انهيار الليرة يسابق التعطيل… وعون يسوّق لتباين مع “الحزب”

لبنان الكبير

أيّاً تكن الاعتبارات التي تؤدي إلى الارتفاع الجنونيّ في سعر صرف الدولار، الذي شارف عتبة الـ 30 ألف ليرة، سواء لجهة مجموعة عوامل مترابطة بدءاً من غياب عامل الثقة بالليرة وندرة العملة الصعبة وامتصاصها من السوق لاعتبارات الاستيراد أو التهريب، فإنّ النتيجة واحدة وسط مراوحة الأزمة السياسية مكانها وغياب انقشاع أي أفق لعودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء. 

وأذا لم يعد ممكنا إبقاء الكلمة للمناوشات السياسية المنعَكسة تأجيلاً وإرجاءً حكوميّاً، فإنّ الموقف البارز أتى أمس على لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بإعلانه تأييد الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها. ورأى أنه “لا يمكن إبقاء الحكومة معطلة، فهناك أمور تحتاج إلى البت بها، ومنها مثلاً إقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع”. وأكد عون أن “التفاهم قائم بشكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وأن وجود اختلاف في الرأي احياناً لا يعني الخلاف ويجب أن لا يسمى بذلك”.

وعلى الرغم من تعبير عون عن تباين بينه وبين “حزب الله” في موضوع التعطيل الحكوميّ، فإن مصادر نيابية معارضة تستبعد عبر “لبنان الكبير” أيّ اختلاف في وجهات النظر بين الفريقين، باعتبار أن الهدف الأساسي الذي يسعى إلى بلوغه الطرفان هو الفراغ والدفع باتّجاه “مؤتمر تأسيسي” من منطلق استمرار عون في بعبدا بعد انتهاء ولايته الرئاسية وتوسيع النفوذ السياسي لحليفه “الحزب” في النظام اللبناني من طريق الوصول التمهيدي نحو المثالثة ونيابة رئاسة الجمهورية. وتخوّفت المصادر النياببة من العمل على تطيير الانتخابات النيابية في غياب القدرة على الصمود، وسط الانهيار المتدحرج الذي بات يطاول الاستحقاقات المصيرية بما في ذلك وضع الحكومة. ورأت أن الفراغين في السلطة التنفيذية والتشريعية من المطالب التي يريد تحقيقها فريق “الممانعة” للوصول إلى تغيير هوية البلاد.

غير أنّه طرأ معطى ينسحب على بدء تحريك الاستحقاق الانتخابي بما يضيف بعض الايجابيات الخفيفة إلى الصورة القاتمة، مع إعلان المديرية العامة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات أنها “تعمل على نشر القوائم الانتخابية الأولية وتعميمها، حيث يستطيع الناخبون والناخبات التأكّد من صحة بياناتهم عبر موقع المديرية العامة     dgcs.gov.lb”.  وأشارت إلى أنه “يمكنهم الاتصال بالبلدية أو المختار أو بالخط الساخن 1766، وذلك تحضيراً للانتخابات النيابية اللبنانية المقبلة، وبحسب قانون الانتخاب رقم 44/2017”. وأضافت في بيان أنه “عملاً بالمادة 33 المعدلة في القانون النافذ حكماً رقم 8/2021، يمكن للمواطنين والمواطنات التأكّد من صحة بياناتهم بين 15 كانون الأول 2021 والأول من كانون الثاني 2022 لكي يتمكنوا من الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة”.

وانضم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى نادي المطالبين بعقد جلسة حكومية أمس، متسائلاً: “إلى متى سننتظر التسوية المطلوبة والتي تقضي باجتماع الوزارة فوق كل اعتبار للمباشرة بعملية الإصلاح والتفاوض مع صندوق النقد الدولي؟ إلى متى ستبقى الحسابات الفئوية الصغيرة أقوى من مصلحة الوطن؟ ماذا ينتظرون وقد بدأ الهيكل ينهار على رؤوس الجميع؟”.

وكذلك، برز مصطلح “انتخابات” في موقف تكتل “لبنان القويّ” الذي اعتبر أنه “لم يعد هناك أيّ تفسير أو مبرّر لعدم انعقاد مجلس الوزراء”. ولفت إلى أن “التعطيل تخطى سقف المناكفات السياسية ليصبح ضرراً مباشراً على الناس ‏يتحمل مسؤوليته كل طرف معطل، فكيف لا تجتمع الحكومة في بلد يتواصل فيه انهيار العملة الوطنية، وكيف لا يلتئم مجلس الوزراء وهو المسؤول دستورياً عن إيجاد الحلول المالية والاقتصادية للأزمات التي يعاني منها اللبنانيون؟”. 

وأشار “التكتل” في بيان بعد اجتماعه الدوري إلكترونياً إلى أن “الحكومة مدعوة إلى الانعقاد، وإلّا فهي تكون قد أسقطت نفسها دستورياً وسياسياً وشعبياً ‏وباتت بسكوتها أقرب إلى موقف المتواطىء”. وأضاف: “من الضروري أن يعقد مجلس النواب جلسة مساءلة للحكومة بناءً على أحكام النظام الداخلي، في ضوء عدم دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد والامتناع عن معالجة الأزمة المستفحلة وترك حاكم مصرف لبنان يتسلّط ويصدر التعاميم العشوائية من دون دراسة أو تدارك انعكاساتها على حياة اللبنانيين”.

شارك المقال