جنبلاط يشهر يأسه من “حزب الله”… وساعات حاسمة للأزمة

لبنان الكبير

دخل لبنان التوقيت المفصليّ في مسار الأزمة الديبلوماسية المستجدة مع دول الخليج العربيّ من دون أن تشهد بيروت أيّ تبديل أو تعديل في مواقف قوى “الممانعة” المتمثلة برأس وزير الإعلام جورج قرداحي الذي لا يزال “ينام على حرير” غير آبه بالمقامرة بمصير البلاد والعباد مجيّراً شيك “المليون” السياسيّ لمحور “حزب الله” الذي بات يمتلك حصراً القدرة على الصّرف والتصرّف بإقالته. وإذا كان لبنان قد استعان بصديق تمثّل أمس في جولة مساعد الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي على المرجعيات الرئاسية، فإنّ الإجابة المؤكدة التي لا تحتاج إلى حذف احتمالات تتمثل في أنّ “العلاقات العربية – العربية يجب أن تكون إيجابية وجيدة ومسألة استقالة الوزير جورج قرداحي كان يمكن أن تنزع فتيل الأزمة من البداية، لكن الأمور استمرّت على حالها والأجواء التي استمعت إليها من المسؤولين الذين التقيتهم حريصة على العلاقات مع الخليج”، انطلاقاً من التصريح الذي أدلى به زكي في “عين التينة”، مؤكّداً “أننا سنقيّم الموقف عقب العودة إلى القاهرة وسنقرر حينها الخطوة المقبلة في سبيل حل الأزمة الديبلوماسية”.

ولا يبدو أنّ الإجابة المؤكّدة حول ضرورة استقالة قرداحي كمدخل أوليّ للدخول في بداية طريق حلّ الأزمة مع الخليج قد سمع صداها في الأروقة “الممانعة”، فيما أشارت معلومات “لبنان الكبير” إلى أنّ الاستقالة باتت جزءاً لا يتجزأ من خيارات المحور الإيراني في لبنان وأن قرداحي لم يعد يملك قرار استقالته منذ دخل “حزب الله” على خطّ التصعيد مع المملكة العربية السعودية، حيث بات قرار وضع ورقة استقالة قرداحي على الطاولة مرتبطاً بخيار محور سياسي ونظرته إلى موقع لبنان في ظلّ صراعات المنطقة. وأكدت المعلومات أن خيار “حزب الله” يتمثل حاليّاً بعدم التسليم بقرار الاستقالة وإحالة الموضوع اللبناني على المعطى الإقليمي بما ينذر بطول الأزمة.

ويتقابل تعنّت “حزب الله” الذي يضع كامل الشعب الللبناني في “بوز بارودته” مع شبه ركود داخليّ رغم المواقف المستنكرة التي عبّرت عنها الأحزاب والشخصيات الصديقة لدول الخليج. وبدا في استطلاع مراقبين سياسيين أنّ هامش تحرّك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يذهب إلى العدم مع الوقت، رغم تمسّكه بخريطة الطريق التي رسمها قبل ايام من السرايا ودعوته المتكررة لقرداحي إلى الاستقالة. وفي غضون ذلك، أشارت معلومات “لبنان الكبير” إلى أنّ الصمت الخليجي حيال مسار الأزمة مع لبنان يأخذ موقع المراقب قبل الدخول جديّاً في مسار التصعيد الحقيقي تجاه لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويبقى التعويل على ما سينتج من حراك موفد الجامعة العربية حيث أكّد زكي أمس بعد لقائه ميقاتي أنّ “العلاقات بين لبنان ودول الخليج مهمّة للبنان وأيضاً لدول الخليج، والجهد الذي نبذله قد يؤدي إلى تجاوز الأزمة، ونَعبُر بها إلى حوار اكثر جدية، في مسار العلاقات بين دول الخليج ولبنان”، مشيراً إلى أنه “قبل قدومنا، لم يكن هناك جهد لرأب الصعد، وهذه مبادرة لوضع الأمور في مسارها الصحيح”. وأعلن زكي عن وجود اتصالات مع السعودية قبل زيارة لبنان، مؤكّداً أنّ “الحوار قائم قبل هذه الزيارة، ووجدنا ثقباً في الباب نستطيع أن نمرّ منه”. وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت تصريحات قرداحي تسببت بالأزمة، أجاب زكي بعد لقائه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب أن “ما قيل موقف متكامل للوضع في اليمن، وما قيل كان أمراً نظرت إليه السعودية بأنه مسيء وخارج عن الموقف العربي، والحديث حول أن المسألة بسيطة، لا، هي ليست كذلك، وهي أهم من أن تتعامل معها بشكل فيه استخفاف، وكل الأمور تحتاج جهداً”.

