضون محام وموظف في مجلس النواب، والتغيير في هذا المقعد سلس كونه اعتبر وفق المعلومات مداورة بين العائلات.

ولجهة المقعد الدرزي في حاصبيا، فإن التغيير سببه التقدم في السن للنائب أنور الخليل، وحصلت مشاورات عدة لاختيار الاسم الذي سيخلفه ليرسو الأمر أخيراً على مروان خير الدين رئيس مجلس إدارة “بنك الموارد” كتسوية، وهو إرسلاني وصديق لوليد جنبلاط.

أما مقعد البقاع الغربي، فلم يكن مفاجئاً أساساً، لأن قبلان قبلان هو من الكوادر الحركية العريقة، ومحبوب من الجمهور الحركي، ولديه شعبية كبرى في البقاع الغربي، كونه رجلاً خدماتياً من الدرجة الأولى.

يبدو أن الرئيس بري يستشعر لعبة ما تحضر للبنان، وعلى الرغم من أن الخطاب تقليدي شكلياً، الا أن المضمون غير تقليدي أبداً، بحيث وجه رسائل الى الخارج صاحب الأجندات غير النظيفة للبنان. وبـ “أستذته” وجه رسائل الى المتاجرين بالقضايا العامة من أجل مصالحهم الشخصية من دون أن يسمّيهم. كذلك كانت رسائله الى من يعوّل على الخارج وتمويله، داعياً جمهوره إلى كظم الغيظ وأن يكون على قدر التحدي، وطبعاً كالعادة جدد المطالبة بنبذ الطائفية وخطابها لشد العصب الانتخابي.

زر الذهاب إلى الأعلى