خاص

العزوف الانتخابي “المؤثّر” للحريري على 9 دوائر

لعلّ التعمّق في تفاصيل الصورة الانتخابيّة يبرز بوضوح الافتقاد الذي سيتركه عزوف الرئيس سعد الحريري وتيار “المستقبل” عن الترشّح أو الترشيح، على الرغم من كلّ المحاولات الهادفة إلى استنهاض الشارع السنيّ والإشارة إلى أهميّة المشاركة في الانتخابات كموقف صادر عن دار الفتوى بشخص مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. وتبدو ارتدادات انسحاب زعيم “المستقبل” أبعد وأعمق من كلّ التفاصيل الاضافية، علماً أن الحريري بذاته لم يدعُ إلى مقاطعة الانتخابات. وهنا تؤكد مصادر رسمية في تيار “المستقبل” عبر “لبنان الكبير” أن خيار “التيار الأزرق” هو ترك الحرية للناخبين في اتخاذ القرار الذي يعتبرونه مناسباً لجهة كيفية مقاربة الاستحقاق الانتخابي.

وبمعنى أكثر وضوحاً، يترك “المستقبل” القرار لجماهيره المؤيدة لخطّه السياسي لجهة المشاركة أو المقاطعة أو التصويت بورقة بيضاء. وهو لن يدعم أي مرشح بشكل مباشر أو غير مباشر، خلافاً للتحليلات التي تم تناقلها خلال الأسابيع الماضية عن نيته التأثير في الانتخابات بطريقة غير مباشرة أو من الخلف. كما أن قرار زعيم “المستقبل” نهائي وحازم في الاعتكاف وعدم المشاركة في الاستحقاق الانتخابي. وتشير المصادر إلى أن الأسباب التي تناولها الرئيس الحريري وأدت به إلى اتخاذ قرار العزوف كافية للتأكيد على جدية القرار وعمقه، وأنه لم يتخذ بأي شكل في سبيل المناورة، مشددة على أن ما من امتيازات ستمنح لأي شخصية في أي منطقة أو دائرة لناحية التعامل مع مسألة الانتخابات.

إلى ذلك، علم “لبنان الكبير” أنّ الزيارة التي قامت بها رئيسة كتلة “المستقبل” النائب بهية الحريري إلى الامارات العربية المتحدة قبل أيام والتقت خلالها الرئيس الحريري، تمحورت حول ثلاثة استنتاجات تأكدت بعد عودتها من أبو ظبي. ويتمثل الاستنتاج الأول في أن الزيارة أكدت عدم ترشح النائب الحريري شخصياً في صيدا. أما الاستنتاج الثاني فهو عدم تبني ترشيح أي شخصية مقربة أو محسوبة شعبياً على تيار “المستقبل”. وينطلق الاستنتاج الثالث من التأكيد على عدم توجيه جمهور “التيار الأزرق” للتصويت في أي اتجاه داعم لأي مرشح للانتخابات.

ينطلق التلاقي في المعطيات التي تصبّ جميعها في مقاربة واحدة تعبّر عن وجهة نظر تيار “المستقبل”، من عدم التعويل على قدرة الاستحقاق الانتخابي على تغيير تفاصيل المعادلة الراهنة. وعلى تنوع وجهات النظر لناحية أهمية المشاركة الشعبية في الانتخابات من عدمها، فإن المؤكد أن غياب “الناخب السني الأول” عن الترشح سيترك أثره هموداً على واقع المشاركة الانتخابية الشعبية. ويضطلع الناخب السني بدور أساس في 9 دوائر رئيسية، هي توالياً: “بيروت الثانية” التي يقرأ مواكبون أنها ستكون الأكثر تأثّراً بالغياب الحريريّ، إضافة إلى غياب الرئيس تمام سلام والشخصيات السياسية السنية البيروتية عن الساحة الانتخابية. وتشير الأجواء إلى منحى كارثي ستتّخذه اللوائح على صعيد الدائرة، والتي يمكن أن يصل عددها إلى 10 نتيجة صبّ المجموعات والقوى المحسوبة على المجتمع المدني والشخصيات المستقلة تركيزها على هذه الدائرة، وعدم اتفاقها على خوض الاستحقاق على لوائح موحدة حتى الساعة. وثمة من يحذّر من استفراد “حزب الله” وجمعية “المشاريع” بدائرة “بيروت الثانية” بما يعزّز تحقيق تقدّمه انتخابياً.

إلى دائرة “جبل لبنان الرابعة” (اقليم الخروب) حيث الهمود السني مستمر بالنسبة الى الاستحقاق الانتخابي على الرغم من تعويل البعض على اسم سعد الدين الخطيب كشخصية “مستقبلية الهوى”. وتعتبر مصادر سياسية مواكبة لواقع الاقليم عبر “لبنان الكبير” أن فرص فوز الخطيب غير مضمونة في ظلّ أجواء تشير إلى عدم اتخاذ شرائح من السنّة في المنطقة الانتخابات على محمل الجد وتأثير عزوف النائب محمد الحجار في المنحى الانتخابي المرتبط بقواعد تيار “المستقبل”.

وإلى جانب صيدا وبيروت والاقليم، يؤثر عزوف الرئيس الحريري مباشرة في دوائر الشمال الثلاث. في عكار، تبدو الصورة أكثر وضوحاً مع حفاظ النائبين محمد سليمان وهادي حبيش على تماسك شعبي واتجاههما الى خوض الانتخابات انطلاقاً من شعار “الوفاء لسعد الحريري”. كما أن الأجواء تشير الى حماسة أكبر في عكار لدى القواعد السنية للمشاركة الانتخابية. وفي طرابلس – المنية -الضنية، “عجقة” انتخابية وزحمة مرشحين غير مسبوقة، مع وجوه يمكن أن تساهم في ضمان بعض التماسك الانتخابي السني انطلاقاً من بعد مناطقي مرتبط بعوائل وتيارات سنية مشاركة. كما تحضر ملائكة سعد الحريري في “الشمال الثالثة” على الرغم من غياب تمثل المنطقة بمقاعد سنية، لكن للناخب السني دوره في التصويت من دون أن تظهر أي اتجاهات انتخابية يمكن أن يسلكها حتى اللحظة.

التأثير السني كبير في دوائر البقاع الثلاث أيضاً. في زحلة، يلقي عزوف النائب عاصم عراجي بثقله على المنطقة لاعتبارات ارتباط شعبيّته بمنطلقات عائلية كما مرتبطة بتيار “المستقبل”، علماً أن المعطيات تؤكد أن عراجي كان يعتزم سلوك خيار الترشح قبل أن يقرر اختيار قرار العزوف في الأيام الأخيرة. وفي دائرة بعلبك – الهرمل، هناك محاولات قائمة من أكثر جهة ساعية إلى خوض الانتخابات بما في ذلك مجموعات محسوبة على الانتفاضة للعمل على كسب الصوت السني المؤثر على أكثر من حاصل انتخابي. أما في دائرة البقاع الغربي، فيترك ترشح النائب محمد القرعاوي اتجاهاً سياسياً انتخابياً مرتبطاً باعتبارات مناطقية كما سياسية عامة.

زر الذهاب إلى الأعلى