تكاد اليوميات اللبنانية تزاحم بعضها البعض في مستوى التدحرج نحو الأسوأ على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك تبعات الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج العربي، بعدما أضيف أمس إجراء جديد اتخذته دولة الكويت بإضافة لبنان إلى قائمة الدول الموقوف تحويل التبرعات إليها، وذلك بعد أيّام من وقف تحويل أموال التبرعات الخيرية إلى أثيوبيا. ولا يبدو أن هناك مبادرة أو تحرّكاً جدياً على الصعيد الداخلي في إطار البحث عن مخارج للازمة، طالما أن الفريق الممانع “واقف على سلاحه” في رفض إقالة وزير الاعلام جورج قرداحي من دون “تقريش” الموضوع مقابل بديل.
وأفادت معلومات “لبنان الكبير” بأنّ الحراك الداخلي باتجاه إيجاد مخارج لعودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء، بما يشمل البتّ في موضوع المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار من جهة، واستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي من جهة ثانية، لا يزال يرتبط بعناوين عامة من دون الدخول في مضامبن تفصيلية. وعُلم أنّ أسباب الترقّب مرتبطة بما سيحمل الحراك القطري معه من تطورات، وما إذا كان سيأتي بمجموعة من المطالب والتفاصيل أو بخريطة طريق تساهم في بداية عودة لبنان إلى السكّة الصحيحة في علاقته بدول الخليج العربي، بما يعني انتظار ما إذا كانت الزيارة القطرية ستحمل معها “كلمة سرّ” لبدء مسار الخروج من الأزمة أم لا.
وليس ما هو أكثر تأكيداً على استمرار الضياع على الصعيد الداخلي، سوى إغداق كمّ من الأخبار المرتبطة بزيارة الموفد القطري من دون أن يكون هناك تحديد لموعد الزيارة أو تأكيد لحصولها قريباً في الأساس. وإذ لم يُحدَّد بعد أي موعد لزيارة موفد قطري إلى بيروت، يبدو الرهان السياسي داخلياً على زيارة قطرية مرتقبة لم تتضح معالمها قبل المباشرة بأي خطوة. وتؤكّد هذه الأجواء حراجة الأوضاع لبنانيّاً وسيطرة نوع من الإرباك وانعدام الدراية إزاء ما يمكن فعله، وسط غياب الحلول الداخلية أو القدرة على اتّخاذ قرارات بالحدّ الأدنى في ظلّ تعنّت “حزب الله” لجهة عدم القبول باستقالة قرداحي.
وفي وقت يستمرّ الانتظار اللبناني معلّقا حتى بروز أيّ معطى من شأنه أن يوحي بإقلاع حراك اقليمي للعمل على وساطة ما في الموضوع الخليجي، حلّت وجهة الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي أمس من اسطنبول بعد هبوط طائرة وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو مترئساً وفداً وآتياً من طهران. وسيلتقي أوغلو خلال الزيارة عدداً من المسؤولين. واستبعدت مصادر لبنانية مواكبة لجدول زيارات أوغلو على المقارّ الرسمية تماماً عبر “لبنان الكبير” أن تكون الزيارة مرتبطة بمضامين الأزمة اللبنانية – الخليجية، لكنها وضعتها في خانة السير خطوة في اتجاه التعبير عن حضور تركيّ في الداخل اللبناني، حيث ستشمل الزيارة افتتاح بعض المشاريع الإنمائية عملت تركيا على تمويلها في بعض المناطق. وثمة لبنانياً من يطرح تساؤلات حول توقيت الزيارة المتزامنة مع الأزمة الخليجية، مع الاشارة إلى وجهة أوغلو السابقة التي تمثلت بإيران. ويرتقب أن يعقد اوغلو اليوم مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب في مقرّ وزارة الخارجية.
إلى ذلك، لم تغب أمس اللقاءات التي استعرضت الأوضاع اللبنانية الصعبة اقتصادياً، حيث التقى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بمدير مكتب بيروت في “البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية” خليل دنغزلي، الذي أشار بعد اللقاء إلى أنّ “الاجتماع كان مثمراً، وعرضت خلاله النشاطات التي يقوم بها المصرف والتزامه بمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة”. وكذلك، التقى ميقاتي السفير البريطاني إيان كولارد حيث استعرضت العلاقات الثنائية بين البلدين.
وعلى صعيد متابعة الأضرار التي خلّفتها الحرائق في المناطق اللبنانية، واكب ميقاتي التطورات مع وزير البيئة ناصر ياسين. ووجه ميقاتي تحية إلى الجيش والدفاع المدني والفرق الكشفية وكل من ساهم في إخماد الحرائق، لافتاً إلى “ضرورة استمرار التحقيقات لمعرفة الأسباب التي أدت إلى اندلاعها ومنع تكرارها، بالإضافة إلى توقيف المتسببين بها وإحالتهم على القضاء المختص”. وأوعز إلى الهيئة العليا للإغاثة “إجراء الكشف اللازم على أماكن الحرائق ورفع تقرير سريع”. وأكد ميقاتي على “وجوب إنصاف عناصر الدفاع المدني، الذين بذلوا جهوداً جبارة في إخماد الحرائق، والذين لم يترددوا في القيام بواجباتهم وتقديم التضحيات الكبيرة رغم المعاناة المستمرة من عدم إنصافهم”.
وفي زحمة الأزمات المتصاعدة على غير صعيد، استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمس وزير الصحة فراس الأبيض الذي أشار إلى أنّ “الوزارة تمكّنت من تأمين كمية لا بأس بها من أدوية الأمراض المستعصية كمرض السرطان للمستشفيات التي تعالج هذا المرض وأمثاله من الأمراض المستعصية، ومع تقدّم الأيام فإنّنا سنشهد حلحلة كبيرة بالنسبة للأدوية المستعصية، والأمراض المزمنة”. ولفت إلى أنه “في ما يتعلّق بجائحة كورونا، نلحظ ارتفاعاً ببعض الأرقام، وقد وضعت الوزارة خطة لتنشيط عملية اللقاح وتزخيمها كي نزيد أعداد المواطنين الملقحين، وقد جهزنا بعض المستشفيات في مناطق مختلفة لتستقبل الحالات التي تحتاج إلى العلاج في المستشفى، وهناك إجراءات ستعلن عنها الوزارة في حينه تشمل المطار وقطاع السياحة وغيرها من القطاعات التي يجب أن تلتزم هذه الإجراءات”.