بوحبيب “يقردح” ضد الخليج … وميقاتي يزور “السعودية الخضراء”

لبنان الكبير / مانشيت

وسط عجز كامل لدى المسؤولين اللبنانيين عن إدراك أبعاد الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج العربي، وغياب بلورة أي خطوات جديّة للمباشرة في معالجة المسبّبات العميقة التي أدّت إليها، أتى دقّ ناقوس الإنذار الجديد أمس من مملكة البحرين مع دعوة وزارة خارجيتها جميع مواطنيها الموجودين في لبنان إلى ضرورة المغادرة فوراً، وذلك “نظرًا لتوتر الأوضاع هناك ما يوجب أخذ الحيطة والحذر”، مؤكّدةً “ضرورة عدم السفر نهائيّاً إلى الجمهورية اللبنانية منعاً لتعرّض المواطنين لأيّة مخاطر وحرصاً على سلامتهم”.

وإذ يغيب عن لبنان الرسميّ القدرة على التعامل المباشر والحاسم مع جوهر المشكلة، المتمثلة بسيطرة “حزب الله” على القرار السياسيّ والمساهمة في بدء بناء ركائز الحلول، صبّت مواقف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب “عكس تيّار” الواقع باعتباره أنّ “الحزب لا يهيمن على لبنان”، زاعماً أنّ “المملكة العربية السعودية تملي شروطاً مستحيلة من خلال مطالبة الحكومة اللبنانية بالحدّ من دوره”. وما لبثت تصريحات بوحبيب أن ضاعفت حجم نيران الأزمة المشتعلة، مع إعلان صحيفة “عكاظ” السعودية أنها حصلت على تسجيلات “تفضح تصريحات حانقة لوزير خارجية لبنان”، مشيرةً إلى أنه “بدأ حديثه بكل صفاقة وإساءة للتقليل من دول الخليج والتعدي على سيادتها، وإطلاق الاتهامات اللامسؤولة تجاه المملكة، على نحو يعكس توجهات نظام بلاده السياسي وفق رؤى الحزب الخاضع لوصاية إيرانية”. ثم ردّ بوحبيب معتبراً أنه “كان يتمنى من الصحيفة الكريمة أن تساعدنا في السعي لحلّ هذه الازمة بدل نشر سرديات مجتزأة ومغلوطة تصب الزيت على النار لتأجيج محاولات مدّ جسور التلاقي”.

ولاحقاً تخوّفت مصادر سياسية معارضة عبر “لبنان الكبير” من تسبّب وزير الخارجية بتعميق الأزمة مع دول الخليج واصفةً “تصاريح مماثلة بالساذجة” وواضعة ما يجري في إطار “التقوقع القديم الذي لا يختلف عن مقاربة النائب جبران باسيل في التعامل مع كلّ ما هو عربيّ ومسلم، مهما كثُرت المحاولات التي يراد منها إظهار المودّة المصطنعة”.

إلى ذلك، وفي وقت تشير معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ عودة البحث في الخيارات الممكنة لبنانيّاً على صعيد الأزمة المستجدة بين لبنان ودول الخليج مرتبطة بعودة الوفد الحكومي من مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين بشأن التغير المناخي في غلاسكو، فإنّ الطروحات التي يعمل عليها لايجاد مخارج لا تزال خجولة وضعيفة وتتمحور في إطار الدفع نحو استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، فيما يكمن المقترح الذي سيعاد العمل عليه في البحث تأمين “نافذة” تقوم على وضع قرداحي استقالته في عهدة رئيسي الجمهورية والحكومة. ويعوّل العهد على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت على خطّ محاولة معالجة الأزمة.

ومن محاولات إيجاد كوّة في جدار الأزمة اللبنانية – الخليجية إلى “الباب” الذي بدا مفتوحاً أميركياً على صعيد الاجتماع، الذي جمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل ظهر أمس خلال المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة بغلاسكو، وذلك بمشاركة وزير البيئة ناصر ياسين وسفير لبنان في المملكة المتحدة رامي مرتضى. فقد جدّد بلينكن خلال الاجتماع “دعم استمرار جهود الحكومة في إعادة الاستقرار وتحقيق التعافي الاقتصادي والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي وصولاً إلى تنظيم الانتخابات النيابية”. وأكّد بلينكن “مواصلة دعم الجيش والقطاعات التربوية والصحية والبيئية”، ناقلاً “الأهمية والعاطفة الخاصة التي يكنّها الرئيس بايدن للبنان ولاستقراره وتعافيه، تمهيداً لنهوضه من جديد”. وعرض الرئيس ميقاتي مقاربة الحكومة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان على الرغم من الظروف الصعبة، مستعرضاً التحضيرات لإطلاق الخطة الاقتصادية وبدء التواصل مع صندوق النقد الدولي مع طلبه دعم الولايات المتحدة لهذا المسار.

وفي كلمة لبنان التي ألقاها خلال المؤتمر بعد ظهر أمس، أشار ميقاتي إلى أن “لبنان يواجه تحديات جمّة، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية والمصرفية والمالية ناهيك بما نتج من وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت وتبعات الأزمة السورية المزمنة”، مشدّداً على أن “العواقب المناخية السلبية ستزيد من حدّة هذه التحديات على لبنان وتضاعفها، وستعيق أي تحسن في وضعه الاجتماعي والاقتصادي”. ولفت إلى أن “تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقدر إجمالي كلفة التغير المناخي على الاقتصاد اللبناني بنحو 16 مليار دولار أميركي بحلول 2040”.

وخلافاً للأجواء الساخنة المسيطرة في لبنان على صعيد العلاقات اللبنانية – الخليجية، قام ميقاتي بجولة في الأجنحة التي أقامتها عدّة دول ضمن المؤتمر، لعرض إنجازاتها في مجال الطاقة المتجدّدة. وخصّ الجناح السعودي بلفتة استقبله خلالها سفير السعودية في بريطانيا الأمير خالد بن بندر الذي شرح له الرؤية السعودية في مجال البيئة والاقتصاد الأخضر ومكافحة التغيّر المناخي. وأثنى ميقاتي على خطة “السعودية الخضراء” و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” التي أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما زار جناح دولة الإمارات العربية المتحدة.

شارك المقال