خاص

طرابلسيون: نتحالف مع الشيطان ولا نرضى بالحزب!

يصف معظم الطرابلسيين “حزب الله” بأنّه حزب “متطفّل” على الأجواء السيادية اللبنانية وتحديداً على أجواء مدينتهم التي يخترقها بوجوه دخيلة تنشط تحت ما يُسمّى بـ “سرايا المقاومة”، ويرون أنّه من الأحزاب التي أدّت إلى وصول لبنان إلى هذا المستوى من الدمار.

ومع قرب حلول الانتخابات النيابية، وبعد معطيات أشارت إلى دعم الحزب للائحة رئيسة في دائرة الشمال الثانية، وباتت معروفة باتجاهاتها المناصرة للنظام السوري أيضاً، لا يغضّ الطرابلسيون بصرهم عن هذا الواقع الذي بات مفروضاً على معظم المناطق، لا سيما تلك التي يُمكن أن نطلق عليها اسم “جزر أمنية” بعيدة كلّ البعد عن نطاق الدّولة ونظامها الذي تنتهكه التدخلات وتنهشه الركاكة القضائية والأمنية.

ليست المرّة الأولى التي يُحذّر فيها الكثير من الطرابلسيين من بعض الحركات أو المكاتب السياسية التي تنشر فكر “سرايا المقاومة” وعقيدتها ونشاطها بطريقة غير معلنة، إذ ظهرت هذه النشاطات رويداً رويداً، خطوة بخطوة، وعاماً بعد عام، وهي تنتشر اليوم بسرعة البرق مع الغياب السياسي والنيابي الطرابلسيّ الذي يُؤدّي إلى استباحة هذه المدينة من جهة، إضافة إلى إهمال نواب مناصرين لقوى “الممانعة” هذه النشاطات التي تنتشر “على عينك يا تاجر” من جهة ثانية، ولكن خلافاً للواقع، يرفض طرابلسيون هذا الحزب أو أيّ شخصية تُناصره وتُناصر النّظام السوري الذي ضرب المدينة وأهان أهلها لأعوام بالدم.

في الواقع، إنّ الدعم الحزبي لهذه اللائحة وتحديداً لائحة النائب فيصل كرامي، لا تعني أبداً عدم دعم بعض الشخصيات الأخرى التي كانت ترغب في الترشح نظراً الى مناصرتها الحزب مع تمتعها بحصانة أمنية تتخذ منها موقع القوّة والنفوذ في بعض المناطق الشمالية، ما يُشير إلى ارتكاز نقاط استراتيجية “غير بريئة” قد تُؤدّي في لحظة ما إلى انفجار أو خللٍ أمنيّ متوقّع حسب مراجع طرابلسية، لكنّ انعدام “القبول والكاريزما” لهذا الحزب وهذه الشخصيات في طرابلس تحديداً، لا يُؤدّي إلى نجاحها عموماً. أمّا النائب كرامي الذي يعجز عن بناء حالة منفردة عن حالة والده وعمّه كما جدّه أيضاً، فيبقى مرشحاً جدّياً بحضور مناصريه ومع وجود مرشحين آخرين يُضيفون قيمة كبيرة الى لائحته نظراً الى شعبيتهم المعروفة كالنائب جهاد الصمد مثلاً الذي يتمتّع بشعبية كبيرة لا سيما في الضنية.

آراء مناهضة

يقتنع الكثير من الطرابلسيين والشماليين بأنّ الانتخابات النيابية لن تُغيّر شيئاً في الواقع السيء، كما يرى آخرون أنّها استحقاق “وهمي” لن يحصل أبداً، ولكن مهما رفضوا من شخصيات يرونها غير مناسبة انتخابياً، إلا أنّهم لا يقبلون بـ “حزب الله” شريكاً في مدينتهم التي أنهكتها الحروب والمعارك. فأبو محمّد الذي يعمل في منطقة التربيعة على منشرة الخشب منذ الستينيات، لا يرى رجلاً سياسياً طرابلسياً فذاً ومحنكاً بعد الرئيس الشهيد رشيد كرامي، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “طرابلس تحتاج إلى تغيير سياسي لا يُشبه الحزب الذي دمّر لبنان بكلّ قواه، فلم أترك رجلاً سياسياً في السابق إلّا وتعرّفت عليه وعلى إنجازاته، لكن لم أجد مثل حكمة رشيد كرامي طرابلسياً ووطنياً، أو حكمة الشهيد رفيق الحريري وطنياً…”.

