الاتصالات خليجياً “خارج الخدمة”… والتطمينات الانتخابية دونها هواجس

لبنان الكبير

إذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد تابع أمس اتصالات جارية لمعالجة الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة الناشئة على صعيد العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج، في “إطار تأكيد رغبة لبنان بإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً”، فإنّ الخطّ الأساسي بين لبنان والخارج يبدو “خارج الخدمة حالياً والرجاء المحاولة لاحقاً”، عندما تتبدّل وقائع الصورة السياسية العامة في البلاد خارج سيطرة “حزب الله” على القرار.

وفي وقت تستمرّ محاولة “الاتصال بصديق” للتشاور في كيفية التوصل إلى استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، فإنّ الجواب النهائي يدور في حلقة مفرغة في غياب أي توجه لديه في التخلي عن مقعده الوزاريّ قريباً.

هكذا دخل لبنان عملياً في حكاية “ابريق الزيت”: الاستقالة تساهم في بداية الحلّ، أم بداية الحلّ قبل الاستقالة؟

ولم يكن ما هو أكثر تأكيداً على مدى عمق الأزمة المتمثلة بمرض متفاقم وليس بزكام عابر، سوى الانباء التي تواردت عن قرار للنيابة العامة الكويتية بحبس 18 متهماً في تمويل “حزب الله” 21 يوماً وإيداعهم السجن المركزي على ذمة التحقيق. وأشير إلى أن النيابة العامة تحقّق في القضية، ومن المتوقع إحالتها قريباً إلى محكمة الجنايات.

ولفتت معلومات “لبنان الكبير” إلى أنّ الاتصالات التي تبحث في الحلول الممكنة لم تتخطّ التداول مع قرداحي والقوى السياسية الداعمة له في تداعيات الأزمة وحضّه على تقديم استقالته قطعاً للطريق أمام تفاقم الأوضاع. وإذا كان جواب قرداحي معروفاً، فإن ثمّة تساؤلات تطرحها مصادر سياسية معارضة حول الجدوى من تكرار المحاولة، باعتبارها تشكّل دوراناً في حلقة مفرغة. وترى أنّ الحلول الداخلية مستعصية قبل انتظار أي مستجدات إقليمية مرتبطة بانحسار موجة تصعيد إيران التي لا يبدو أنها ممكنة في وقت قريب. وترجّح أن الكلمة ستكون في المرحلة المقبلة للمراوحة الداخلية بما يؤكد عمق الأزمة وطول فصولها.

وفي وقت تراهن الأحزاب المعارضة الكبرى على استحقاق الانتخابات النيابية كعامل من شأنه بداية رسم معالم التغيير، نقلت أجواء إيجابية أمس على لسان وزير الداخلية بسام المولوي الذي أكد أن التحضيرات للانتخابات تتم في موعدها مع التسجيل بكثافة في البعثات الديبلوماسية. وأطلع المولوي رئيس الجمهورية على تحضيرات وزارة الداخلية في بعبدا. كما وضعه في نتائج الحرائق التي اجتاحت المناطق اللبنانية. وأكد المولوي بعد اللقاء أنّ “الإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية في ما خص التحضير للعملية الانتخابية التي ستحصل في موعدها القانوني، انما تحديد الموعد النهائي الذي يصدر بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية، يتفق عليه ضمن المهلة القانونية”. وأشار إلى أنّ “كل التحضيرات للعملية الانتخابية سواء في وزارة الخارجية، او على صعيد التسجيل في البعثات الديبلوماسية في الخارج، تتم في موعدها، ونحن ملتزمون بالمواعيد”.

لكن التطمينات لا تلغي الهواجس التي لا تزال حاضرة لدى عدّة أحزاب كبرى مؤيدة لإجراء الانتخابات في موعدها بدلا من “تطييرها” انطلاقاً من “العصي التي بدأت توضع في دواليب الاستحقاق” بدءاً من الطعن المقدم من تكتل “لبنان القوي”. وأفادت معلومات “لبنان الكبير” أن الهواجس تشمل بشكل خاص “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” حيث تستمر التحضيرات. وعلم أنّ الأحزاب المعارضة الكبرى تعتزم خوض الانتخابات النيابية في لوائح منفردة من دون تحالفات حتى الساعة. ويتمثل السبب الأساسي في الهمود الحاصل لناحية غياب أحزاب المعارضة عن إعلان إجراءات رسمية أو أسماء المرشحين في عدم الثقة بأن الاستحقاق الانتخابي يسلك طريق البلورة. وهناك أكثر من عائق ومطب لا بدّ من التأكد من تذليله قبل الدخول رسمياً في إدارة محركات العملية الانتخابية وإعلان أسماء المرشحين.

وتترقب الأحزاب المعارضة ما سيصدر عن المجلس الدستوري بعد الطعن المقدم من “التيار الوطني الحرّ”، حيث تستقرئ أنها محاولة أبعد من تسجيل ملاحظات على قانون الانتخابات بل تستهدف إما عرقلة الاستحقاق وإما إجراءه على قياس بعض قوى الأكثرية الحالية.

حكومياً، تستمر المحاولات الهادفة إلى عودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء من دون نتيجة. ولوحظ محاولة الحكومة الصمود في مواجهة كلّ الضغوط الاقتصادية المتصاعدة، من خلال إجراءات “على القطعة” في غياب الاجتماعات الوزارية.

وفي السياق، أعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أمس “دفع مساعدة اجتماعية قدرها نصف راتب بدءاً من مطلع تشرين الثاني لموظّفي القطاع العام، ومنحة نصف راتب قبل الأعياد، على أن لا تقلّ عن مليون ونصف مليون ولا تزيد على 3 ملايين ليرة”. وأكد ميقاتي في ختام اجتماع لجنة معالجة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية على سير عمل المرفق العام، “إقرار بدل نقل قدره 64 ألف ليرة عن كلّ يوم حضور، ونصف راتب من الأول من الشهر المقبل”. ولفت إلى أنّ “المنحة الاجتماعية ستشمل كلّ العاملين في القطاع العام”، مشيراً إلى “وجوب حضور الموظفين إلى الإدارات بنسبة 66 في المئة”. ولفت ميقاتي “استمرار الدعم الكامل لأدوية الأمراض المستعصية، والدعم الجزئيّ لأدوية الأمراض المزمنة، والعمل على تأمين الموارد المالية لدعم الجهات الضامنة ودعم صناعة الأدوية المحلية”. وشدّد على أنّ “هذه المقرّرات ذات طابع استثنائيّ، ريثما تتمّ إعادة النظر في موازنة 2022، التي ستنجز في أقرب وقت وهي ستكون على طاولة أول جلسة لمجلس الوزراء ليقرّها”.

شارك المقال