خاص

“ثوار” يدعون الى المقاطعة وآخرون لوقف التسلية

على الرغم من النشاط المتزايد لتركيب لوائح بإسم “الثورة” والاعلان عنها في تجمعات شعبية، وتعرض أصحابها الى مضايقات لا سيما من طرف الثنائي الشيعي، والذي بدا واضحاً من خلال مهاجمة “مجهولين معلومين” في ضهور الصرفند يوم السبت الماضي، موكباً من المرشحين والناخبين كان متوجهاً نحو احدى الصالات التي سيعلن فيها عن لائحة “معاً للتغيير” في دائرة صور – الزهراني، إلا أن غروبات “الثوار” على مواقع التواصل الاجتماعي لا تخلو من إنتقادات عالية الصوت للمرشحين وتدعو الى مقاطعة الانتخابات، بحجة عدم إعطاء ذريعة لمنظومة الحكم بالاستمرار في السلطة وابقاء الوضع على ما هو عليه، وبالتالي إعطاء قوى السلطة الشرعية الشعبية.

باختصار يعبّر أحد “الثوار” عن المشهد بالقول: “لوائح المعارضة لا تشبه بشيء ساحات ١٧ تشرين، وبالتالي سيكون من الصعب أن تستقطب الصوت الاعتراضي”.

ويهدد أحد الناشطين بأنه طالما أن “المعركة الانتخابية ليست للحصول على الأكثرية في المجلس النيابي، فهي لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد ولا يعنينا اذا وصل أحد مدّعي الثورة الفاسدين الوصوليين الى المجلس أو لم يصل، وبالتالي فان جميع اللوائح التي تدّعي التغيير، ستكون هدفاً لتعريتها وفضح أعضائها وتفاصيل مكوناتها”.

وتصل الأمور أحياناً الى المبالغة في التعبير، إذ يسجل ناشط آخر موقفه بالقول: “لن نرحم هؤلاء الفاسدين الوصوليين. الانتخابات من صناعة السلطة، مفصلة على مقاس السلطة، تديرها السلطة، والانتخابات ستعيد السلطة، لذلك نحن ثورة ولا تعنينا الانتخابات، ولم نقم بالثورة لنكون نواباً”.

ويرى الناشط هيثم الحكيم أن “ثورة ١٧ تشرين كانت ولا تزال غير ناضجة سياسياً لخوض غمار معركة الانتخابات لعدم تنظيمها وتوحيدها بقيادة ثورية انبثقت عنها. ولو كانت لديها قيادة ثورية لما شاركت في إنتخابات غير دستورية بقانونها المذهبي المناطقي، وعليه فإننا كثوار وطنيين نستنكر إدخال الثورة في دهاليز السياسة وتسلقها واستغلالها ممن خاض الانتخابات ترشحاً بإسمها، ولم يلتزم كل المرشحين بلائحة موحدة في الدوائر وببرنامج انتخابي وطني يجمع الشعب اللبناني تحت راية العلم اللبناني والهوية الانسانية وتطبيق الدستور والنظام اللبناني”.

وعليه، يستنكر “المشاركة في الانتخابات وتشريع الطبقة السياسية المتخفية بالكثير من الأشخاص في اللوائح الثورية مدعية التغيير”، معرباً عن أسفه لوجود “أشخاص يدّعون الثورة ويشجعون على الانتخابات والتصويت بعد الاخفاق في توحيد اللوائح الانتخابية في كل لبنان”.

ولا يكتفي بذلك، بل يطلق الدعوة الى من يسمّيهم “الثوار الأحرار” بالمبادرة الى “منع أي محاولة لتشريع السلطة بإنتخابات نيابية غير متكافئة ومخروقة من أركان السلطة والمعارضين، وكانوا السبب المباشر في عدم توحيد الثورة”، مشيراً بوضوح الى “مجموعات المجتمع المدني وجميع من شاركوا في إنتخابات ٢٠١٨ وشاركوا الثورة بصالوناتها والاجتماعات والمناظرات والانتقادات وعملوا على تفريق أي دعوة لتوحيدها”.

ومن هذا المنطلق، يدعو الحكيم “الثوار” إلى “مواجهة هذه الظاهرة بالاعتكاف عن التصويت في الانتخابات ومقاطعتها وعدم الاعتراف بنتائجها”، مطالباً “المرشحين بإسم الثورة بالانسحاب من كل اللوائح، فالرجوع عن الخطأ فضيلة فكيف بالمشاركة والمساهمة في التشريع لسلطة أمعنت إجراماً بحق الوطن والمواطن؟”.

ويصف أحد الناشطين واقع الحال بالقول: “الوصوليون من بعض الثوار، منهم من ذهب مع حزب الله، ومنهم من ذهب مع العونيين، ومنهم من ذهب مع الطبقة السياسية، همهم الكرسي”. فيما يعتبر آخر أن “من ذهبوا الى الانتخابات، تركوا الثورة واستسلموا، قالوا لم ننجح في الثورة فلنجرب الانتخابات”.

