خاص

لوائح المعارضة وضغوط “الثنائي”… قطع طرق وضرب وذباب الكتروني

يشتكي كثيرون من مرشحي المعارضة في مناطق هيمنة “الثنائي”، من ضغوط يتعرضون لها، تتخذ أشكالاً مختلفة، تارة تكون ظاهرة للعيان وتارة خفية، الا أنها في الحالتين تسمّم الأجواء وتنذر بأن العملية الإنتخابية لن تكون سهلة وديموقراطية.

وتقول مصادر متابعة لنشاط الماكينات الانتخابية واللوائح: “إن حزب الله يتعامل بذكاء أكثر من حركة أمل، فهو لا يمارس الضغط علناً، الا من خلال الخطب السياسية بغية اجتذاب ناخبيه، وبكونه صاحب اليد في تشكيل اللوائح في مناطق الجنوب والبقاع وغيرها وله باع في تفكيك لوائح المعارضة والثورة عبر زرع الودائع في هذه اللائحة أو تلك وإشعال الخلافات هادفاً الى نخر التشكيلات، بينما حركة أمل تضم عناصر غير منضبطة وهناك انتماءات عشوائية في صفوفها، فهي ليست حزباً أيديولوجياً بل حركة، يقوم عناصرها بالكثير من الإرتكابات، مثل الضرب وقطع الطرق، وهي بذلك تحمي الحزب وتحاول أن تحافظ على قوة مرشحيها لا سيما الرئيس نبيه بري، الذي لولا الهاء في نهاية إسمه لكان نبياً حسب شعاراتهم، أي لا يمكن المساس به حتى وإن كان الحركيون جائعين وعاطلين عن العمل ويعانون كغيرهم من اللبنانيين من فائض قوة حزب السلاح المدعوم من ايران والذي يدفع رواتب متفرغيه بالدولار ويوزع المساعدات لكسب الجمهور على الرغم من أنه يهدده بقطعها في حال عدم التزامه بالتكليف الشرعي بإنتخاب لوائحه ولوائح حلفائه في كل لبنان”.

وتشير المصادر الى أن “حزب الله يوجه رسائله الى الناخبين والمعارضين، عبر إطلاق الشائعات وتوجيه الاتهامات اليهم بالقول إنهم يقبضون من السفارات الأجنبية ومرتهنون للخارج ويتحالفون لضرب خط المقاومة وهدفهم الأساس انهاء سلاح حزب الله، مبرراً بذلك دعوته الى الإلتزام بفتاويه الشرعية وتعبئة جمهوره ضد المعارضين. بينما حركة أمل ناخبها لديه حرية أكبر في الخيارات، علماً أنها كانت تحاول منع إعلان لوائح للمعارضة في الجنوب، أما حزب الله فمارس قمعه على الأرض عندما اعتدى على الثوار في ساحة النبطية سابقاً، وتسبب له هذا الأمر بالاحراج. في حين أن أمل تتصرف بالمباشر، يعمل حزب الله مقنعاً من أجل تفتيت المعارضة وتشتيتها أي من وراء الكواليس، وعلى الرغم من ذلك فإن المعارضين والتغييريين والثوار شكلوا مثلاً لائحة (معاً للتغيير) في الدائرة الثالثة في النبطية، إلا أنها ضمت شخصيات من الشيوعي ومجموعة (مواطنون ومواطنات) التابعة لشربل نحاس وحسن بزي الأقرب الى منطق حزب الله، وهو لن يعطيه أية أصوات شيعية فالأصوات الشيعية محرّمة على المرشحين من غير الثنائي وإلا فهم كفرة”.

ولا يخفى على المصادر الإشارة الى أن “عملية التضييق التي تمارسها حركة أمل تختلف عن التي يمارسها حزب الله، فما جرى لمنع لائحة (معاً للتغيير) في الدائرة الثانية صور ـــ الزهراني، الأسبوع الماضي ليس الا عينة، فالحركة حاولت منع المرشحين من الدخول الى القاعة لاعلان اللائحة، باستخدام الحجارة وتكسير السيارات ومنع الباصات من الوصول وتهديد الناس، ودامت الاشتباكات قرابة ست ساعات، لكن العملية إنتهت بخسارة كبيرة لها، مما اضطر المكتب الاعلامي للحركة إلى التبرؤ من عناصر قطاع الطرق هؤلاء، الذين لا يمكن إلا أن يحاسبوا وبالقانون، وهذا الأمر ارتد ايجاباً على اللائحة المقموعة وانشغل الاعلام المحلي والعربي وحتى الخارجي بعملية القمع والمنع التي حدثت في منطقة الصرفند. وليس سهلاً أن تكون هذه التصرفات قد ارتدت على فاعليها، في هذه المنطقة، أي منطقة نبيه بري ـــ الزهراني ومنطقة حسن نصر الله ـــ البازورية، خصوصاً أنها كشفت وجه الثنائي في كونه ضمناً لا يريد الانتخابات وان استطاع سيعرقل إجراءها على الرغم مما يقال عكس ذلك في الخطاب السياسي، وهذه اللائحة المعارضة في هذه الدائرة ركبت من جماعة الشيوعي ونحاس ومتقاعدين ومرشحين مهادنين مع حزب الله ولا يرون في طرح سلاح الحزب على الطاولة مسألة مهمة، لكن هذه اللائحة لم تكن اللائحة الوحيدة لقوى التغيير والمعارضة نتيجة الخلافات والتنافر والأنا التي حصلت، وتشكلت الى جانبها لائحتان هما (الدولة الحاضنة) التي تضم رياض الأسعد وبشرى الخليل وكلاهما من المدافعين عن السلاح وضمناً عن حزب الله و(القرار الحر) المدعومة من القوات اللبنانية”.

