لبنان يسمع “صمت” الحريري ويراه

لبنان الكبير

مرّت المناسبة على صمت… صمت أفصح من أبلغ كلام. بوجه حزين، عابس، قرأ الرئيس سعد الحريري، متوسطا عددا من أفراد عائلته، الفاتحة عن روح أبيه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وسط الآلاف من كل لبنان، توافدوا من دون دعوة وتنظيم، ليحيطوا الضريح بقلوبهم تجديدا لعهد الحزن على الشهيد والولاء لسعد في كل ما يختاره، ولو كان الابتعاد عن السياسة، بالمتعارف عليه.

يد على جهة القلب، ويد مرفوعة لتحية زوار الضريح، الأوفياء، الذين أرداوا بعد 17 عاما إعلان أنهم جمهور “المستقبل” العصي على الكسر والأقوى من كل محاولات الشراء والبيع في سوق “النخاسة الانتخابية”، وأن وفاءهم أكبر من كرسي أو لقب.

“المشهد على ضريح الشهيد رفيق الحريري قال كلّ الكلام”… قال سعد مؤكدا ان “جمهور المستقبل حرّ في المشاركة”.

قال الحريري الكثير بصمته وأظهر بشعبيته أن الانتخابات المقبلة سيكون فيها اللاعب الأبرز بامتناعه عن الترشح ومنع أي أحد من الترشح بإسمه أو باسم “المسقبل”.

وتجنباً لأي محاولة تأويل انتهازي لـ”صمت الحريري” قالت مصادر “بيت الوسط” لـ”لبنان الكبير” إن “المشهدية التي صنعها اللبنانيون أمام الضريح كانت رسالة واضحة للداخل والخارج، وايضاً لكل اللاهثين لوراثة الرئيس سعد الحريري، حيث اجتمعوا بعفوية ومن دون تنظيم مسبق وفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري ومدرسته المستمرة، والتفافاً حول الرئيس سعد الحريري الذي أيضاً قدم أرقى رسالة بصمته”. واعتبرت ان “ما شهده الضريح أمس هو انطلاقة للعمل السياسي غير التقليدي كما أراده الحريري بالعودة إلى الجذور والناس، وستثبت الايام ذلك”.

وتوقفت مصادر “بيت الوسط” عند هذه الذكرى لتشدّد على أن “الرئيس الحريري اليوم يقول للبنانيين والقوى السياسية أنه بات خارج اللعبة التي حاول أن يوجهها نحو أمان وأمن البلد… فمن اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يقم بذلك ليسمح للرئيس سعد الحريري باعادة ازدهار البلاد، بل انه (سعد) نجح خلال 17 عاماً في تجميد تداعيات الزلزال الاغتيال”.

وأكدت المصادر أن “السنّة أحرار في لبنان وتيار المستقبل تيار ديموقراطي ولهم الحرية بالاختيار في الانتخابات النيابية، أما المستقبل فهو لن يشارك وليس هناك اسما مرشحا سيحمل اسم التيار او الرئيس الحريري في ترشيحه”. أضافت: “الرئيس الحريري لا يعطي الاشارات ولم يكلّف احدا بملف انتخابات أو غيره، الكل له الحرية بقراره”.

وتابعت: “فليعودوا إلى التاريخ القريب والبعيد، وخصوصا مرحلة الحل الذي امّنه الرئيس الحريري بمشاريع سيدر، وكانت عبارة عن نحو 11 مليار و800 مليون، لماذا لم يتم العمل بها؟ هناك نهج تعطيلي مستمر”.

وقالت: “الرئيس الحريري يدعم الرئيس نجيب ميقاتي حتى النهاية… والله يعين هذا الرجل لأنه يحاول ان يقوم بالمستحيل في بلد نهشته السياسة والطائفية”.

وعن تمرير الموازنة في حكومة الرئيس ميقاتي وتعطيلها في حكومة الحريري، قالت المصادر: “ارادوا تعطيل اي عمل للحريري لما يمثل، فنكرر: من اغتال رفيق الحريري لم يكن يريد لسعد الحريري أن يعيد اقتصاد البلاد وامنه وامانه”.

وأكدت المصادر مجددا لـ”لبنان الكبير” أن “الرئيس الحريري عاد إلى الشعب، وهو سيتردد إلى لبنان، للعودة إلى تياره وجمهوره بعيدا عن قرف السياسة مع قوى سياسية لا تريد ابقاء لبنان وهويته”.

أضافت: “ألم تطلب الثورة التغيير؟ أليس هناك من هم يرون أخطاء في سياسة الحريري؟ فليتفضلوا الساحة باتت لهم… الحريري أخطا واصاب، لكنه الوحيد الذي اعترف بالخطأ”.

وعن كلام الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله واسفه على قرار تعليق العمل السياسي وتمنيه عليه أن يتراجع، قالت المصادر: “الحريري سيد نفسه في قراراته وليهتم حزب الله بوضع البلد وما تسبب به بسبب اجندته الايرانية، فسبق ان طلبت القوى السياسية من الرئيس الحريري عدم الاستقالة بعد ثورة 17 تشرين واستقال، وطلبوا منه عدم الاعتذار عن التشكيل فاعتذر، وطلبوا منه عدم تعليق عمله السياسي فكان القرار بعدم الترشح والتعليق”.

وأشارت المصادر الى أن “الخلاف مع جعجع والقوات اللبنانية ليس شخصيا، بل الخلاف بالسياسة وفي كيفية ادارة الامور السياسية في البلاد”.

وكان مراقبون توقفوا عند الكلام التويتري لجعجع، بمناسبة ذكرى الاغتيال، فرأوا أن برودتها “العقلانية” خلت من أي مسحة تعاطف مع سعد لا بل سارت في سياق محاولة الالغاء التي بدأها “الحكيم” في تعليقه على قرار تعليق العمل السياسي.

