خاص

نوايا “حزب الله” للتسلّل والتمدّد في 3 دوائر

حتى وإن بدا حضور قواعد “حزب الله” الشعبية ضئيلاً في بعض الدوائر الانتخابية التي ينخفض فيها الحضور الشيعي ولا تتمثل بمقاعد نيابية شيعية في البرلمان، فإنّ ما ظهر بشكل جليّ في الأيام الماضية أن الحزب يولي أهمية كبرى للمعركة الانتخابية في الدوائر التي لا يحضر فيها شعبياُ أكثر من تلك التي يرشّح نواباً عنها ويبدو فوزه بحواصل مقاعدها الانتخابية شبه مضمون. واللافت أن الحزب يتعامل مع حلفائه انتخابياً على أنهم مصابون ببعض الوهن والضعف ويحتاجون الى إسناد في دوائر حضورهم لا حضوره. ويظهّر نفسه على أنه القادر على تحقيق فوزهم من خلال تجيير أصوات ناخبيه في المناطق لمصلحتهم. والأهم أنه يظهّر نفسه في صورة المقرّر ومهندس توزيع الأصوات على حلفائه، وما يعنيه ذلك من فرض إرادته كما مقاربته السياسية مقابل تقديم الهدايا الانتخابية لحلفائه. وبدا اهتمام “حزب الله” واضحاً في 3 دوائر أساسية، يريد ترسيخ حضوره فيها من خلال تقديم بطاقات فوز انتخابية للقوى الحليفة وفي مقدّمها “التيار الوطني الحرّ”.

وتتمثل الدائرة البارزة التي يسعى “حزب الله” إلى التمدّد فيها والتسلّل إليها في دائرة “جبل لبنان الرابعة” (الشوف – عاليه) لرفع عدد حواصل حلفائه الانتخابية، بحيث علم “لبنان الكبير” أنه اضطلع بدور أساسي في الوصول إلى لائحة موحدة بين القوى المحسوبة على خطّ 8 آذار على الرغم من أن الاتجاه الأولي كان يصبّ نحو تشكيل لائحتين لضمان حاصل مختصّ بتحالف حزب “التوحيد” والوزير السابق ناجي البستاني. ولم يمنع انخفاض حضور الحزب الفاعل شعبيّاً في الدائرة وغياب المقاعد الانتخابية الشيعية فيها، من وضع عينه على أحداثها وتطوراتها على الصعيد الانتخابي. وقد أوعز لتجيير أصواته لمصلحة النائب طلال ارسلان الذي يحتاج إلى “رافعة” تضمن فوزه. ويؤدي خوض الانتخابات من خلال لائحة واحدة تجمع كل قوى 8 آذار إلى تدعيم الحواصل لمصلحة “التيار البرتقالي” للمساهمة في ضمانه حاصلاً إضافياً في الدائرة، بما يشير إلى تقديم الهدية الأولى له في دائرة الشوف – عاليه. وعلم أن المرشح الثالث الذي يسعى التيار لايصاله إلى الندوة البرلمانية اضافة إلى النائب سيزار أبي خليل والوزير السابق غسان عطا الله، هو النائب فريد البستاني الذي لا يحمل بطاقة حزبية لكنه ينال دعماً من الرئاسة الأولى.

ويريد “حزب الله” توسيع عدد مقاعده الانتخابية في دائرة “بيروت الثانية”، حيث تأكّد أن اتفاقاً حصل مع “التيار الوطني الحرّ” للترشح على لائحته من خلال مقعد الأقليات الذي يشغله النائب إدغار طرابلسي، بما يسهّل ضمان فوز طرابلسي بالمقعد. لكن الجديد اللافت في هذه الدائرة، بدا في التركيز على المقعد الدرزي الذي يسعى الحزب إلى الحصول عليه لمصلحة حليفه ارسلان في ظلّ العدد الضئيل للأصوات الدرزية في الدائرة وارتباط الفوز بالحاصل الدرزي فيها بالتحالفات وطريقة توزيع الأصوات على النطاقين السني والشيعي. ويستشعر الحزب “التقدمي الاشتراكي” نوايا الحزب لمحاصرته انتخابياً من خلال مقعد بيروت تحديداً في ظل عزوف تيار “المستقبل” الذي كان يضطلع بدور مساعد لـ “الاشتراكي” للمساهمة في فوزه بالمقعد في دورات سابقة. ويضع الحزب الساحة السنية نصب عينيه في “بيروت الثانية” بعد اتّجاه جمعية “المشاريع” إلى تشكيل لائحة منفصلة خلافاً لاستحقاق الانتخابات الماضية، مع خوض الطرفين الانتخابات في لائحة واحدة سابقاً. لكن الحسابات الانتخابية في دائرة “بيروت الثانية” تشير إلى أن الاتجاه هو لتحصيل الحزب حاصلاً انتخابياً واحداً إضافياً في الدائرة في حال استمر التضعضع على صعيد اللوائح الأخرى، بما يعني الاتجاه نحو تركيز اتجاهه على الفوز بمقعد اضافي واحد في “بيروت الثانية”.

أما الدائرة الثالثة التي يسعى الى التمدد فيها بشكل بات شبه مضمون، فهي دائرة “جبل لبنان الأولى” (كسروان – جبيل)، مع ضمانه الحاصل الانتخابي الأول على لائحة تحالفه مع “التيار الوطني الحرّ”. وأشارت معطيات “لبنان الكبير” إلى أن أكثر من مرشح معارض لتوجّهات “حزب الله” عزف عن الترشح للانتخابات النيابية في الدائرة بسبب اقتناعه بعدم القدرة على صدّ اندفاعة الحزب للحصول على النائب الشيعي في جبيل مع تأكد التحالف بين “الثنائي” والتيار وتراجع “البرتقالي” عن ترشيح شخصية شيعية من جانبه. وعلم أن أكثر من شخصية معارضة لمحور “حزب الله” في “جبل لبنان الأولى” كانت تنوي اختيار شيعية على لائحة خاصة بها والعمل تكتياً في سبيل ايصالها إلى البرلمان، لكن تأكيد كلّ الحسابات الانتخابية التي أجرتها على عدم القدرة على الفوز بهذا المقعد مهما بدّلت في وجهة صبّ أصواتها، أدّى بها إلى اتخاذ قرار العزوف عن الترشح أو تشكيل لائحة. وقد شكل هذا الواقع نوعاً من الاحباط لجهة عدم قدرة الانتخابات على تحقيق تبدّلات فعلية في الساحة الشيعية. وفي الموازاة، تنحو تركيبة لائحة “الثنائي” والتيار في المنطقة إلى اضطلاع الناخب الشيعي بالدور الأساسي في ضبط ايقاع توزيع الحواصل المسيحية المتبقية في اللائحة. وستكون هذه المرة الأولى التي ينجح “حزب الله” خلالها بالتمدّد في دائرة “كسروان – جبيل”.

زر الذهاب إلى الأعلى