انسداد شامل حكوميّ واقتصاديّ… تخرقه “صلاة فاتيكانيّة”

لبنان الكبير

لم يعد يختلف اثنان بأنّ الأزمة اللبنانية المستعصية على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية على حدٍّ سواء، باتت تحتاج أعجوبة في زمن قلّت فيه الأعاجيب، وسط المراوحة المستمرّة وعدم القدرة على عودة انعقاد جلسات الحكومة على الرغم من كلّ المحاولات الهادفة إلى محاولة تدوير الزوايا. وأضيفت درجة إضافية في سلّم الأزمات أمس مع ملامسة الدولار عتبة 24 ألف ليرة في سابقة شكّلت رقماً قياسياً جديداً لم يسبق أن سجّلته البلاد منذ بداية تدحرج الأزمة الاقتصادية.

وكأنّ رفع الصلوات أصبح يشكّل خياراً وحيداً على نية خلاص لبنان أو أقلّه فتح كوّة في جدار الأزمة الحكومية المستفحلة، في غياب بروز أيّ عامل ايجابي يشير إلى إمكان عودة جلسات مجلس الوزراء في وقت قريب. ولعلّها لم تأتِ محض صدفة زيارة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى حاضرة الفاتيكان اليوم في زحمة الأزمات المتراكمة، إذ تتجه الأنظار إلى الكرسي الرسولي حيث سيستقبل البابا فرنسيس الرئيس ميقاتي ويعقد معه لقاءً خاصّاً، وفق ما جاء في بيان الفاتيكان.

وأشارت مصادر مقرّبة من رئاسة الحكومة عبر “لبنان الكبير” إلى أنّ الزيارة المرتقبة للرئيس ميقاتي إلى الفاتيكان تندرج في سياق هدفين اثنين. ويتمثّل الهدف الأول في إطار استعراض الوضع اللبناني بكافة تفاصيله وطلب المساعدة من الصرح الفاتيكاني لجهة الدور الذي يمكن أن يضطلع به في ظلّ الصعوبات التي يعانيها لبنان على غير صعيد. ويعوّل ميقاتي على الأهمية التي يكتسبها الفاتيكان عالمياً، بما في ذلك لعب دور إيجابي في زمن الأزمات وقدرته على التأثير وحمل لواء قضية لبنان في دول العالم الصديقة. ويتمحور الهدف الثاني حول التأكيد على دور لبنان الرسالة والتشديد على وحدة أبنائه وحدوده على الرغم من الأزمات العاصفة به.

ولفتت المعلومات إلى زيارة مرتقبة سيقوم بها ميقاتي قريباً إلى مصر بعد محطته في الفاتيكان. وعُلم أنّ الرحلة المصرية المرتقبة ستتضمن عدّة عناوين، في طليعتها البحث في موضوع تسريع استيراد الغاز المصريّ وتحسين شروط الاتفاق المتعلق باستجرار الغاز. وستتحضر الأزمة الديبلوماسية المستجدة بين لبنان ودول الخليج العربي على طاولة البحث، بما في ذلك التطرّق إلى الخيارات التي من شأنها المساهمة في رأب الصدع على الصعيد العربي وكيفية ترجمتها.

في غضون ذلك، أكّدت المعطيات تراجع التفاؤل كلياً في إمكان التوصل إلى خرق على صعيد ترقّب عودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء، فيما كان التعويل قائماً على حلحلة بعد اللقاء الرئاسي الثلاثي الذي عقد في بعبدا عقب عرض عيد الاستقلال. وأشارت المعطيات إلى غياب كلي للمبادرات التي من شأنها الوصول إلى حلحلة حقيقية تساهم في استئناف الجلسات خارج إطار الترقّب، لكن ميقاتي يعتزم إعادة إطلاق عجلة المشاورات عند العودة من جولته الخارجية على أساس العنوانين اللذين عمل عليهما سابقاً لجهة التأكيد على عدم التدخل في الموضوع القضائي من جهة، والدفع باتجاه استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي كخطوة أولية لرسم خريطة طريق بداية حلّ الأزمة مع الخليج.

وإذا كانت درجت “الميني اجتماعات” المتخصصة بكلّ ملف أو قطاع بمفرده في الأيام الماضية وسط إقفال الباب الحكوميّ الكبير، فإنّ “ميني اجتماع” جديداً سجّل أمس مع ترأس رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعاً في بعبدا ضمّ وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق سليم جريصاتي. وتطرّق الاجتماع لعرض الأوضاع المالية في البلاد والصعوبات التي تواجه مؤسسة “ألفاريز ومارسال” في عملية التدقيق المحاسبي الجنائي في حاكمية مصرف لبنان. وأكد عون “ضرورة توفير “الداتا” والمستندات المطلوبة بشكل كامل، كي تباشر المؤسسة مهامها وتصدر التقرير الأولي بنهاية 12 أسبوعاً كحد أقصى وفق منطوق العقد”. وبدورهما، أشار الخليل وسلامة إلى أنهما يجريان “ما يلزم وبالسرعة الممكنة لهذه الغاية”.

ولم يخرق رتابة اليوميات السياسية اللبنانية أمس في ظلّ إقفال داخلي على كلّ الصعد يلام عليه “حزب الله” سوى خبر تصنيف الحكومة الأوسترالية أمس “حزب الله” بأسره كمنظمة إرهابية بما يعني توسيع نطاق العقوبات التي كانت تشمل حصراً الجناح العسكري للحزب المسلّح، إلى جناحه السياسي ومؤسّساته المدنية. وأكدت وزيرة الداخلية الأوسترالية كارين أندروز في السياق إنّ “الحزب المسلّح المدعوم من إيران يواصل التهديد بشنّ هجمات إرهابية وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية ويشكّل تهديداً حقيقياً وموثوقاً به لأوستراليا”.

وردّ “حزب الله” على قرار السلطات الأوسترالية معتبراً أن “هذا القرار وما سبقه من قرارات مماثلة والتي أقدمت عليها بعض دول الغرب المنحازة ضد شعوب هذه المنطقة ‏وقضاياها العادلة وحقها بالتحرر والاستقلال لن يؤثر على معنويات شعبنا الوفي في لبنان ولا على ‏معنويات الأحرار والشرفاء في العالم بأسره ولا على موقف “حزب الله” وحقه الطبيعي بالمقاومة ‏والدفاع عن بلده وشعبه ودعم حركات المقاومة ضد الاحتلال والعدوان الصهيوني”.

شارك المقال