“حزب الله” يحرّك أتباعه ضد قرار الحريري… وفيصل “سانن سنانو”!

لبنان الكبير

إذا كانت ارتدادات العاصفة التي أحدثها قرار عزوف الرئيس سعد الحريري تعليق مشاركته في الحياة السياسية وعدم خوض استحقاق الانتخابات النيابية لا تزال مسيطرة على أجواء السياسة المحليّة “القطبيّة” تزامناً مع المنخفضات الجويّة والهطولات الثلجيّة التي نثرت رداء الزائر الأبيض على امتداد المناطق اللبنانية، فإنّ ما لوحظ في الساعات الماضية هو حجم البرودة اللامتناهية التي تعامل من خلالها “حزب الله” مع قرار العزوف على الصعيد الرسميّ. لكن هذه البرودة لم تترجم على مقلب الماكينة الإعلامية الممانعة التي لم تخرج عن مهمّتها في عملية رمي السهام بوجه “الحريريّة الوطنية” والتلويح الخاطئ بنهاية سعد الحريري، بما لا يقبل الشكّ أنّ “حزب الله” يضحك “في عبّه” وسيحاول استثمار غياب “المستقبل” الانتخابي من خلال حلفائه في سنّة 8 آذار. وقد اختار فيصل كرامي أن “يشمّر عن زنوده” سريعاً باستخدامه في الساعات الماضية مصطلحات من وحي “الثائر المخضرم” والمعارض للنهج الاقتصادي القائم والطرق التي حصلت إدارة البلد من خلالها، وأن غياب الحريري “ضرب المنظومة بما لا يطال التوازنات الميثاقية بل محصور بمدى قدرة المنظومة على تحديد خسائرها والدفاع عن نفسها”.

وما تناساه “فيصل أفندي” الذي يحاول العزف على خطاب قوى الانتفاضة، أنه “لم يصل إلى القصر مبارح العصر” وأنه وريث أباً عن جدّ ومتمثل في مجالس وزارية متعاقبة، و”كرمال خاطرو” عطّل “حزب الله” حكومات وتخلّى الرئيس نبيه بري عن مقعد شيعي لتأليف وزارة. وغاب عن بال “الأفندي” أيضاً أن الانهيار الذي شهده لبنان مرتبط بمنحى متسلسل من التعطيل الذي بدأ مع إقالة محوره السياسي لحكومة الرئيس الحريري عام 2011 وتجليد الاستحقاقات الدستورية لسنوات وعلى مراحل ودفعات. وبدا جلياً أن كرامي “سانن سنانو” ويتبنّى شعار إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كما لو أن غياب الحريري وفريقه السياسي عن الانتخابات بمثابة “غيمة صيف” عابرة لا تؤثر في التوازنات السياسية والوطنية.

وعلى الرغم من الشكوك التي تحوط إمكان حصول الانتخابات من عدمها، فإن واقع الاستعداد للاستحقاق قائمٌ بوتيرة متسارعة من دون وجوه “حريريّة” حتى الآن. وعلم “لبنان الكبير” أن غالبية من الوجوه القيادية والنيابية المحسوبة على تيار “المستقبل” تتّجه إلى “مقاطعة” الانتخابات وعدم خوضها أو الترشح من منطلق شخصي. وتعتزم هذه الشخصيات الابتعاد عن الساحة السياسية والدخول في الزواريب الداخلية الضيقة والإدلاء بتصريحات متعلقة بالشؤون العامة أو الخاصة بما يعني الغياب عن الساحة في هذه المرحلة. لكن في المقابل، هناك معطيات بدأت تبرز لجهة استعداد أكثر من شخصية مناطقية خاضت الانتخابات على لوائح “المستقبل” في الدورات الماضية إلى الترشح للدورة المقبلة من منطلق شخصي أو لارتباطها بتمثيل مناطقي إضافة إلى بعض الأسماء المنتسبة إلى “المستقبل” التي لم تتوصل إلى قرار نهائي بعد لجهة الترشح أو التغيّب.

