“حزب الله” يصعّد “على هواه” ويخنق المخارج الحكومية!

لبنان الكبير

أمّا وقد اتضحت معالم الكباش السياسي المستعر الذي بدأ يلقي بظلاله على غير صعيد لبنانيّاً مع اختيار محور “حزب الله” التشدّد إزاء التعامل مع الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة بين لبنان ودول الخليج العربي، بات من المؤكّد أنّ وزير الإعلام جورج قرداحي لا يملك ورقة الاستقالة في جعبته لتقديمها على طاولة مجلس الوزراء، بل إنّ الموضوع في عهدة “الحزب” الذي يبدو قابضاً على القرار. وأشارت معطيات “لبنان الكبير” أنّ “حزب الله” يتّجه إلى خيار التصعيد في الأيام المقبلة ولن يسمح بتعبيد الطريق أمام أيّ مخرج حكوميّ قائم على الدفع باتجاه إقالة قرداحي أو تأمين مناخ سياسي توافقيّ يمهّد لاتخاذ هذه الخطوة من دون تفجير الحكومة داخليّاً. ويأتي ذلك تزامناً مع الإعلان أمس عن كلمة مرتقبة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، يوم الخميس المقبل لمناسبة “يوم الشهيد”، وذلك في إطلالة هي الأولى له بعد عاصفة الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج العربي. وبدأت تتصاعد التحذيرات والرسائل السياسية المشفّرة والموجّهة بشكل غير مباشر إلى رئاسة الحكومة منذرة بنسف الحكومة بحجة الميثاقية في حال الإقدام على خيار البت بوضع قرداحي وزاريّاً. كما بدأت انتقادات المجالس السياسية الممانِعة تطاول المواقف التي تضمنتها كلمة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية، واعتباره أنه لا يمكن أن يدير البلاد بمفرده أو “على هواه”.

وانضم المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان أمس إلى جوقة “العازفين الممانعين” على وتر انسلاخ لبنان الموجع عن محيطه العربي، زاعماً أن “من يمنعنا لقمة العيش لا نريده بيننا وذلك من باب الدفاع عن النفس المشروع، ولبنان أكبر من أن يسقط أو يندثر، ولعبة التهديدات معيبة وقد انتهت والخيارات أمامنا كبيرة”. واستقرأت مصادر نيابية معارضة عبر “لبنان الكبير” في هذا الكمّ من التصعيد الذي يمارسه “الحزب” على عدّة أصعدة “محاولة للخروج من المآزق التي يعانيها واستعمال أسلوب المقايضة من خلال التلويح بتسهيله إمكان عقد جلسة حكومية قبل أن يعود عم قراره، بعدما بدأ يشعر في الأشهر الماضية انه محاصر جدياً خصوصاً على الصعيد الداخلي بما يؤدي منه إلى ردّ فعل عكسيّ نتيجة حالة الارباك التي يعيشها”، مشيرة إلى أن “الأزمة مع دول الخليج فاقمت حراجة وضعه باعتبار أنه بات يضع مصير كلّ اللبنانيين في جعبته”. وتستخلص أن “الحزب لن يقايض استقالة قرداحي مجاناً بل يسعى إلى قبض ثمنها في إحدى الملفات، وعلى رأسها قضية إزاحة المحقق العدلي طارق البيطار وهذا غير ممكن حتى الآن”.

على مقلب رئاسة الحكومة، لا تزال “الأحزمة مشدودة” لجهة الإصرار على ضرورة تأمين مخرج قائم على إقالة قرداحي بالتوافق مع رئاسة الجمهورية، فيما ترتقب كلمة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاثنين المقبل في لقاء يستضيفه المجلس الاقتصادي الاجتماعي، ويتخذ طابعاً تشاورياً وتشاركياً مع ممثلي قوى الإنتاج لمناقشة موضوع “الواقع الاقتصادي، الاجتماعي والمعيشي والأزمات الحالية”. وكان ميقاتي تلقى جرعة دعم معنوية للحكومة باستقباله أمس المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونتسكا في السرايا، التي أكّدت تشجيع المضي في الإصلاحات المطلوبة، مشيرة إلى أنها “أطلعت ميقاتي على معطى إيجابي يتمثل بتنظيم لقاء تحت عنوان “المنصة الانتخابية” الإثنين المقبل برعاية وزارة الداخلية وبمشاركة السفراء المعتمدين في لبنان، بهدف التركيز على مجريات الانتخابات المقررة في آذار المقبل ودعم لبنان على هذا الصعيد”. وكذلك، زارت فرونتسكا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وجرى عرض الأوضاع الراهنة.

وإذ يتصاعد الاهتمام الدولي لناحية التأكيد على ضرورة إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، حصل تطوّر أمس على صعيد قانون الانتخاب مع صدور القانون النافذ حكماً رقم 8 الصادر بتاريخ 3/11/2021 في ملحق العدد 43 من الجريدة الرسمية القاضي بتعديل بعض مواد القانون رقم 44 تاريخ 17/6/2017 المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب. ولم يقترن تعديل القانون بتوقيع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سبق أن ردّه إلى مجلس النواب طالباً إعادة النظر فيه. وينتظر أن تشهد مسألة قانون الاتتخاب أخذاً وردّاً إضافياً الأسبوع المقبل مع توجه تكتل “لبنان القوي” إلى الطعن في التعديلات.

وفي وقت تبدو العين الدولية شاخصة على الأوضاع اللبنانية بكامل زواياها، برز أمس موقف لافت لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في زحمة التحديات، وفي طليعتها الأزمة مع الخليج، مؤكداً أن “فرنسا على اتصال وثيق بجميع الأفرقاء المعنية بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان”. وحضّ لودريان “جميع الأفرقاء وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان”، مشيراً إلى أنه “أمر حاسم للمنطقة”. وإذ اعتبر لودريان أنّ “فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية”، أكّد على “وجوب أن يكون لبنان قادراً على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات”. ولا تزال لقاءات قائد الجيش العماد جوزف عون في الولايات المتحدة الأميركية تتصدّر عناوين الاهتمام الدولي بلبنان، إذ التقى مساعدة وزير الدفاع للشؤون السياسية Dr Mara Karlin في البنتاغون، والتي بدورها أشارت إلى “دعم بلادها الثابت للجيش، لأنها الشريك الأمني الأساسي له”، مشيدةً بأداء الجيش “الذي يحظى باحترام واسع، وبدوره في الاستقرار الداخلي”، مع تأكيد مواصلة دعمه والتعاون معه.

شارك المقال