قلق دولي بالغ في زحمة الأزمات اللبنانية المتفاقمة

لبنان الكبير

بين التطمينات أنّ هناك قراراً دولياً بعدم سقوط لبنان وبوقف تردّي الأوضاع واستمرار الانهيار الحاصل من خلال مظلة خارجية وداخلية تحمي عمل الحكومة، والقلق البالغ إزاء المحن التي يواجهها اللبنانيون في هذه المرحلة، تأرجَحَت التصريحات والمواقف التي شخّصت تفاصيل الواقع اللبناني أمس. لكن ثمّة مجموعة من النقاط المسلّم بها التي لا يختلف حولها اثنان، لجهة أن تعليق انعقاد جلسات مجلس الوزراء يبقى مستمرّاً حتى إشعار آخر، في غياب أيّ أفق من شأنه رسم معالم انفراج مرجوّ.

وتشير معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ الحاجة إلى عقد جلسة آنية لمجلس الوزراء ستتظهّر فور انتهاء العمل على مشروع موازنة 2022 الذي عُلم أنه يواجه عراقيل وصعوبات عدّة مرتبطة بمستوى التضخم الذي بلغته الأوضاع الاقتصادية في البلاد. وترتبط الحاجة إلى عقد جلسة وزارية بعد انتهاء العمل على مشروع الموازنة بضرورة إقرار المشروع حكومياً وإحالته إلى مجلس النواب. ويتمثل العامل الآخر الذي سيحتاج إلى عقد جلسة حكومية في مرحلة مقبلة، بإقرار الخطة الاقتصادية الانقاذية بعد استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. ولا يزال أمام الحكومة متسع من الوقت في هذا المضمار، باعتبار أن مسوّدة الخطة تحتاج إلى عدّة أسابيع بما يحيل هذا الموضوع إلى ما بعد رأس السنة المقبلة.

وفي هذا الاطار، ثمة عامل، يطمئن مصدر من ضمن فريق العمل الوزاري المختص بالشؤون الاقتصادية، لجهة الاتفاق على تحديد الخسائر الذي أتى بعد جهد وعمل مكثّف من اللجنة المالية الموكلة التفاوض مع صندوق النقد. ويبقى الملف الآني الذي يحتاج عقد جلسة حكومية في حال بقي رئيس الجمهورية على قراره بعدم التوقيع على المستندات والقرارات، بتجديد التعاقد مع موظفي الدولة للعام المقبل. وإذا لم يتم التوقيع على تجديد العقود، عندها ينتفي تجديد العقود.

وأمام كلّ هذه التعقيدات التي لا تزال تحيط بمشهد عقد الجلسات، كانت معبّرة أمس الرسالة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر الفيديو إلى الشعب اللبنانيّ. ووُجهت الرسالة عشية زيارته المرتقبة إلى لبنان الأحد المقبل. ورأى غوتيريش أن “الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتراكمة تزيد من حدّة معاناة اللبنانيين. وتتفاقم هذه المعاناة جراء جائحة كوفيد-19. وسأحلّ بلبنان في هذا السياق حاملاً رسالة واحدة بسيطة، وهي أنّ الأمم المتحدة تقف إلى جانب شعب لبنان. فأسرة الأمم المتحدة قاطبة، من أفرقاء سياسيين وأفراد لحفظ السلام وعاملين في مجالي المساعدة الإنسانية والتنمية، تركيزها منصب على دعم لبنان وشعبه”.

وأشار غوتيريش إلى أن “إيجاد الحلول الدائمة لا يمكن أن يأتي إلا من قلب لبنان. لذا من الضروري أن يضع القادة الشعبَ محط اهتمامهم في المقام الأول، وأن ينفذوا الإصلاحات اللازمة لإعادة لبنان إلى مساره الصحيح، بما في ذلك بذل الجهود من أجل تعزيز المساءلة والشفافية واجتثاث الفساد”. ورأى أن “الانتخابات المقررة العام المقبل ستكون ذات أهمية أساسية. لذا يجب على شعب لبنان أن ينخرط بالكامل في اختيار الطريق الذي سيمضي فيه بلدكم قدماً. ولا بد من أن تتاح للنساء والشباب كل الفرص الممكنة لأداء دورهم بالكامل. فذلك هو السبيل الوحيد الذي سيكفل للبنان وضع الأسس لمستقبل أفضل”.

وفي زحمة انتظار التوصل إلى حلول اقتصادية واجتماعية، تساءل الرئيس نجيب ميقاتي: “هل الأفضل وجود حكومة أو عدمه؟ وتالياً أيّهما أفضل وجود حكومة بصلاحيات كاملة أو حكومة تصريف أعمال؟”. واعتبر في لقاء مع مجلس نقابة المحررين أنّ “استقالة الحكومة أهون الحلول لكنها أكبر الشرور، ولو كانت الخطوة تؤدي إلى حلّ فأنا لن أتردّد في اتخاذها، لكن الاستقالة ستسبّب مزيداً من التدهور في الأوضاع، وقد تؤدي إلى ارجاء الانتخابات النيابية”. وإذ أكد أن “الحكومة مستمرة في عملها والاتصالات جارية لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وأيّ دعوة لعقد جلسة من دون التوصل إلى حلّ للأزمة الراهنة، ستعتبر تحدّياً من قبل مكوّن لبناني وقد تُستتبع باستقالات من الحكومة، ولذلك فأنا لن أعرّض الحكومة لأيّ أذى”.

وفي وقت أكد ميقاتي “التعاون تامّ بيني وبين رئيس الجمهورية، والكلام عن خلافات هدفه تأجيج التوتر السياسي في البلد، وكذلك الأمر في العلاقة مع رئيس مجلس النواب والتي لا تشوبها شائبة، والتواصل معه مستمرّ لإيجاد حلّ لموضوع استئناف جلسات مجلس الوزراء”، كان بارزاً أمس توقيع رئيس الجمهورية القانون الرقم 251 المتعلق باتفاق قرض مع البنك الدولي لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية في لبنان.

حكوميا أيضا، عقد رئيس الحكومة اجتماعاً مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب الذي أطلعه على بنود الخطة الشاملة لترشيد الإنفاق بالعملة الصعبة في البعثات اللبنانية في الخارج. وقرر المجتمعون خفض رواتب الديبلوماسيين في الخارج حوالي 2,6 مليوني دولار أميركي وربطها بمؤشر الغلاء الصادر عن الأمم المتحدة بنسبة تخفيض مقدرة بنحو 9 في المئة وسطيّاً، علماً أنّ تخفيض رواتب بعض الديبلوماسيين وصل الى 25 في المئة.

شارك المقال