“الترقيع” مستمر… والانتخابات “مفتاح الحلّ”

لبنان الكبير

لم يتغيّر المنطق الترقيعي المسيطر على واقع الأوضاع في زحمة موسم الأعياد، بل أضيفت رقعة جديدة أمس إلى الرداء اللبناني بعد استغاثة أطلقها وزير الاتصال جوني القرم بمطالبته بالتحرّك السريع لتدارك وضع قطاع الاتصالات وسط 3 لاءات باتت تتحكم بالقطاع ولم يعد في المقدور حلّه، على طريقة “لا اعتمادات، لا مازوت، ولا خدمة للمشتركين”. وما لبث أن أعلن المدير العام لـ”أوجيرو” عماد كريدية انه تبلّغ من المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، أن رئيس الجمهورية ميشال عون وقّع قانون زيادة الاعتمادات المخصّصة لهيئة “أوجيرو”، وأن القانون سيصدر الإثنين.

وبين الترقيع والترقيع “كباش سياسي” على طاولة الفراغ، إذ أشارت معطيات “لبنان الكبير” إلى أن مسألة توقيع الاعتمادات تتخذ منحى سياسياً يرى فيها رئيس الجمهورية أسلوبا للضغط عليه من الخصوم السياسيين في غياب انعقاد جلسات مجلس الوزراء. وثمة أجواء تناقلت بين مقرّبين من العهد في الساعات الماضية، وتشير إلى أن هناك نوايا مبطنة من أكثر من فريق سياسي لعدم انعقاد جلسات وزارية طالما أن ولاية الرئيس ميشال عون لم تنته؛ فيما الغاية قطع الطريق أمام ترؤسه للجلسات. ويرون أن هناك نوعاً من الاستسهال لمسألة توقيع الاعتمادات، وهذا ما يرفضه عون كنوع من الضغط عليه. وهو يرى أن الحل يكمن في تحمل مجلس النواب مسؤولياته والتحرّك في سبيل عودة مطالبة الحكومة بالعودة الى الانعقاد.

وإذا كان “الأخذ والرد” يدور في دائرة مفرغة ويعود إلى محاولة الضغط على الرئاسة الثالثة، فإنه ليس ثمة مؤشرات تقلّل من وطأة الخلاف المستمرّ على مقلب “التيار الوطني الحرّ” وحركة “أمل” في المرحلة المقبلة. وفي ظلّ الانسداد القائم على غير صعيد، تستمرّ الرسائل الدولية الهادفة الى دعم الشعب اللبناني. وقد برزت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي وصل إلى بيروت واستهل لقاءاته أمس باجتماع مع رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، حيث تمّ التداول في الأوضاع الراهنة لاسيّما ملف الإصلاحات.

وأشار غوتيريش إلى أنّه “يحمل رسالة واحدة بسيطة وهي أن الأمم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم لبنان لتجاوز أزماته وحثّ الحكومة على إجراء الإصلاحات اللازمة”. ورأى أن “انتخابات العام المقبل ستكون المفتاح، وعلى الشعب اللبناني أن ينخرط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدّم البلد”. واعتبر أن “استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني والمؤسّسات الأمنية الأخرى، هو أساسيّ لاستقرار لبنان”.

من جهته، لفت عون إلى أنه بحث مع غوتيريش “الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان وسبل الخروج منها لا سيّما ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي ساءت خلال الأشهر الأخيرة، مع تأكيد العمل على تجاوزها ولو تدريجياً من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها بالتزامن مع إصلاحات متعدّدة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية”. وإذ رأى عون أن “لبنان سيشهد الربيع المقبل انتخابات نيابية ستوفر لها كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم، أكد التطرّق إلى موضوع النزوح السوري والتشديد على ضرورة إيجاد مقاربة جديدة لموضوع النازحين السوريين وعودتهم إلى وطنهم”.

وفي خضمّ التعطيل المتفاقم لجلسات الحكومة، برزت صرخة صادحة أمس على لسان البطريرك المارونيّ بشارة الراعي، الذي طالب بـ”وقف التشكيك في عمل القضاء، كأنّ الهدف ضربه وتحويل المجتمع إلى غابة للإجرام المتنقل”. وتساءل: “أليس من المعيب أن يُصبح انعقاد الحكومة مطلباً عربياً دولياً بينما هو واجب لبنانيّ دستوريّ؟ كيف تُمعن فئة نافذة بتعطيله باسم الميثاقية التي تُشوّهه؟ بينما هي ارتقاءٌ بالتجربة التاريخيّة للعيش الواحد بين المكوّنات اللبنانيّة، وقاعدةٌ لتأسيس دولة تحقّق أماني اللبنانيّين جميعاً وتُبعدهم عن المحاور والصراعات”.

ورأى الراعي، خلال قدّاس الأحد في الصرح البطريركي، أنّه “بعدم انعقاد مجلس الوزراء تتعطّل السلطة الإجرائيّة، ومعها الحركة الاقتصاديّة بكلّ قطاعاتها، والحركة الماليّة، والحياة المصرفيّة. وبنتيجتها يفتقر الشعب أكثر فأكثر. أهذا ما يقصده معطّلو انعقاد مجلس الوزراء؟”. وتمنى “عودة المسؤولين عندنا والنافذين إلى إنسانيّتهم، لكي يخلّصوا لبنان وشعبه متّبعين سلوكاً سياسيّاً ووطنيّاً إيجابيّاً يلتقي مع المساعي الدولية ويُنفّذ قرارات الشرعيّة الدولية”.

شارك المقال