وبحسب المصادر، فان ذلك “يشتت الصوت المعارض ويتسبب بإنعدام الثقة شعبياً بلوائح المعارضين على الرغم من ادعاءات مرشحين منهم بأنهم على خلاف مع الثنائي الذي يضع عراقيل أمام تحركاتهم، الا أن الأمور واضحة فالمرشحة بشرى الخليل مثلاً، هي الصوت الأسدي ووديعة حزب الله ولها مشكلات شخصية مع بري وأمل ومتطفلة على المعارضة، ورياض الأسعد مهادن لسياسة حزب الله وسلاحه، على الرغم من أنه في انتخابات 2018 كان على لائحة المعارضة التي لم تحصل على أصوات كثيرة. اما المرشح حسن خليل فهو الشخص الذي اتهمه ابراهيم كنعان بأنه سارق أموال وعليه أن يردها، وبالتالي المعارضة لم تفتح أبواباً لهؤلاء، فذهبوا الى التحالف في اطار إعتراضي غير معترض. ومنذ أيام قليلة أعلن حسن خليل عزوفه عن الترشح تحت شعار أن الثنائي يمنع ويعرقل العمل الانتخابي للمعارضين. ولكن الحقيقة هو خلافه الحاد مع بشرى الخليل، ويشير مقربون منه الى أنه أخطأ في الدخول الى هذه اللائحة وخرج منها بموقف سياسي أي برمي اللوم على الثنائي”.

وهنا تستدرك المصادر بالقول: “ذكر هذا الأمر لا يعني الدفاع عن الثنائي، الذي يحاول بكل الطرق ممارسة الضغط على المرشحين عبر اللوائح وعلى الناس عبر تسجيلات صوتية بحرمانهم من المساعدات الرشاوى التي يقدمها حزب الله وأحياناً أمل، ومن الخدمات وهى رشاوى علنية، وبحرمانهم من تعليم أولادهم في مدارس الحزب ومن الاستشفاء في مراكزهم الصحية ومن مساعدتهم في الدخول الى وظائف في الدولة وفي مؤسساتها الأمنية والعسكرية. كل هذه الضغوط تجري علانية، فالثنائي في السلطة ويحصل على أموال كثيرة يجري توظيفها في شراء الذمم والأصوات عبر تأمين مادة المازوت والبنزين أو سلة الغذاء أو بعض الأدوية للمؤيدين، وهذه الرشاوى منتشرة ونتيجة الوضع السيء الذي يعانيه الناس يستغل حزب الله الأمر حتى يحقق فوزاً بأرقام عالية وبالتزكية إذا أمكنه ذلك في مناطق نفوذه، لأن ذلك يعني أنه يملك تأييداً شعبياً ويثبت أنه الصوت الأقوى شيعياً في الاستفتاء الديموقراطي، على الرغم من أن الناخبين الشيعة في حالة تردد في الذهاب الى الانتخابات وستكون أرقام عملية التصويت في الدائرة الثالثة مؤشراً، كونها الدائرة الأكبر في لبنان”.

وتلفت المصادر الى نشاط الذباب الالكتروني الذي يعمل على تشويه صورة مرشحي المعارضة ونشاطاتهم، “فهناك تهديدات علنية ولم تقف الأمور عند الضرب وحرق سيارات في اطار ممارسة الضغوط والترهيب بشكل علني من قبل أمل، الا أن الحزب كي لا يدان ويقف الجميع في وجهه يحاول تمرير الانتخابات والحصول على الأكثرية لكي يقول للغرب عندما يتفاوض معه إن قوة سلطته من شعبيته وليس من سلاحه، فالمشكلة أكبر من تهديد مرشح هنا أو هناك. هذا لا يعني أنه اذا استطاع فلن يهدد، ولكن مشكلة الحزب الكبرى أنه يريد ليس فقط الحصول على الأصوات الشيعية لأنه يعتبرها تحصيلاً حاصلاً وليست عملية صعبة بالنسبة اليه، ولكن هو سيعمل على تجيير الأصوات الشيعية لمرشحين سنة ومسيحيين ودروز يتبعونه للحصول على أكبر عدد من النواب داخل المجلس من الشيعة والسنة والدروز اضافة الى تمثيل مسيحي من حليفه جبران باسيل الذي يؤمن له التغطية المارونية، ولذلك يضغط على وليد جنبلاط في الجبل”.

وترى أن “عودة السفراء الخليجيين الى لبنان أربكت المشهد الانتخابي وحسابات حزب الله، الذي كان يعتبر أن هناك عملية مقاطعة سنية وقد لا يصل عدد الناخبين السنة الى العشرين بالمئة، مما يؤمن له وصول مرشحيه السنة المتحالف معهم مثل الأحباش وسنة أحزاب الممانعة والمعارضين لنهج سعد الحريري والمقربين جداً من سوريا وايران بإسلاميتهم أو قوميتهم أو يساريتهم. اما حركة أمل التي تقوم بممارسات غير محسوبة، فهي تعلم جيداً اليوم أنها ستكون على يمين حزب الله لأنها معرضة للتنكيل منه، وهي تخرق بأصواته وبقدرته على الـتأثير ليس على النواب الشيعة وحسب، وإنما على مستقبل رئيس البرلمان نبيه بري، اضافة الى أن الصوت التفضيلي قد يمنحه الحزب في مناطق معينة لمرشحين مقربين منه، فالصوت الشيعي في مناطق مختلف عليها قد يكون في خطر وهذا ما يدفع حركة أمل الى الاستنجاد بحزب الله لتجيير هذه الأصوات لمرشحيها في مقابل السكوت والوقوف مع توجهاته وعدم نقد طروحاته”.

زر الذهاب إلى الأعلى