ولا تغيب الاشارة في تدوينات على صفحات المجموعات الى فضح التحالفات، “فعند انتهاء مهلة تسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية، تبين أن الكثير من الناشطين الملتحقين بالانتفاضة متحالف مع أحزاب سلطوية متعددة، اضافة إلى بعض التحالفات مع شخصيات مقربة من السلطة أو سبق أن شاركت لفترات طويلة في الحكم أو مع بعض الكارتيلات التي استغلت الأزمة لمراكمة أرباحها على حساب الفئات الشعبية المُفقرة. ونحن انطلاقاً من ايماننا بالثورة التي تسعى إلى تغيير حقيقي داخل المجتمع وحفاظاً منا على الروح الثورية واحتراماً لتضحيات المناضلين/ات، سوف نقوم تباعاً بالاشارة إلى تلك التحالفات المشبوهة والمُخذلة في كل الدوائر الانتخابية لتعرية هؤلاء المتسلقين على انتفاضة 17 تشرين”.

وعلى خط هذا النقاش والاتهام الدائر، يرى أحد الناشطين أن “الموضوع المبهم للكثيرين من الأحرار، هو أن لعبة السياسة واقعة منذ أول يوم في الثورة، هناك من ترشح للانتخابات في العام ٢٠١٨ كمعارض أصبح ثورة بالمطلق، ولديه طموح سياسي أيضاً، وهناك من كان في حزب ولم يأخذ مكتسبات للوصول أيضاً ترشح ولأكون منصفاً هذا حق، لكن بشروط النقاء الثوري والولاء الكامل للوطن والمواطن. الكل نزل الى الساحات بتفاوت بين شخص وشخص وجمعيات وحركات وما أكثرهم، والسبب الأول في عدم توحيد الثورة شئنا أم أبينا، أن السلطة بالتأكيد أرسلت أشخاصاً ليعلموها بالتحركات، ولكن للأسف الشديد نحن أكملنا المهمة، حين صرنا مجموعات، كتلاً، جبهات، إئتلافات، أحزاباً وحركات سياسية أيضاً، والمشكلة ليست هنا، بل صرنا مجموعات افتراضية تنقل أخبار الثورة والناس من أرض الواقع وتنتقد وتعارض، وتحارب أي عمل ثوري من أجل المعارضة فقط، لماذا هم وليس نحن؟ والغريب العجيب أن لا أحد لديه ضمير ثوري، الا بعض الأشخاص الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة”. ويستنتج أن “أكثرية الموجودين في الثورة منافقون في الأساس، عندما يفقد الثائر الثقة بثائر آخر فهذه مصيبة، وليس هناك أحد لم يشعر بالخذلان من هذه الثورة، وبالنتيجة الثورة مستمرة لأنها ملك ضمير شعب لا أحد يقدر عليه، حتى لو كنا خصوم بعض في الثورة”.

في المقابل، يشدد أحد “الثوار” على “أننا لا نريد مقاطعة الانتخابات والجلوس في المنزل، بل نريد النزول الى الشارع من جديد من دون رجوع، حتى تعود الثورة أقوى ولا نخرج منه الا بخروج الزعران الحكام الفاسدين ونسترجع الدولة المخطوفة المنهوبة من سلطة الفساد وبعد ذلك الشعب هو من يقرر اجراء الانتخابات”.

وفي الختام، يلخص ناشط هذه الدعوات الى المقاطعة والتهجم على مرشحي “الثورة”، بأنها من “صنع عناصر حزبية مشبوهة”، ويقول: “لن تتوقف هذه العناصر عن رمي الفتن بين الثوار وشتم المرشحين بحجة التوحيد وهو كلام حق يراد به باطل، إن يكن ما لا تريد فأرد ما يكون”.

ويلفت الى أن “لدينا لوائح وجميعها على قدر جيد من الشباب والصبايا، ونسبة الاقتراع لن تتجاوز الــ ٥٠%. فلنعمل على الناخبين بدل التسلية ببعضنا البعض. بعد المراحل الفائتة أي صوت يدعو الى توحيد اللوائح هو صوت لانشقاقها، فالأحزاب لم تترك بلدة الا وجالت على كل منازلها من أجل المندوبين وجذب الناخبين، ونحن يضلل بنا من أجل الانشقاق الداخلي والمقاطعة، وتاركين الأرض للأحزاب تسرح وتمرح”.

ويوجه نداء الى كل اللوائح الثورية “اتركوا كلام الغروبات المحبط وتوجهوا إلى الناخبين ونتمنى الخير لجميع اللوائح”.

زر الذهاب إلى الأعلى