خاص

انتخابات 2022… الانكفاء الناخب الأكبر

كثيرة هي التحليلات والاحصاءات التي تتحدث عن الانتخابات النيابية المقبلة في 15 أيار إذا جرت في موعدها، بحيث يختلف المحللون والمراقبون بين من يعتبر أن هذا الاستحقاق الدستوري يشكل الفرصة السانحة الوحيدة أمام الناس لتغيير الطبقة السياسية، وأن يوم الانتخابات سيكون محطة مفصلية في مستقبل البلد، في حين يؤكد آخرون أن الانتخابات لن تغير كثيراً في المشهد البرلماني الجديد باعتبار أن الأحزاب والتيارات الكبيرة ستحافظ على كتلها النيابية وأن برلمان 2022 سيأتي شبيهاً الى حد كبير ببرلمان 2018 مع تغيير طفيف لن يسجل خرقاً أو تبدلاً في الوضع السياسي القائم، خصوصاً أن ما عرف بـ “الثورة” لم تتمكن حتى الآن من توحيد صفوفها ولوائحها ما يؤدي الى تشتيت الأصوات وفقدان الحواصل.

وبين من حسم أمره بالمشاركة في التصويت من الآن، فإن الكثير من الناخبين يمكن وضعهم في خانة “المترددين” لأسباب عدة ومنها عدم المبالاة أو شعورهم باليأس والاحباط لأنهم يعتبرون أن لا مجال للتغيير والأمور تدور في حلقة “فالج لا تعالج”، وبالتالي يصبّون كل اهتماماتهم على الشؤون المعيشية والاقتصادية. إلا أن الخبراء يؤكدون أن كل الاحصاءات والتوقعات تبقى غير دقيقة لأن المزاج الشعبي يتغير وفق الظروف، وصناديق الاقتراع وحدها تعطي النتائج الدقيقة وتحسم نسب المشاركة.

وبعد اعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه وتيار “المستقبل” عن المشاركة في الانتخابات النيابية، تبدل المشهد الانتخابي، وأعاد خلط الأوراق لأن القوة المركزية التي يجسدها التيار الأزرق تبقى الأقوى وتمثل غالبية الطائفة السنية التي وفق لوائح الشطب هي الأكبر بين الطوائف، والرئيس سعد الحريري هو الشخصية السنيّة الوحيدة القادرة على تأليف اللوائح على امتداد الوطن.

هذا العزوف عن المشاركة في الاستحقاق النيابي، دفع الكثيرين الى التساؤل عن مصير الانتخابات برمتها، وعن نسب المشاركة التي لن تتعدى الثلاثين في المئة وفق مصادر متابعة .

وفي هذا الاطار، طلبت وزارة الداخلية والبلديات من مجلس الوزراء في جلسته أمس، الموافقة على نقل هذه الاعتمادات المالية ‏من احتياطي الموازنة إلى وزارة الداخلية التي أعدت تقديراً بالكلفة المالية لإجراء الانتخابات بحيث أن قيمة الاعتمادات محددة بالدولار وتبلغ 15,474,000 ‏دولار، وتنقسم إلى قسمين:‏ قسم بالليرة ويبلغ 198.275 مليار ليرة أي ما يوازي 7.931 ملايين دولار وفقاً لسعر الصرف ‏‏25 ألف ليرة للدولار.‏

برودة في الجو الانتخابي العام

ولاحظ الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين أن “الجو الانتخابي العام فيه شيء من البرودة اذ أنه في انتخابات 2018 كان هناك 976 مرشحاً، لكننا لن نرى هذا الرقم هذه السنة ربما بسبب الشعور بنوع من القرف وعدم الرغبة في المشاركة بالانتخابات ترشحاً أو تصويتاً”.

وشدد على أنه “لا يجوز أن نتحدث عن أرقام واحصاءات حالياً لأن المشهد لا يزال غير واضح”، متسائلاً: “كيف يمكن الحديث عن أرقام ولم نر بعد لوائح ومرشحين وتحالفات؟”. وأشار الى أن “المشهد الانتخابي غير مستقر والمعطيات والأرقام التي يتم التداول بها ليست دقيقة، لكن بشكل عام تخيم البرودة وعدم الحماسة على الانتخابات المقبلة، وننتظر اعلان اللوائح والتحالفات لنبني على الشيء مقتضاه، ونعطي معلومات دقيقة وفق احصاءات واقعية وليس وفق التقديرات والتحليلات والتأويلات”.

ولفت الى أنه “في انتخابات 2018 سجلت الطائفة السنية 480 ألف مقترع في حين أن الطائفة الشعية سجلت 510 آلاف مقترع ، وعلى الرغم من عدم وجود الأرقام الدقيقة، فإن هذه الارقام ستشهد تراجعاً في الانتخابات المقبلة”.

انكفاء بين 27 و 30 في المئة

من جهته، أوضح المدير التنفيذي في “مركز استراتيجيا للدراسات والاحصاء” مروان أيوبي أن “كل دائرة من الدوائر لها حيثياتها وخصوصيتها، والى اليوم لا تزال الصورة ضبابية “، لافتاً الى أن “انتخابات 2022 ستشهد انكفاء بنسبة تتراوح بين 27 و 30 في المئة حسب احصاءات المركز، لأنه في الدوائر العشر التي يؤثر فيها تيار المستقبل على نتائج الانتخابات سيكون الانكفاء كبيراً تضامناً مع قرار الرئيس سعد الحريري، في حين أن الشارع المسيحي سيكون الأكثر حيوية في المشاركة في الانتخابات. وفي حال حصل خرق أو تغيير فسيكون في المناطق المسيحية مع العلم أن قوى الثورة لم تتمكن من توحيد صفوفها ولوائحها ولم تقدم خطاباً يستقطب الناس ما يجعل فرص التغيير الكبير الذي يقلب الموازين أقل في ظل غياب شبه كلي للتيار الأزرق، وبالتالي، سنرى أن الأحزاب ستعيد تعويم نفسها”.

وأشار الى أن “نسب التصويت في المعدل العام تكون في حدود الـ47 في المئة، ولكن في انتخابات 2022 لن تتعدى نسبة الاقتراع 35 أو 36 في المئة في بعض الدوائر، وهذا سيؤثر على نتائج الانتخابات”، مؤكداً أنه “في حال استمر الوضع على ما هو عليه أي انكفاء تيار المستقبل، وعدم طرح قوى الثورة أسماء وازنة في لوائح موحدة، فإن النتائج ستأتي لصالح الاحزاب التقليدية”.

زر الذهاب إلى الأعلى