تعميم لـ”المستقبل”

وبسرعة، أصدر “تيار المستقبل” تعميماً بالموجبات التنظيمية في حالة ترشح أحد أعضاء التيار للانتخابات النيابية، تضمن الآتي:

“بناء على قرار رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري المعلن بتاريخ 24 كانون الثاني 2022، القاضي بـ:

– تعليق العمل بالحياة السياسية ودعوة عائلة “تيار المستقبل” لاتخاذ الخطوة نفسها.

– عدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من “تيار المستقبل” أو باسم التيار.

وبناءً على مواد النظام الداخلي:

– المادة 11 و12 من الفصل الثاني في “موجبات الأعضاء”.

– المادة 24 من الفصل الثالث في “الاستقالة من التيار”.

يُطلب من كل منتسب أو منتسبة إلى “تيار المستقبل”، في حال عدم التزام توجيهات رئيس التيار والعزم على المشاركة في الانتخابات النيابية كمرشحين، القيام بالآتي:

– توجية طلب استقالة من “تيار المستقبل” خطياً إلى الهيئة التي ينتمي إليها أو إلى هيئة الشؤون التنظيمية المركزية.

– الامتناع عن استخدام اسم “تيار المستقبل” أو أحد شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية.

– الامتناع عن أي ادعاء بتمثيل “تيار المستقبل” أو مشروعه خلال أي نشاط انتخابي.

وستعلن هيئة الشؤون التنظيمية عن قبول “طلب الاستقالة” عبر بيان تصدره هيئة الشؤون الإعلامية المركزية في التيار، مع الأمل بالتزام مقتضيات هذا التعميم، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لتأمين حسن تنفيذ قرارات القيادة”.

امام الضريح

اقتصرت الذكرى الـ17 لاستشهاد الرئيس الشهيد على وقفة أمام الضريح لزوّار ومناصرين وكتل نيابية.

وأضيئت الشعلة الموجودة في مكان استشهاد الرئيس الحريري في منطقة السان جورج، وعزفت موسيقى كشافة لبنان المستقبل لحن الموتى والنشيد الوطني مع التحية.

وأعلن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري في بيان، أنه “إحياء للذكرى السابعة عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، زار الرئيس سعد الحريري، ترافقه النائبة بهية الحريري والسيد شفيق الحريري وعدد من أفراد العائلة، ظهر اليوم ضريح الرئيس الشهيد في وسط بيروت، حيث قرأوا الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه الشهداء. ولدى مغادرته، حيا الرئيس الحريري الجماهير والوفود السياسية والشعبية من مناصري تيار المستقبل التي احتشدت أمام الضريح وسط هتافات التأييد والدعم له”.

وشهد ضريح الرئيس الشهيد ومحيطه في وسط بيروت منذ ساعات الصباح، تقاطرا للوفود الشعبية والشخصيات السياسية والرسمية.

وزار الرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة الضريح وقرءا الفاتحة عن روح الرئيس الحريري ورفاقه.

وزار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ترافقه عقيلته السيدة نورا جنبلاط وابنه أصلان وابنته داليا الضريح وقرأوا الفاتحة.

وبعد قراءة الفاتحة، قال جنبلاط: “كُتب علينا أن نقرأ الفاتحة في المختارة، وفي بيروت في ساحة الشهداء كل عام، وكُتب علينا أن نصمد وسنصمد”.

وكان رئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط زار الضريح في وقت سابق ورافقه وفد من الكتلة، ضم النواب أكرم شهيب، فيصل الصايغ، بلال عبدالله، وائل أبو فاعور، بالإضافة إلى النائبين السابقين هنري حلو ومروان حمادة.

كما زار أمين عام تيار “المستقبل” أحمد الحريري الضريح. وقال في تصريح: “سعد الحريري أثبت أنّه لا يزال مؤثّراً بالحياة السياسيّة أكثر من أيّ شخصية أخرى وموقفه مدروس ومبنيّ على معطيات وعلى تجربة… علينا أن نعترف بأنّ لبنان ليس بخير وسعد الحريري اعترف مرّتين بهذا الأمر ونحن مشروعنا وطنيّ ولا نعتمد الخطاب الطائفي”.

وقال العلامة السيد علي الأمين في تصريح له خلال زيارته الضريح: “نحن في ذكرى يوم وطني حزين، نستذكر فيه تلك القامة الوطنية الكبيرة ورجل الدولة بامتياز. الشهيد رفيق الحريري الذي عمل بجد لبناء دولة المؤسسات والقانون عابراً الحواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية إلى رحاب الوطن الكبير”. أضاف: “نستحضره اليوم لنذكّر به ابناءنا وأجيالنا والأجيال القادمة، من أجل اعتماد منهجه في بناء الاوطان، وقد جعل من لبنان في عهده محطة لاهتمام العالم وأنظاره وصار لبنان متميزاً في علاقاته مع اشقائه العرب وذا مكانة مرموقة في المجتمع الدولي وعاش شعبه في بحبوحة من العيش والرخاء الاقتصادي، والمطلوب من المسؤولين اليوم ليُخرجوا لبنان من أوضاعه الحالية، أن يعودوا لاعتماد منهج الشهيد رفيق الحريري في هندسة الأوضاع الداخلية والعلاقات الخارجية”.

كما زار الضريح وفد روسي برئاسة الوزير المفوض في السفارة الروسية إيفان مدفدسكي ووضع إكليلا.

كما زار الضريح للمناسبة نواب، رجال دين، شخصيات سياسية، ديبلوماسية، اجتماعية، اقتصادية وإعلامية من مختلف المناطق.

شارك المقال