الخليج للبنان مجدداً: إصلاحات وحصر السلاح

لبنان الكبير

معطيان طبعا التطوّرات على الصعيد اللبناني أمس. تمثّل المعطى الأول في عودة لبنان إلى طاولة المباحثات الخليجيّة، بما يعيد الملف اللبناني إلى واجهة الاهتمام من باب الضغط في سبيل الوصول إلى إزاحة عناء الثقل الذي تتسبّب به هيمنة “حزب الله” الكاملة بسلاحه على القرار الداخلي.

فقد حضر الشأن اللبناني أمس في زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى الإمارات العربية المتحدة ولقائه بنائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن زايد، وأكد الجانبان “ضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة تضمن للبنان تجاوزه لأزماته، وحصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنةً للتنظيمات والجماعات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة كـ “حزب الله”، ومصدراً لآفة المخدرات المهدّدة لسلامة المجتمعات في المنطقة والعالم”.

المعطى الثاني، فأتى من الباب القضائي مع عودة الحركة إلى التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت. وقد عاود قاضي التحقيق العدلي في ملف انفجار المرفأ طارق البيطار الحضور أمس إلى مكتبه في قصر العدل. وأتى ذلك تمهيداً لاستئناف تحقيقاته بعد تبلغه قرار محكمة الاستئناف المدنية بردّ طلب ردّه المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس لعدم الاختصاص.

وإذا كان لبنان لا يزال يترقب ترجمة نتائج “إعلان جدّة” على الصعيد الحكوميّ، فإنّ معطيات “لبنان الكبير” تشير إلى أن اهتمام رئاسة الحكومة ينصبّ حاليّاً على معالجة الشأن الأمني والحدّ من ترك حدود لبنان ساحة مستباحة ووجهة لتهريب المخدرات. ويتابع هذا الشأن مع الاتجاه إلى عقد اجتماعات مكثفة ذات طابع أمني في المرحلة المقبلة، في إطار متابعة الإجراءات المتخذة لضبط الحدود والإشراف والرقابة عليها. كما يسعى الفريق الوزاري المعني إلى تسريع المحادثات مع المؤسّسات المالية الدولية، والدخول في مرحلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بعد الانتهاء من مرحلة المشاورات التقنية.

وتركّز رئاسة الحكومة على البعدين الأمني والاقتصادي في تأكيدها على ترجمة العناوين الإصلاحية التي ستتخذها على عاتقها. لكن المعطيات تشير إلى أنّ البعد المتعلّق بحصرية السلاح، لن يكون محلّ تحريك أو بحث في تفاصيله خلال المرحلة الحالية، وذلك لاعتبارات ترى الحكومة أنها متعلّقة بأمدها العمريّ ومهمّاتها الأساسية المتمثلة بالإصلاحات وإجراء الانتخابات النيابية. ولا يعني ذلك عدم الالتزام ببنود “إعلان جدّة” بل مباشرة العمل انطلاقاً من المسار الذي يمكن البدء به.

ويتزامن التزام رئاسة الحكومة بالاصلاحات الاقتصادية في توقيته مع متابعة وفد صندوق النقد الدولي جولته على المسؤولين اللبنانيين أمس. وهو التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري بمقر الرئاسة الثانية في عين التينة. وضمّ الوفد المدير المساعد للصندوق تانوس أرفانيتيس ، الرئيس الجديد لبعثة الصندوق في لبنان ريغو إرنستو راميرز، رئيس البعثة المنتهية ولايته مارتان سيريزولا، نجلاء نخلة من مكتب لبنان في الصندوق، ومايا شويري من مكتب المدير التنفيذي. وجرى عرض للمراحل التي قطعتها المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي وما يتوقعه الصندوق من الجانب اللبناني من خطة للنهوض والإصلاح. وأكد بري “على التعاون الوثيق بين المجلس النيابي والحكومة لجهة إقرار مشاريع القوانين والإصلاحات التي تساهم في تحقيق الإنقاذ المطلوب”.

واكتملت صورة اللقاءات ذات الطابع الدولي أمس مع الاجتماعات التي عقدتها المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبدا لافتاً ما أكّده عون أمام فرونتيسكا في الموضوع الانتخابي، إذ رأى عون أن “كل التحضيرات قائمة لإجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل وبالتالي لا داعي للقلق والأخذ بالشائعات التي تروج في بعض وسائل الإعلام”، واعتبر أن “أي محاولة للتدخل في هذه الانتخابات من جهات خارجية للتأثير على خيارات الناخبين ستواجه بقوة، لا سيما وأن ثمة جهات ومنظمات وجمعيات تحاول استغلال الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد للضغط على الناخبين لصالح توجهات وشخصيات سياسية محددة”. وقال إن “الاتصالات جارية لتذليل العقبات أمام عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد”. وأشار عون إلى “عدم جواز تدخل السياسيين بعمل القضاء، خصوصاً في التحقيق الجاري في جريمة تفجير مرفأ بيروت، فضلاً عن ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عنه في الدستور”. ولفت إلى “التزام لبنان تطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرار 1701″، وأهمية التعاون القائم بين الجيش اللبناني في الجنوب وقوات “اليونيفيل” لما فيه مصلحة الاستقرار والأمن في المنطقة”.

كذلك، أطلعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة رئيس الحكومة على نتائج الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن في نيويورك في 29 تشرين الثاني الماضي. وقالت، عقب اللقاء: “كما تعلمون هذا الاجتماع الدوري هو للتشاور وليس مفتوحاً للعموم، وعادة عندما أعود من نيويورك أطلع السلطات اللبنانية على فحوى الاجتماع والمناقشات التي تمت حول لبنان وكيف تنظر المجموعة الدولية للأوضاع في لبنان وما هي آراء أصدقاء لبنان”. وذَكَرت أنه “بشكل عام كانت هذه جلسة بناءة وكل البلدان تتطلع لازدهار لبنان مع إتمام الإصلاحات وإجراء الانتخابات، وخصصت هذه الجلسة للنظر في تطبيق القرار 1701 وإن الدول الأعضاء في مجلس الأمن تتطلع لتطبيق هذا القرار”.

شارك المقال