ويبقى النائب فؤاد المخزومي أبرز المتمحسين للانتخابات في بيروت. وعلم “لبنان الكبير” أن المخزومي طلب إجراء دراسات خاصة بوضعيته السياسية بيروتياً وخيارات الناخبين من أكثر من مركز أبحاث في الايام الماضية. وهو يعوّل على الوصول إلى أكثر من حاصل انتخابي في دائرة “بيروت الثانية”، في غياب اللوائح الحريرية واعتزام النائب نهاد المشنوق عدم الترشح للانتخابات. ويضاف إلى ذلك غياب الرئيس تمام سلام عن اللوائح. وتقرأ مصادر سياسية أن الاتجاه في “بيروت الثانية” سيكون نحو المقاطعة الكبرى للانتخابات في حال حصلت في موعدها بما سيضاعف حجم الانكفاء الذي شهدته أكثر من دائرة انتخابية في استحقاقات سابقة إلى مستويات غير مسبوقة. ويتوقع أكثر من باحث إحصائي أن ينخفض الحاصل الانتخابي في “بيروت الثانية” بما يسهّل الخروق للوائح غير متوقعة.

وانتخابياً، أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أمس التزام إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في أيار المقبل ولا سيما أن التحضيرات اللوجيستية تتم تباعاً وكذلك الاعتمادات المالية المطلوبة. وأشار خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان السفيرة يوانّا فرونتسكا، أن “لبنان يدين أي اعتداء تتعرض له القوات الدولية العاملة في الجنوب، وأن تحقيقاً فتح في الحادثة التي وقعت في بلدة رامية الحدودية لتحديد المسؤوليات”. ولفت عون إلى “جاهزية لبنان لمعاودة التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية على نحو يحفظ حقوق الدولة اللبنانية وسيادتها”.

وتطرّق عون إلى موضوع المبادرة الكويتية، مشيراً إلى “ترحيب لبنان بالمبادرة الهادفة إلى إعادة الثقة بين لبنان والدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً، ولا سيما أن دولة الكويت الشقيقة كانت دائماً إلى جانب لبنان وقدمت له الدعم في مختلف الظروف التي مر بها”. وأشار إلى أن “الأجوبة اللبنانية سيحملها معه وزير الخارجية والمغتربين إلى الاجتماع الوزاري العربي الذي سيعقد في الكويت نهاية الأسبوع الجاري”.

وعن المبادرة الكويتية، أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أمس “تثمينه لها لأنها أعادت في بنودها الاعتبار للقضية اللبنانية، وثبّتت مطالب اللبنانيين في وثيقة تعكس رؤيتهم للخروج من الأزمة وإعادة لبنان إلى سابق عهده في الازدهار. ولا أستغرب هذه المبادرة التي تنمّ عن حرص خليجي ثابت ودائم على مصلحة لبنان”. ولفت إلى “أهمية هذه المبادرة لكونها خليجية وعربية ودولية وتجسد مطالب اللبنانيين التاريخية بالتزام الدستور اللبناني واتفاق الطائف ومقررات الجامعة العربية وقرارات الشرعية الدولية، وهي تشكل فرصة حقيقية لإخراج لبنان من جهنم التي وصل إليها، مضيفاً أن هذه المبادرة تشكل هدفاً نضالياً للبنانيين السياديين، واذا لم يتم التقاطها اليوم، فإن الشعب اللبناني التواق إلى الحرّية والعدالة سيقترع في صناديق الاقتراع لهذا المشروع السياسي الذي يشكل وحده المعبر لخلاص لبنان”.

حكومياً، ترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء أمس لاستكمال البحث في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2022، في حضور جميع الوزراء. ويتجه مجلس الوزراء نحو استكمال البحث في جلسة تعقد الساعة التاسعة صباح اليوم. وتضمنت أبرز مقررات جلسة الأمس فرض رسوم جمركية على السلع والبضائع التي يصنع مثيل لها في لبنان، وتعديل رسوم المرافئ والمطارات، ومنح المؤسسات والشركات التي توقفت عن العمل بشكل نهائي بسبب انفجار مرفأ بيروت حسماً كاملاً على ضريبة الارباح في حال عادت الى العمل، وإلغاء المادة النافذة في موازنة ٢٠٢٠ والمتعلقة بامكانية استيفاء الرسوم والضرائب بالعملات الاجنبية.

شارك المقال