“هرج ومرج” في القضاء… و”كرّ وفرّ” على الجبهة الحكومية

لبنان الكبير

لم يتبدّل واقع “الهرج والمرج” السياسيّ المرتبط بملفّ التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت المتزامن في التوقيت مع “كرّ وفرّ” في التنصّل من المسؤوليات الملقاة على محور “حزب الله” إزاء التسبب بالأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة مع دول الخليج العربيّ.

وبدأ اليوم الطويل أمس بتقاذف الطابة في الملعب القضائي مع التقدّم بشكوى مسلكية ضد القاضي حبيب مزهر أمام هيئة التفتيش القضائي من الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”. وتقدّم محامو الادعاء عن الضحايا الأجانب في انفجار المرفأ بشكويين لدى هيئة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى بحق مزهر على خلفية الأخطاء في القرار الصادر عنه حول كف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وفق ما ورد في نص الشكويين.

ثمّ تقدّم الوكيل القانوني للوزير السابق يوسف فنيانوس بدعوى رد القاضية روزين الحجيلي، المستشارة في هيئة محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في دعوى رد البيطار، والتي يرأسها بالانتداب مزهر بدلاً من القاضي نسيب إيليا. وبعدئذٍ أعلن تحالف “متحدون” في بيان أن محاميه تقدّموا بشكوى أمام هيئة التفتيش القضائي على القاضي مزهر لمخالفته الأصول الجوهرية في تطبيق القانون على إثر القرار الذي اتخذه بوقف عمل المحقق العدلي. وتبلّغ مزهر دعوى ردّه المقدمة من تجمع “متحدون”، عن النظر بدعوى فنيانوس التي يطلب فيها كف يد بيطار عن التحقيق بملف انفجار مرفأ بيروت. وبدوره، تقدّم وكيل الوزيرين السابقين النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل المحامي محمد زعيتر أمام النيابة العامة التمييزية، باستحضار دعوى مخاصمة قضاة ضد الدولة اللبنانية، ممثلة بهيئة القضايا في وزارة العدل، لإبطال عدد من القرارات موضوع الدعوى.

كلّ ذلك حصل في “حفلة جنون” غير مسبوقة خلال ساعات قليلة، في وقت رأت مصادر متابعة لتطورات مسار قضيّة تحقيقات انفجار مرفأ بيروت عبر “لبنان الكبير” أنّ “ما يحصل يُنذر بانتهاء التحقيق في ملف المرفأ وعدم القدرة على استكمال الخطوات المؤدّية إلى مسار جديّ، ما عدا الاستمرار في لعبة الأخذ والردّ والمماطلة وحرق الوقت والتعطيل”، مشيرة إلى أن “النهج التدميري للمؤسسات وصل رسمياً إلى المؤسسة القضائية بعدما طاول القطاعات المصرفية والتربوية والصحية بما يرسم صورة نهاية الدولة والدخول في منطق الفوضى”، ومتخوفة من أن “ينسحب نهج التدمير على الأمن في المرحلة المقبلة في ظلّ استفحال الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة والهواجس المتناقلة والمتضاعفة من أن يشمل نهج التدمير محاولات فرط المؤسسات الأمنية”.

وأضيفت صورة المراوحة المستمرّة على صعيد الأزمة مع دول الخليج إلى مشهدية الأزمات على طريقة “سارحة لبنانياً والربّ راعيها” على الرغم مما جرى تناقله أمس من أجواء تشير إلى العمل على البحث عن مخارج على الصعيد اللبناني بعد اللقاءات التي عقدها ممثل الجامعة العربية حسام زكي في بيروت.

وأشارت معلومات “لبنان الكبير” إلى أنّ البحث عن مخارج لا يزال قائماً على صعيد تنسيقي بين الرئاسات الثلاث بعيداً من الأضواء، انطلاقاً من مدخل الحلّ القائم على تأمين ترجمة مخرج لاستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، لكن المسألة لا تزال تحتاج وقتاً ولم تلقَ قبولاً من “حزب الله” حتى الآن.

