قائد الجيش يدقّ ناقوس الخطر… والعهد إلى التصعيد

لبنان الكبير

في رسالة بدا أنها مكتوبة بأحرف استشراف واقع الأوضاع اللبنانية الصعبة للغاية، دقّ قائد الجيش العماد جوزف عون ناقوس الخطر أمس بإنذارين: الأول، التحذير من أن الفتنة على مسافة خطوات، مؤكّداً عدم السماح بوقوعها. والثاني، الإشارة إلى أنّ الأزمة الاقتصادية طويلة مع وجود سيناريوات لمواجهة الأسوأ. ومن وحي الواقع “الأكثر من صعب” توجّه بكلمة دعم إلى العسكريين، مؤكداً أن “معدن الرجال يظهر في الظروف الصعبة”.

وإذ لفت قائد الجيش إلى أنّه “على العسكريين أن يدركوا أنهم أمام مهمة مقدسة، فتجربة 1975 كانت تجربة مريرة ولن نسمح بتكرارها، ولا أحد يقبل بعودة سيطرة الميليشيات والعيش تحت رحمة العصابات المسلحة والإرهاب أو المخدرات، شدّد على أننا لسنا سبب الأزمة، والحل ليس عندنا، نحن نقوم بواجبنا تجاه وطننا، وسنكون موجودين حيث تدعو الحاجة”. وأشار الى جملة اجراءات اتخذتها القيادة في الظروف الرهنة، ومنها “شراء الجيش باصات وفانات، وستكون في الخدمة قريباً مما يحل مشكلة تنقل العسكريين”.

وإذا كان لا بدّ من الصمود أمام هذه العاصفة إلى حين انتهائها، فإن لا شيء يوحي باستقرار رياح العواصف السياسية التي تبقى عاتية. وتجلت آخر فصولها أمس بتصويب تكتل “لبنان القوي” الكرة نحو الحكومة من باب مجلس النواب. وإذ تقدّم نواب تكتل “لبنان القوي” من رئيس مجلس النواب، بطلب عقد جلسة مساءلة للحكومة وفق المادة 137 من النظام الداخلي، اعتبر أن ذلك يأتي في ظل امتناعها عن الاجتماع وعدم ممارسة دورها في الحد من الانهيار ومعالجة الأزمات المتفاقمة مما يزيد معاناة المواطنين. ووقّع الطّلب عدد من نواب التكتل.

ولا مؤشرات من شأنها التلويح بانحسار المعارك السياسية العشوائية، في ظلّ أجواء واكبها “لبنان الكبير” وفحواها أن رئيس الجمهورية ميشال عون يستشعر “لعبة” مُحاكة في وجه عودة الحياة الحكومية إلى طبيعتها لقطع الطريق أمام ترؤسه الجلسات وسير الأمور في ما تبقى من عهده. وقد نُقلت هذه الأجواء على لسان مقرّبين وثيقين من الرئاسة الأولى. ويوجّه المقربون من العهد ملامة متعددة الرؤوس بما يشمل الرئاستين الثانية والثالثة، مع قراءة نوع من “التحالف الخفي” و”تقاطع المصالح” المنسّقة بين الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري. ومن هنا، عُلم أن العهد لن يقف متفرّجاً أمام ما يعتبره تعطيلاً مقصوداً لاجتماع الحكومة بكامل مكوناتها، وسيعمل باتجاه خطوات تصعيدية تدريجية.

وهناك من لا يستبعد أن يكون انعقاد المجلس الأعلى للدفاع أمس بمثابة “قرصة” موجهة في هذا الاتجاه. وانعقد المجلس في إطار متابعة الأوضاع الأمنية بصورة عامّة وتدابير متابعة الأوضاع الصحية بصورة خاصة، متّخذاً قراراً بتمديد إعلان التعبئة العامة بدءا من 1/1/2022 ولغاية 31/3/2022، والإبقاء على الإجراءات والتدابير المقررة سابقاً. كما طلب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية أن تكون على أهبّة الاستعداد لتأمين فترة أعياد نهاية العام مستقرّة من الناحية الأمنيّة، وينعم اللبنانيون ببعض من الطمأنينة على الرغم من همومهم وظروفهم الصعبة للغاية.

في المقابل، لا يبدو أن الرئيس ميقاتي في وارد الدخول في اشتباك مع اي من الاطراف السياسية، مع تأكيد مصادره على تموضعه الوسطي واهتمامه الذي يشكل أولوية بالوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتحريك عجلة الأوضاع الاقتصادية والمالية. وتشير إلى أنه أول من يسعى إلى عودة اجتماعات الحكومة وكان هذا السبب الأساسي الذي أدى الى الصورة الانفعالية التي ظهر فيها بعد لقاء “عين التينة”. لكنه يبقى محتفظاً بتقدير الوقت المناسب لعودة انعقاد جلسات الحكومة.

حكوميّاً، خصّص ميقاتي اجتماعاً أمس لبحث مشاريع البنك الدولي لدعم قطاع الكهرباء في لبنان وإصلاحه. وأشار وزير الطاقة والمياه وليد فياض بعيد الاجتماع، إلى أن “لقاءً دورياً عُقد من أجل وضع ميقاتي في أجواء التقدّم الحاصل في ملف الكهرباء، وتطرّقنا إلى إمكان توقيع الاتفاق مع الأردن قريباً، وعسى أن يكون قبل نهاية العام، كذلك تطرّقنا إلى توقيت توقيع الاتفاق مع مصر الذي يشترط ألا يتنافى مع قانون قيصر، وهذا الأمر يتطلّب محادثات مع الجانب المصري”. ولفت إلى “أننا تطرّقنا كذلك لشروط التمويل من البنك الدولي… على أن تطبّق ضمن جدول زمني لا يتخطّى الأشهر الأولى من بداية العام”. وأضاف: “المطلبان الأساسيان على المستوى السياسي هما، الإعفاء من “قانون قيصر”، وهذا ما يعمل عليه المصريون والأميركيون، والتمويل من البنك الدولي الذي يتقدم كثيراً وسيصل إلى خواتيمه في الأشهر الأولى من السنة الجديدة”.

كذلك، استقبل ميقاتي وفداً من أهالي الموظفين الموقوفين في انفجار مرفأ بيروت، الذي طالب بأن “تساعدونا على رفع الظلم عنهم وتنوّرونا على السبيل الذي يجب أن نسلكه لإزاحة الظلم عنهم”. وأكد الوفد أن “الموظفين الموقوفين، أو بالأحرى الذين أضحوا معتقلين في السجون منذ ما يقارب 500 يوم لسبب وحيد وهو أنّهم لم يستشهدوا أثناء التفجير، أصبحوا ضحايا التخبّط والصراعات السياسية والقضائية والمماطلة في التحقيقات”.

شارك المقال