وبين ترقّب جهود الجامعة العربية من جهة ودقّ ناقوس الإنذار حول ما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من تصعيد للموقف من جهة ثانية، برز أمس تصريح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط رأى فيه أن “المخرج الآني للأزمة الخليجية يبدأ بإقالة وزير الإعلام جورج قرداحي ثمّ الاعتذار من الخليج، وليس العكس كما يريد البعض في محور الممانعة، وليسمح لنا “حزب الله” الذي صبرت عليه كثيراً”، لافتاً إلى أن “حزب الله خرب بيوت اللبنانيين في الخليج”. وتساءل جنبلاط: “أين موقف رئيس الجمهورية من هذه الأزمة الدبلوماسية؟”، مضيفاً: “لا أوافق على نظريّة أنّ لبنان سُلّم لـ “حزب الله”، فأداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ممتاز في هذه المرحلة”. وأشار جنبلاط ألى أن “لا مقايضة بين ملفّي مرفأ بيروت والطيونة”، معتبراً أنه “لو كان مكان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لما رفض الذهاب إلى التحقيق ولكن له ظروفه ربّما”.

وبدوره، دقّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي جرس الإنذار أمس في إشارته إلى أنّ “الحكومة تعطلت بأدق ظرف من الحاجة إليها. ولا نستبعد أن يكون هدف المعطلين ضرب وحدة لبنان وتفكيك الدولة والتمرد عليها والانفصال عنها وقلب الحقائق وقطع علاقاتها مع أشقائها وإلقاء التهم باطلاً على الذين لا يزالون في كنف الدولة والشرعية”. واعتبر الراعي خلال كلمة ألقاها خلال افتتاح دورة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان أنه “في هذا الظرف الصعب والدقيق الذي يعيشه لبنان والمنطقة يوجب على اللبنانيين أن يستلهموا من الثوابت الوطنية في حياتهم الوطنية وخياراتهم السياسية وأن يبنوا دولة قادرة وعادلة ولا تتيح لأي فريق فرض خياراته على الاخرين والاستقواء بالخارج وتعطيل المؤسسات الدستورية”.

وإذ تضاف الأزمة السياسية المرتبطة بشدّ الحبال حول ملف تحقيقات مرفأ بيروت والمحقّق العدلي طارق البيطار على مجموع الأزمات المعطلة لانعقاد مجلس الوزراء، برز أمس اجتماع ​مجلس القضاء الأعلى​ الذي استمرّ زهاء أربع ساعات، منها ساعتان من دون كهرباء ما دفع ببعض القضاة للاحتكام إلى هواتفهم للإنارة. ولم يصدر المجلس أي قرار تأديبي أو مسلكي أو إحالة على التفتيش القضائي بحق القاضي حبيب مزهر. إلى ذلك، استنكر المكتب السياسي في حركة “أمل” ما سماها “الحملة المبرمجة على القاضي مزهر والتي تظهر ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضاة”.

ولم يكن ينقص حراجة الأزمات اللبنانية سوى بروز أفعال “الحزب” التخريبية في الكويت خلال التوقيت الحالي بالذات، حيث قرّرت النيابة العامة الكويتية أمس الإثنين، حجز 8 مواطنين متهمين بتمويل “حزب الله”، مع الإشارة إلى أن هناك أوامر بضبط وإحضار قد تصدر في الـ 24 ساعة القادمة ضد آخرين، وذلك وفق تحريات أمن الدولة التي تتواصل في هذه القضية لفك خيوطها. ولفتت المصادر المطلعة على أبعاد القضية إلى أن التحريات مستمرّة على مدار الساعة، وسيتم فحص جميع الحوالات الخارجية للوقوف على أدلة الثبوت وتقديمها إلى النيابة العامة.

شارك المقال