إشتباك مفتوح بين “التيار” و”أمل”… والسعودية لنصرالله: “أبو رغال”

لبنان الكبير

بدأت لعبة رفع السقوف السياسية بأبعاد انتخابية باكراً بين قوى المحور الحليف على صعيد الأكثرية النيابية الحاكمة، مع تجدّد أشكال الاشتباك أمس بين حركة “أمل” و”التيار الوطني الحرّ” من دون الاستعانة بحَكَم يفصل بينهما. وإذ بدا الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله بعيداً كلّ البعد عن الحلبة الداخلية في الذكرى السنوية الثانية لاغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، اكتفى بالإشارة إلى أهمية الحوار بين اللبنانيين وأهمية أي دعوة للحوار كما التمسك باتفاق مار مخايل والاستعداد لتطويره.

ولم يكن الوقت متاحاً أمام نصرالله للحديث عن الأوضاع الداخلية، لأنه كان منهمكاً في اشتباك من نوع آخر على الحلبة الاقليمية في ظلّ المزاعم التي أطلقها متناولاً المملكة العربية السعودية بشكل خاص. وأشار نصرالله إلى أن الملك سلمان “طالب اللبنانيين بالوقوف في وجه هيمنة حزب الله الإرهابي”، وأضاف: “إذا فيه ناس خايفين يفتحوا فمهم في هذا البلد نحن لا نخاف، نحن عندنا كرامتنا”. وتوجه نصرالله إلى الملك سلمان، قائلا: “يا حضرة الملك، الإرهابي هو الذي صدّر الفكر الوهابي الداعشي إلى العالم وهو أنتم، الإرهابي هو الذي أرسل آلاف السعوديين لينفذوا عمليات انتحارية في العراق وفي سوريا وهو أنتم، الإرهابي هو الذي يشن حربا منذ 7 سنوات على الشعب المظلوم في اليمن ويقتل الأطفال والنساء ويدمر البشر والحجر وهو أنتم”. واعتبر نصرالله أن “الإرهابي أيها اللبنانيون الذي يحتجز عشرات الآلاف أو مئات الآلاف من اللبنانيين في السعودية والخليج يتخذهم رهائن يهدّد بهم لبنان ودولة لبنان كل يوم”.

وقد أعادت مواقف نصرالله تذكير السفير السعودي وليد البخاري بأبي رغال، حيث نشر تغريدة على “تويتر”، أشار فيها إلى أن “افتِراءَاتُ أَبِي رِغَال العَصْرِ وَأكاذيبُهُ لا يَستُرهَا اللَّيلُ وَإن طالَ وَلا مَغِيبُ الشَّمسِ وَلَو حُرِمَتِ الشُّرُوقَ والزَّوال..!”.

ولم يتأخر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الانضمام إلى حلبة الردّ على نصرالله أمس، مذكّراً بأنه “لطالما دعونا الى اعتماد النأي بالنفس عن الخلافات العربية وعدم الاساءة الى علاقات لبنان مع الدول العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية. ومن هذا المنطلق كانت دعوتنا الى أن يكون موضوع السياسة الخارجية على طاولة الحوار لتجنيب لبنان تداعيات ما لا طائل له عليه”. ولفت إلى أن “ما قاله نصرالله بحق السعودية هذا المساء لا يمثل موقف الحكومة اللبنانية والشريحة الاوسع من اللبنانيين. وليس من مصلحة لبنان الاساءة الى اي دولة عربية ،خصوصا دول الخليج”، مضيفاً: “وفيما نحن ننادي بأن يكون حزب الله جزءا من الحالة اللبنانية المتنوعة ولبناني الانتماء ،تخالف قيادته هذا التوجه بمواقف تسيء إلى اللبنانيين أولاً وإلى علاقات لبنان مع أشقائه ثانيا”.