لكن ما هو جديد تمثّل في معلومات عن مساعٍ ناشطة يقودها كلّ من رئيسي الحكومة نجيب ميقاتي ومجلس النواب نبيه بري في سبيل عودة اجتماعات مجلس الوزراء إلى الانعقاد، انطلاقاً من العمل على تأمين توافق قائم على فصل الملف القضائي عن اجتماعات الحكومة والعودة إلى النصوص الدستورية. وتردّد أنه في حال كتب النجاح لهذه المساعي ستكون معطوفة على معالجة قضية استمرارية قرداحي حكومياً من عدمها.

واستمرت جملة الاستنكارات المفتوحة في وجه المحور الايراني نتيجة مسببات الأزمة الديبلوماسية مع الخليج. وبعد الكلام العالي النبرة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، سجّلت تغريدة تصعيدية بتوقيع الأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري أمس، كتب فيها: “من معاني السفيه في اللغة العربية هو ذلك الذي يتّسم بالجهل والحقد، وما أكثر سفهاء السياسة اليوم من الجاهلين بتاريخ علاقات لبنان العربية، والحاقدين على كل ما هو عربيّ، متنكّرين للفضائل العربية ولاهثين وراء الفضلات الفارسية”، مضيفاً: “ولكل سفيهٍ يتطاول على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودول الخليج العربي نقول ما قاله الإمام الشافعي: يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيباً يزيد سفاهةً فأزيد حلماً كعودٍ زاده الإحراق طيباً”.

وفي وقت تتدحرج الأزمات السياسية منها والاقتصادية لتشمل غالبية القطاعات اللبنانية، رأس ميقاتي أمس اجتماعاً في السراي الكبير، خصص للبحث في مشاريع البنك الدولي لدعم قطاع الكهرباء في لبنان وإصلاحه. وشارك في الاجتماع المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار، الذي أشار إلى “أننا ناقشنا اقتراح البنك الدولي لدعم الإصلاحات في قطاع الكهرباء، وهذا أمر أساسي من أجل المزيد من الشفافية، ومن أجل نظم وقوانين أفضل، وزيادة إمداد الكهرباء للمواطنين اللبنانيين. هذا البرنامج سيناقش في الحكومة التي نود أن نعمل معها من أجل تسريع الإصلاحات في قطاع الكهرباء مما يجعله قطاعاً أكثر استدامة”.

وكذلك اجتمع ميقاتي مع المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ديفيد بيسلي، وتمّ خلال اللقاء البحث في زيادة المساعدات والتقديمات المالية والغذائية التي يقدّمها البرنامج للشعب اللبناني.

وفي سياق آخر، عقدت لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية برئاسة النائب عاصم عراجي لقاء مع وزير الصحة فراس الأبيض، أعلن خلاله الأبيض عن “خبر جيّد للمرضى وخصوصاً مرضى وزارة الصحة، وهو أنّنا بعد مفاوضات مع البنك الدولي استطعنا بواسطة أحد برامج البنك الدولي أن نوسعه حتّى تحصل تغطية لمرضى وزارة الصحة في المستشفيات، وليساعدنا في الدفع للمستشفيات ثلاثة أضعاف ونصف، فتأخذ المرضى الذين يأتون من طريق وزارة الصحة، وطبعاً هذا يغطي جزءاً كبيراً جدّاً من أيّة فروقات كانت تطلبها المستشفيات من مريض وزارة الصحة، وسيكون ذلك عبر قرض من البنك الدولي وهذا أمر جيّد يساهم في تخفيف بعض التكاليف الإضافية التي كان يدفعها المريض”.

أما الصرخة الكبرى على صعيد القطاعات الانتاجية، فأتت بلسان رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير الذي أشار إلى أنّ “الصناعة بخطر”. ولفت في تغريدة إلى أنّ “معلومات تصلنا تباعاً حول أن مئات المصانع استوردت مواد أولية بأكثر من مئة مليون دولار لتلبية عقود أبرمتها مع زبائنها في السعودية، وهي الآن مهدّدة بالزوال إذا لم تحل الأزمة مع المملكة لعدم تمكنها من تصدير البضائع… اتقوا الله، وزير بيجي وزير بروح، إنّما مصانعنا راسخة في أرضنا”.

شارك المقال