عودة الحكومة بلا تسويات… و”كلّو إلا الانتخابات”

لبنان الكبير

من السابق لأوانه الإغداق في الإيجابيّة حيال بداية الوصول إلى حلحلة في الأزمات، بعد “همروجة” الساعات الماضية على أثر إعلان “الثنائي الشيعي” العودة إلى جلسات مجلس الوزراء. وعلى الرغم من كثرة التحليلات التي ارتبَطَت بالأسباب التي أدّت إلى هذا المتغيّر المفاجئ، فإنّ النتيجة واحدة لجهة أنّ استئناف جلسات الحكومة لا يعني الانتقال من جهنّم إلى النعيم بل اتّخاذ خطوات بمنحى عاديّ في بلد منهار لا تتعدّى البحث في الموازنة والعمل على إقرار الخطة الحكومية الانقاذية.

وأشارت معلومات “لبنان الكبير” إلى أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتّجه إلى عقد جلسة حكومية الأسبوع المقبل خارج نطاق التسويات والتعيينات. وهذا ما كان أكّده قبل أيام أمام مقرّبين منه لناحية أن لا جلسة وزاريّة تناقش موضوع التعيينات في مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية المقبلة. كما أكّدت المعطيات ألّا علاقة مباشرة بين مسار المفاوضات الإقليمية وموضوع معاودة جلسات الحكومة على عكس ما لوّحت به بعض التحليلات، لأن معلومات “لبنان الكبير” تؤكّد أن الانفراج الحكومي مرتبط بالاتصال الثلاثي الذي عُقد خلال زيارة ميقاتي إلى بعبدا والاتفاق على توليفة متكاملة بدءاً من توقيع العقد الاستثنائي الى عودة جلسات الحكومة وصولاً إلى تمرير جلسة إقرار الموازنة وإحالتها إلى مجلس النواب. وترتبط معاودة الجلسات بإقرار عدد من المشاريع والتقديمات الاجتماعية ووضعها على السكة التنفيذية، خصوصا أن مرحلة إقرار الخطة الانقاذية لن تكون “رحلة سهلة” بقدر ما أنها ستشهد مزيداً من الاجراءات الجراحية بهدف الوصول الى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة. وهناك توجه نحو إقرار بعض مشاريع القوانين الملحة في مجلس النواب لمجاراة عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي بدءاً من اقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول”. وهناك مخاوف عبرت عنها مصادر سياسية لجهة عودة النظر في تصويت المغتربين لمصلحة 6 نواب يمثلون القارات بدلاً من التصويت لـ 128 نائباً.

في هذه الاثناء، أشار النائب حسن فضل الله أمس إلى أنّه “نتيجة الظروف القائمة في البلد الاقتصادية والمالية وإقرار الموازنة وما وصلت إليه الأمور، ونتيجة المطالبات حول تعطيل الحكومة وأنها لا تجتمع وإلى ما هنالك، وحتى لا يحمّلنا أحد مسؤولية تعطيل البلد، تم اتخاذ قرار وبالتفاهم مع الرئيس نبيه بري بالعودة إلى اجتماعات مجلس الوزراء، وذلك من أجل البلد ومصالح الناس ولأجل الوضع القائم”. ولفت فضل الله في لقاء حواري شعبي أقيم في بلدة كونين الجنوبية إلى أنه “قرّرنا تقديم هذه الخطوة في إطار البحث عن حلول ومعالجات، لأنه إذا كانت عدم المشاركة تترك الوضع المالي والاقتصادي يتأزم، فنحن حاضرون لنذهب إلى هذا الخيار بالمشاركة من أجل الناس، وكنا قد أخذنا هذا القرار وحصل تفاهم بيننا وبين الرئيس نبيه بري”.

وفي موازاة النفحة الايجابية لناحية التلويح بعودة جلسات مجلس الوزراء، تبقى الهواجس قائمة حول ما اذا كانت الانتخابات ستحصل في موعدها أم ستتأجل. وأطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس صرخة محذّرة من تأجيل الانتخابات النياببة “لأهداف خاصة ومشبوهة”، مؤكداً أننا “نتطلّع مع اللبنانيين إلى الضرورة الماسّة لإجرائها في أيار، كي تقدّم للوطن نُخباً وطنية وأخلاقية جديدة وأحزاباً متجدّدة ورائدة وقوى تغيير إيجابية وشخصيات صالحة للمجلس النيابي تمثيلاً وتشريعاً”. وأشار إلى أنّ “البرلمان يكون بذلك قادراً على فرز حكومات وازنة تقدّم نمط حكم جديدا وشراكة وطنية حديثة”. وأكد الراعي في عظة الأحد إلى “أننا نتطلّع مع اللبنانيين بعد الانتخابات النيابية إلى الانتخابات الرئاسية في تشرين المقبل لتكونا معاً خشبة خلاص للبنان وشعبه من مآسيه المتراكمة والمستمرّة”. وأضاف: “لا بدّ للانتخابات أن تكون مناسبة ديموقراطية لمحاسبة كلّ من ورّط البلاد بالفساد المالي والانحراف الوطني والانهيار الاقتصادي والتدهور الأخلاقي والانحطاط الحضاري وتسبّب بتعطيل المؤسسات وهجرة الشباب وتعطيل الدولة”.

متروبوليت بيروت للروم الأورثوذكس المطران الياس عوده، أشار بدوره في عظة الأحد إلى أنّ “الانهيار يتسارع والدولار يجتاح ما تبقى من مدّخرات والفقر يغزو الشعب واليأس يعمّ في ظلّ تباطؤ مميت في حماية الشعب والسعي الى الانقاذ، وتعطيل المؤسسات وشلّ عملها، وغياب الأصوات المندّدة، والمواطن عاجز والقضاء مغلوب على أمره. ألا يدعونا هذا الأمر للتساؤل؟”. وذكّر بكلام القديس بولس الرسول لجهة أن “هذه الأمور نراها مُتجذّرة في مجتمعاتنا، أينما نظرنا في أقطار المسكونة، وخصوصاً في بلدنا، حيث لا نسمع إلاّ الغضب والخبث والتكاذب والكلام القبيح”.

شارك المقال