بدورها، ترى المواطنة غادة محمّد من الضنية أنّ لا قيمة لهذه الانتخابات في ظلّ وجود ظروف معيشية، غذائية، واقتصادية قاسية لا تسمح للمواطنين بالعيش الكريم. وتقول: “نعجز عن الحصول على لقمة عيشنا بكرامة والانتخابات لن تُغيّر من الواقع شيئاً. وفي الانتخابات الماضية انتخبت قيادات سنية بارزة لكن بعد موتنا من الجوع، لا أحد يُمثلني منهم”. وتوضح أنها تعمل في محل للخياطة في طرابلس منذ عشرات السنين، “وأرى الناس وهي تُفتش عن الطعام بين النفايات في أجواء يغيب عنها الاستقرار والأمان، خاصّة مع تحكّم قوى سياسية بالبلاد تسعى إلى إفقار الشعب عمداً”.

وتُؤكّد سيّدة أخرى من عائلة عكارية كبيرة أنّ “الحسابات السياسية بين العائلات تُعطي الانتخابات زخماً كبيراً وتضغط على أفرادها لاختيارات موحدة”، مشيرة الى أنّها تودّ الهروب من الاستحقاق الذي ترفض عائلتها أن يكون الحزب وجهاً رئيساً فيه شمالًاً.

أمّا حسن الحلواني من الضنية، فيلفت إلى عدم اقتناعه بالتغيير لأنّ الوضع قد يسوء اقتصادياً قريباً، معتبراً أنّ “أيّ مرشح لا يُمكنه تعويض مكانة قادة السنّة الذين انسحبوا”.

وإذْ يرى المواطن محمود صمدي من الزاهرية أنّ نجاح السياسيين سابقاً كان بسبب امتلاكهم المال، يُشدّد على أنّه لا يجدي نفعاً سياسياً أو دينياً، لافتًا إلى رصد تراجع ملحوظ في نسبة الاقتراع بسبب عدم الاقتناع بالتغيير، ولكن أيّ مرشح “نشعر بأنّه يسعى إلى التغيير الحقيقي فنحن معه إذا عمل لمصلحة المدينة”، ويقول: “بعد رفيق الحريري الذي استُشهد ظلماً لم نجد زعيماً مثله أبداً، والحزب الذي حوّل لبنان عن وجهته الحضارية بتشويه مقصود، لا يُمكنه أن يدخل إلى مدينة طرابلس التي ترفضه باستمرار بعد تدميرها من النظام السوري، وبالتالي أيّ مرشح ضمن هذا المحور سيبقى مرفوضاً”.

وعن التحالفات التي تحصل مع “القوات اللبنانية”، يوضح أنّ “كلّ من يُعارض النظام السوري والحزب سيكون مقبولاً لدى الطرابلسيين حتّى لو كان جعجعياً”.

الكلام نفسه، يُصرّ عليه عصام ريفي الذي يُعارض السياسة الايرانية “التي يُريدون إقحامها بين الطرابلسيين وهي مرفوضة لأنّنا نريد محورنا العربي، وبالتالي إنّ الانتخابات هذه ستكون مصيرية، فإمّا سنُقبل على المحور العربي أو نقبل بالمحور الفارسي الذي قد يقلب البلاد رأساً على عقب، وتحالف اللواء أشرف ريفي مع القوات مؤخراً لا نرفضه حتماً”.

ويشدد مواطن آخر على أنّ الطرابلسيين يرون أنّ “التحالف مع الشيطان سيبقى أسهل وأضمن من التحالف مع حزب الله الراعي الرسمي للفتنة محلّياً”.

زر الذهاب إلى الأعلى