وأشارت أجواء “لبنان الكبير” إلى سلبية كاملة مسيطرة على صعيد الرئاستين الأولى والثالثة لجهة انعدام أي أفق حكومي على الرغم من الرهان الذي كان قائماً على متغيرات يمكن أن تساهم في عودة المياه إلى مجاريها بما يخص انعقاد مجلس الوزراء. وعلى العكس، فإن ثمة محاذير بدأ يعبّر عنها في محيط رئاسة الحكومة بأن الأمور “مش ماشية” ولا أحد يراهن على قدرة ميقاتي بمفرده على بلورة حلول وسط الظروف الراهنة. وعُلم أن أجواء العتب وكرة التباعد تكبر على صعيد الرئاسة الاولى التي ترى في مقاربة رئاسة الحكومة مشاركة في حلف مبطن مع الرئاسة الثانية على حساب بعبدا. وأشارت الأجواء إلى تصعيد أكبر يتجه اليه العهد في مرحلة مقبلة، مما أثار علامات استفهام حول مصير الاستحقاق الانتخابي وسط كلّ هذا التصعيد.

إلى ذلك، أجابت أوساط مقرّبة من رئاسة الحكومة ردّاً على سؤال “لبنان الكبير” حول عجلة الحلول الاقتصادية والمعالجات، بأنه يجب تحكيم الواقعية والتأكيد أن المسائل لا تسير على النحو المطلوب على الرغم من المساعي التي يبذلها ميقاتي، لكن لا تقدّم أو قدرة على المعالجة في ظلّ الظروف الراهنة ووقوف كل فريق على سلاحه. ودعت كلّ القوى المعنية حكوميا الى تحمل مسؤولياتها للعودة إلى انعقاد جلسات مجلس الوزراء، علماً ألا توجهاً لدى رئيس الحكومة لتقديم استقالته في مرحلة مقبلة باعتبار أن استمرار الحكومة يبقى أفضل من بلد بلا حكومة على الرغم من التعطيل القائم. وهذه المعادلة يتمسك بها ميقاتي في مقاربته للتعامل مع الواقع الحالي.

ويبدو أن رئاسة الحكومة في وادٍ وقوى الأكثرية في وادٍ آخر، مع الانهماك في الردود والردود المضادة التي سيطرت أمس على عتبة سعر صرف اقترب من 29 ألف ليرة لأول مرة. وإذ اعتبر النائب علي حسن خليل، ردّاً على تصريحات النائب جبران باسيل أمس أنّ “اللبنانيين عاشوا التعطيل لسنوات كرمى لعيون الصهر”، قال: “نردّ على الاتهامات الوقحة لباسيل، ونحن أمراء الدفاع عن لبنان ولا نعرف إن كان عون من ضمن أمراء الحرب الذين أشار إليهم باسيل”. وتابع: “الكل عاش تجربتكم في تعطيل المؤسسات التي كلّفت اللبنانيين سنوات في تعطيل الإدارات من أجل حجز مصدر التمويل في وزارة الطاقة لكم، والكلّ يشهد من مرّر الصفقات والقرارات”. واعتبر حسن خليل أنّ “الخطير هو الحديث المتكرّر عن اللامركزية المالية التي تنسف أساس الدولة الموحدة، وهذه المطالبة تُقدَّم معطوفة بتحريضهم على بعضهم البعض”. ورأى أنّ “اللامركزية مقتل للبنانين وأوّلهم المسيحيون، وعلى المطالب بحقوق الطائفة أن يعرف أنّ في زمانه هُجِّر نصف المسيحيين في لبنان”.

وفي الموازاة، رد “التيار الوطني الحر” عبر حسابه الرسمي على تويتر على تصريحات حسن خليل، بالقول: “إذا كنتم فعلاً على قدر التحدّي، فليقبل الرئيس بري بطلب مماثل كان قد تقدّم به الوزير باسيل عام ٢٠١٢ في المجلس النيابي ولم يتجاوب معه آنذاك، وليدعو سريعاً الى جلسة نيابية علنية يُعرَض فيها الملفّ ويُبرِز فيها كل طرف مستنداته. نحن لدينا اثباتاتنا ونتحدّاهم ان يُظهروا مزاعمهم عن سرقة ٥٠ مليون دولار! فلنبدأ أقلّه من هنا، ونكمل… امّا رئيسهم فرئيس واحد يكفيه وليس بحاجة لإثنين”.

شارك المقال