“الدستوري” يولّع باسيل… وغوتيريش يطالب الزعماء بالشفافية

لبنان الكبير

في يوم “غسل الأيدي” من “التسوية – الصفقة” التي فاحت رائحة طبختها بين أركان في الأكثرية النيابية من دون أن تنضج تفاصيلها، كانت الكلمة، أمس، للمجلس الدستوري الذي لم يتمكن من تأمين أكثرية من 7 أعضاء على النقاط المطروحة في الطعن المقدّم من تكتل “لبنان القوي” في تعديلات قانون الانتخابات، مما جعل القانون المطعون فيه ساري المفعول. وعبّر رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب عن عدم رضاه عن القرار، وقال: “ما حصل اليوم قد يكون سقطة للمجلس الدستوريّ ولا أعرف ما إذا كان هناك تدخّل لدى أحد من الزملاء ولكن لا أشكّ بأحد”. وعقّب: “لم يطلب أحد منّا شيئاً في السياسة، والصفقة التي تحصل تكون بين أصحابها ولا تصل إلى أبواب المجلس الدستوريّ، والنقاش كان قانونيّاً”. وأضاف: “ناقشنا النقاط كافّة ووصلنا إلى النقاط حول المغتربين حيث كانت الآراء مختلفة”.

وبدا أمس كأنّ التسوية التي كانت على وشك الولادة لولا بروز مؤشرات الانسداد في اللحظات الأخيرة “صنيعة أشباح” في غياب من يتبنّاها. وأشارت معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ الرئاسة الثانية بدت الأبعد عن السير بها في الساعات الماضية، إذ ربطت مصادر مطّلعة بين قرار الأعضاء الذين يمثلون الطائفة الشيعية في المجلس الدستوري وبين عدم سير رئيس مجلس النواب نبيه بري في التسوية. ولفتت المعطيات إلى أن وجهة نظر بري كانت أقرب إلى الرئيس نجيب ميقاتي. وقال مطلعون إنه لو كان لبري مقاربة داعمة للسير في صفقة مع النائب جبران باسيل، لكان مرّر الطعن في تعديلات قانون الانتخابات.

وعُلم أنّ خروج ميقاتي غاضباً من اجتماع “عين التينة” لأسباب مرتبطة بالضغوط السياسية والظروف العملية التي تواجه حكومته والحاجة الى عقد جلسة حكومية في المرحلة المقبلة بدلاً من استمرار التعطيل. وأنه فاتح بري في الموضوع. وأكدت أوساط مقرّبة من رئيس الحكومة عبر “لبنان الكبير” عدم وجود أي اختلاف أو خلاف بين بري وميقاتي، مع التأكيد على العلاقة التاريخية التي تربطهما. ورأت أن العلاقات ممتازة بين الرئاستين الثانية والثالثة.

ولاحقاً، ردّ باسيل الكرة إلى ملعب “الثنائي الشيعي” باعتباره ألا مبرّر لعدم انعقاد مجلس الوزراء. وفي مؤتمر صحافي بعد اجتماع تكتل “لبنان القويّ”، اعتبر أنه “تمّ إسقاط المجلس الدستوري وتعطيله لأن الطعن لم يسقط بل لم يصدر القرار في شأنه. ما حصل هو ضرب للميثاقية وصلاحية رئيس الجمهورية في المادة 57 وسقوط إضافي للدستور الذي نحاول الحفاظ عليه”. وأضاف: “ما حصل تمّ بقرار سياسي واضح من قبل منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس عون، وعلى رأسها في المجلس الدستوري اليوم كان الثنائي الشيعي وهذا ما ستكون له مترتبّات سياسية”. ونفى باسيل “ربط موضوع الطعن بأي أمر آخر. وكلّما فاتحني أحد بالأمر، فهذا حق ولن ندفع ثمناً لنحصل عليه وأي كلام عن مقايضة مجرد كذب”. وأردف: “لا يظنّن أحد أن المسرحية التي شاهدناها أمس في عين التينة مرقت علينا… مش زابطة”.

وفي مقابل السخط “الباسيلي”، توجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بالتهنئة إلى “لبنانيي الانتشار لأنهم سيستطيعون ترجمة لبنانيتهم بأفضل شكل ممكن، بخلاف ما كان يخططه لهم آخرون. فلبنانيو الانتشار، وخلفاً لمواطني أي بلد آخر في العالم، يعتبرون أنفسهم مواطنين لبنانيين قبل كل شيء آخر… ويبذلون الغالي والرخيص لبقاء لبنان دولة سيدة حرة مستقلة يعيش فيه اللبناني بعزته وكرامته”. ورأى أن ذلك “ظهر واضحاً جلياً في نسبة التسجيل في الانتخابات المقبلة والتي تخطّت من بعيد كل التوقعات”. وأكد أنه “بعد أن أصبح قانون الانتخاب الذي صوت له المجلس النيابي مؤخراً نافذاً، فلم يبق على الحكومة، اجتمعت أم لم تجتمع، إلا تحديد الموعد النهائي للانتخابات وتشكيل هيئة الإشراف عليها وبدء العد العكسي لإجرائها كما يجب. يبقى على المواطن اللبناني أيضاً الاستعداد كما يجب وتحكيم ضميره ملياً للقيام بعملية التغيير المطلوبة من خلال صناديق الاقتراع”.

ولم يكسر صورة تقاذف الكرة بين “الثنائي الشيعي” وباسيل أمس، سوى دقّ ناقوس خطر التعبير عن الوضع المأسوي في لبنان، كما شبّهه أمس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافي في ختام زيارته إلى لبنان. ورأى أنّ “الشعب اللبناني يواجه تحديات عظيمة، مطالباً الزعماء اللبنانيين بالعمل على تحقيق الإصلاحات والالتزام بالشفافية”. ولفت إلى أنّ “الانتخابات اللبنانية المقبلة فرصة للشعب لنقل أصواته”. واعتبر غوتيريش أن “الأزمة الاقتصادية في لبنان عميقة. ونحن نشهد أزمة تغذية ومن الضروري استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة تعافٍ وتعبئة المجتمع الدولي ولكن على المسؤولين تحمّل المسؤولية”. وشدّد على أن “المجتمع الدولي لن يستجيب في حال لم يلاحظ القيام بإصلاحات وهناك بعض الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها في لبنان”.

شارك المقال