“الثالثة ثابتة” خليجياً: الأزمة بين “الحزب” واللبنانيين

لبنان الكبير

على قول المثل الشعبي “الثالثة ثابتة”، فإن البيان الثالث أتى “ثابتاً” من قطر أمس، بعد “إعلان جدّة” والبيان السعودي – الإماراتي. ولم يعد هناك ما يدفع إلى السؤال عن الشروط الواضحة التي على لبنان تنفيذها للمساهمة في عودة العلاقات بين لبنان والخليج العربي. ولعلّ التأكيد مرّة ثالثة على أهمية إجراء إصلاحات شاملة في لبنان تضمن تجاوزه أزماته، وألّا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال تزعزع أمن المنطقة، بات يستوجب حفظ هذه النقاط عن ظهر قلب. وإذ تكرّرت هذه العناوين بعد اختتام المباحثات السعودية القطرية، أصبح من الضروري انطلاقاً مما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن “نرى إصلاحات حقيقية، ويجب أن نرى أفعالاً وليس أقوالاً من الحكومة اللبنانية”. وأكد بن فرحان أمس، خلال مؤتمر صحافيّ مشترك مع نظيره البحريني عبداللطيف الزياني، أن “لا أزمة بين المملكة ولبنان، بل إن الأزمة في لبنان بين “حزب الله” والشعب اللبنانيّ”.

لكن، يبدو أن الأفعال المرتبطة بالبنود السياسية ستبقى مرجأة إلى ما بعد الانتخابات النيابية، وفق ما أشارت معطيات “لبنان الكبير” لجهة تعويل أكثر من حزب محسوب على الخطّ السيادي على نتائج الاستحقاق الانتخابي والمساهمة في تغيير الأكثرية النيابية الحالية كخطوة أولى قبل الانطلاق في ورشة المتغيرات التي تراهن عليها هذه القوى، بدءاً من تشكيل حكومة بأكثرية سيادية تأخذ على عاتقها وضع كلّ الاصلاحات السياسية على الطاولة، انطلاقاً من البحث في التوصل إلى استراتيجية دفاعية ووصولاً إلى الانتقال نحو مرحلة ما بعد السلاح غير الشرعي.

وبدأت قوى سيادية محسوبة على محور 14 آذار سابقاً، تضع العناوين الأساسية التي لا بدّ من العمل عليها بعد الانتخابات في ظلّ رهان واضح على تشكيل حكومة تحاكي الأكثرية النيابية ما بعد مرحلة 2005. وعُلم أن التحضير لطرح العناوين الخلافية سيأخذ منحى المواجهة السياسية والرهان على التخلص من صيغة ما سمي بالديموقراطية التوافقية في الحقبات الحكومية الماضية، والانتقال إلى معادلة أكثرية تحكم وأقلية تعارض.

وإذا كان التعويل كبيراً على الوصول إلى مرحلة ما بعد الانتخابات، إلا أن ما هو مسلّم به على كلّ الصعد، تأكد أمس على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإشارته إلى “حاجة لبنان إلى وفاق سياسي لإعادة استنهاضه من الكبوة التي يعانيها ولكي يعود منارة العرب”. ولفت السيسي أثناء استقباله رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، إلى “دعم لبنان على الصعد كافة وأنه أعطى توجيهاته إلى الوزارات المختصة للاهتمام بكل مطالب لبنان وتلبيتها وفق الامكانات المتاحة”. وأشار إلى “الاعتزاز بعمق العلاقات الوطيدة بين مصر ولبنان على المستويين الرسمي والشعبي، وحرص مصر على سلامة لبنان وأمنه واستقراره، وتحقيق المصالح الوطنية اللبنانية وتجنيب لبنان مخاطر الصراعات في المنطقة، وذلك في إطار الاهتمام المصري الدائم بكل ما فيه مصلحة لبنان”.

ورحّب ميقاتي بـ”جهود مصر الحثيثة والصادقة لحشد الدعم الدولي للبنان على شتى الأصعدة في ظل استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني، بخاصة على المستوى السياسي والاقتصادي”. وأشار إلى “اعتزاز لبنان بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط الدولتين الشقيقتين، والتي تقوم على أسس التضامن والأخوة، وتقدير بلاده للدور المصري الحيوي كركيزة أساسية بحفظ الاستقرار بها والمنطقة العربية ككل”.

وعلى صعيد التطورات الداخلية، بدا لافتاً أمس ترحيب المطارنة الموارنة وارتياحهم إلى ما سموه “بداية حلّ الأزمة مع السعودية، بفضل التّعاون القائم بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي عهد السعوديّة الأمير محمد بن سلمان، ويأملون عودة العمل المؤسّساتي الدّستوري إلى مجلس الوزراء قريباً”.

وأكد المطارنة بعد اجتماعهم الشّهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الراعي، ومشاركة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية، إلى “أنّهم إذ يشكرون البابا فرنسيس على كلامه الّذي توجّه به إلى لبنان وأهله بعاطفة أبويّة، يعتبرون أنّ زيارته هذه جاءت للبنان أيضاً، آملين بتجسّدها عندنا قريباً، ويضمّون صلاتهم إلى صلاته من أجل بلوغ بلادنا خلاصها. كما يرجون أن تؤدّي اتّصالات الكرسي الرسولي دوليًّا إلى تحرّر لبنان من التجاذبات الإقليميّة التّي تكبّل إرادته، ووضعه على سكّة استعادة حريّة قراره”.

شارك المقال