ميقاتي يستنجد ببري… وبخاري يُشخّص “أعراضاً مَرضيّة”

لبنان الكبير / مانشيت

على الرغم من أنّ الاهتمامات الداخليّة في كليّتها لا تزال تصبّ في خانة البحث عن مخارج للأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة مع دول الخليج العربي، إلّا أنّ تعامل لبنان الرسميّ مع المشكلة المتفاقمة لم يخرج بعد من دوّامة الدوران حول الذات، بما لا يقبل الشكّ في لغة الرسائل المرمّزة بعد “النقطة على أوّل السطر” بأنّ “الأزمة تكمن تحديداً في أنَّ القديمَ يُحْتَضَرُ والجديدَ لم يُولد بعد، وَفي ظلِّ هذا الفراغِ يظْهَرُ قَدرٌ هائلٌ من الأعْراضِ المَرَضِيَّة..!”، وفق ما استقرأته مصادر سياسية من دلالات استعانة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري بمقولة للمفكّر الايطالي أنطونيو غرامشي، في تغريدة فُهم أنها تحمل تحسّراً على “لبنان القديم” الذي يحتضر فيما “لبنان الجديد” لم يولد، وبينهما فراغ تظهر فيه أعراض مرضيّة كثيرة من “حزب الله” إلى “مآثر” عدد من الوزراء وآخرهم جورج قرداحي، ثم انضمام وزير الخارجية عبدالله بوحبيب إلى حلبة المواقف المستهجنة سعوديّاً، قبل اختياره أمس أسلوب التغريد خارج سرب أصول المشكلة.

وإذ عرض بو حبيب مع رئيس الجمهورية ميشال عون فحوى الاتصالات الجارية من أجل معالجة التطورات، اعتبر أنّ “ما حصل خلال الأيام الماضية يجب أن يقف عند حدّ تغليب المصلحة العربية المشتركة، وعدم صبّ الزيت على النار، ولا سيما أن لبنان ما كان يوماً إلا نصير الدول العربية الشقيقة كلّها، ولم يكن في يوم من الأيام ولن يكون معبراً للإساءة إلى أي دولة”.

وفي وقت انتفت القدرة على اتخاذ أي إجراء جذريّ يساهم بالحدّ الأدنى من الحلّ في الأيام الماضية، أفادت معلومات “لبنان الكبير” أنّ لقاءً مرتقباً في “عين التينة” سيُعقد ظهر اليوم بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي العائد من مؤتمر المناخ في غلاسكو ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، وذلك للبحث في الأزمة الديبلوماسية العاصفة ومحاولة التوصل إلى مخارج ممكنة والتوقف عند رأي ميقاتي والمقترحات التي يحملها في جعبته. وأشارت المعطيات إلى أن بري كان أخذ على عاتقه الاهتمام بموضوع التحضير للانتخابات والإشراف على وضع الماكينة الانتخابية الخاصة بحركة “أمل” في الأيام المنصرمة، مفضّلاً الاحتكام إلى لغة الصمت وعدم الغوص في الإشكالية المستجدّة مع الخليج.

وحتى ساعات متأخّرة من ليل أمس الأربعاء، كانت الأجواء المتداولة في مجالس سياسية عدة تشير إلى أنّ القدرة على تأمين حلّ بالحدّ الأدنى مسألة غير ممكنة، بما يقلّل من حماسة دوائر القرار اللبناني في العمل على معالجات، طالما أن الاقتراب من القضايا المتعلقة بوضع “حزب الله” مسألة أكبر من الممكن. وأكّدت معطيات “لبنان الكبير” أنّ الأفكار التي تُبحث في الساعات الأخيرة تدور حول مقترحين: إما تقديم اعتذار رسميّ لدول الخليج عن التصريحات المستهجنة الصادرة عن وزير الاعلام اللبناني، وإما تكثيف حركة الاتصالات والمشاورات الهادفة إلى تأمين مخرج يضمن استقالة قرداحي بموافقة القوى السياسية الداعمة له.

وعُلم أن أكثر من فريق سياسي لبناني بما في ذلك أحزاب موضوعة في خانة الصديقة للمملكة العربية السعودية تدعم مقترح ضرورة إقالة قرداحي كخطوة أولى يبنى على أساسها، علماً أنّ هذه الخطوة غير مؤمنة حتى اللحظة. وفي السياق عينه، رسمت تساؤلات في الساعات الماضية لدى أوساط العهد حول الجدوى من إقالة قرداحي طالما أنّ إقالة الوزير السابق شربل وهبي في حكومة حسان دياب لم يسبق أن بدّلت في المقاربة تجاه لبنان.

وإذا كانت الأزمة الديبلوماسية قد تصدّرت مشهدية الانتكاسات اللبنانية، إلا أن ذلك لم يلغِ الهواجس المستمرّة من ضرب الاستحقاق الانتخابي إرضاءً لتصوّرات الأكثرية النيابية الحاكمة بعد “شدّ الحبال” الذي ظهر الأسبوع الماضي في موضوع تعديلات قانون الانتخاب. وبرز على صعيد متابعة مسار الاستحقاق زيارة رئيسة وفد البرلمان الاوروبي للعلاقات مع الشرق الاوسط النائبة ايزابيل سانتوسن إلى وزارة الداخلية. وتطرق الاجتماع مع وزير الداخلية بسام المولوي إلى إدارة الانتخابات المقبلة.

وأبدت سانتوسن بعض المخاوف والقلق بخصوص عمل لجنة الإشراف على الانتخابات، مشيرةً إلى “أننا أعربنا عن ذلك للوزير الذي اجاب أن كل شيء سيؤمّن من موازنة الدولة اللبنانية ومن موارد اخرى فضلاً عن تعيين اعضائها، وحسن سير عملها وتشكيلها بالوقت المناسب ضمن المهل المحددة”. كما أعربت عن “القلق بشأن مهلة تحديد موعد الانتخابات، وطمأننا معاليه إلى أن هذه المهلة ستتحدد وفق المهل القانونية”. من جهته، أكد المولوي على “اجراء الانتخابات بمواعيدها الدستورية، مطالباً برقابة دولية لاعطاء الثقة للمواطنين والمجتمع الدولي، تأكيداً لشفافية الانتخابات”.

وفي خضمّ هذه التحديات العاصفة بلبنان على غير صعيد، تابع قائد الجيش العماد جوزف عون زيارته الولايات المتحدة الأميركية حيث يبحث في سبل دعم الجيش وتعزيز قدراته. وقد التقى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب غريغوري ميكس والسيناتور تود يونغ، ثم عضو لجنة الموازنة في الحزب الديموقراطي في الكونغرس روزا ديلورو.

شارك المقال