تحصين الانتخابات من دار الفتوى إلى بكركي

لبنان الكبير

مع دخول البلاد التوقيت الحاسم والمفصليّ على صعيد تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية، تنحصر وتيرة الاهتمامات الكبرى بترتيب الأوراق الرئيسة على صعيد الأحزاب والقوى السياسية التي بدأت تبحث جدياً في أسماء المرشحين والتحالفات على امتداد الدوائر الانتخابية. ويأتي الاهتمام الانتخابي ليتصدر الاهتمامات على المستوى الحكومي أيضاً الذي يختصر الحراك المتفاعل على صعيد مجلس الوزراء، مع اتجاه نحو إرجاء بحث بعض الملفات الأخرى إلى مرحلة ما بعد الانتخابات بعد دخول الوقت الحاسم.

وفي وقت شهدت الساعات الماضية عملية تحصين جديدة للاستحقاق بين سطور موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أكّد أنّ أي تأخير للانتخابات ستكون له تبعات سلبيّة خطيرة على لبنان واللبنانيين، علم “لبنان الكبير” أن أحزاباً عدّة أساسية تعتزم الإعلان رسمياً عن أسماء مرشحيها في النصف الثاني من الأسبوع الجاري. وإذ سيعلن الحزب “التقدمي الاشتراكي” و”التيار الوطني الحرّ” عن أسماء المرشحين يوم الأحد المقبل، باتت التحالفات شبه محسومة على صعيد “الستاتيكو” العام. ويتجه “الاشتراكي” الى التحالف مع “القوات اللبنانية” و”الأحرار” في دوائر الجبل، في مقابل اتجاه “التيار” و”الثنائي الشيعي” الى عقد التحالفات في غالبية دوائر حضورهم السياسي.

وسنياً، يستكمل رؤساء الحكومة حراكهم ومشاوراتهم في سبيل تنظيم الانتخابات بالنسبة الى البيت الداخلي. وعلم “لبنان الكبير” أنّ مروحة تواصل يقودها الرئيس فؤاد السنيورة مع عدد من الوجوه السنية البارزة، وقد شملت في الساعات الماضية النائب السابق مصطفى علوش الذي سيبلغ قراره لجهة الترشح للانتخابات من عدمه خلال اليومين المقبلين. ويستمر التشاور بين الرئيسين السنيورة ونجيب ميقاتي لجهة الترشح شخصياً والذي لم يحسم حتى اللحظة، في وقت أشارت المعطيات إلى تواصل مستجدّ بين القاضي نواف سلام ومجموعات بارزة على صعيد الإنتفاضة في العاصمة بيروت حيال إمكان ترشحه على لائحة الانتفاضة الأساسية، بعدما كان أبلغ قراره بعدم نيته الترشح خلال المشاورات الأولية التي عقدت بين الطرفين. وعادت وبرزت عوامل حرّكت الصورة لناحية إحتمالية عودة سلام عن قراره والترشح.

وانتخابياً، برزت دعوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان إلى جلسة عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، لدراسة وإقرار مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 8813 الرامي إلى فتح اعتماد إضافي استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022 في موازنة وزارة الداخلية والبلديات – الدوائر الإدارية – المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين، وفي موازنة وزارة الخارجية والمغتربين – الإدارة المركزية والبعثات في الخارج للعام 2022.

دريان يحذّر

وفي تحذير لافت أطلقه المفتي دريان على صعيد الاستحقاق الانتخابي، اعتبر أن “أيّ تأخير للانتخابات ستكون له تبعات سلبيّة خطيرة على لبنان واللبنانيّين”، داعياً الدولة اللبنانية إلى “إعادة نظر شاملة وعميقة في سياسة لبنان الخارجيّة وخاصّة مع أشقّائه العرب والدول الصديقة بما يحفظ هذه الأخوة ومصالح اللبنانيين المنتشرين في بقاع العالم ويصونها انطلاقاً من الالتزام بميثاق جامعة الدّول العربيّة الذي كان لبنان أحد مؤسّسيها”.

وأكد المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في بيان عقب اجتماعه برئاسة دريان، أنّ “الانتخابات النيابيّة واجب وطني وضرورة أخلاقيّة وبداية للتغيير نحو الأفضل، وأيّ تأجيل أو تأخير للانتخابات بذرائع مختلفة ستكون له تبعات سلبيّة خطيرة على لبنان واللبنانيّين، مع المطالبة بتحقيق هذا الإنجاز بكلّ شفافيّة واعتماد خطاب وطني عاقل ومعتدل يدعو إلى وحدة الصف الإسلامي والوطني”.

وعن علاقة لبنان بأشقائه العرب، أشار المجلس إلى أنه “أمام تعثّر محاولات ترميم العلاقات بين لبنان والدّول العربيّة الشقيقة وخاصّة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية حيث يحفظ لبنان للأشقّاء العرب جميعاً فضل مساعداتهم الكريمة في أيّام الشدّة والمحن وما أكثرها، لا بدّ للدولة اللبنانية من إعادة نظر شاملة وعميقة في سياسة لبنان الخارجيّة وخاصّة مع أشقّائه العرب والدول الصديقة بما يحفظ هذه الأخوة ومصالح اللبنانيين المنتشرين في كل بقاع العالم ويصونها انطلاقاً من الالتزام بميثاق جامعة الدّول العربيّة الذي كان لبنان أحد مؤسسيها”.

الراعي والاستحقاق

وفي موقف مشابه على صعيد استحقاق الانتخابات، لفت البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى “أننا نَجهدُ مع ذوي الإرادةِ الحسنةِ من أجلِ حصولِ الانتخاباتِ النيابيّة عندنا في موعدِها لتعودَ الكلمةُ إلى الشعب. وحَسْبُنا أن يَنطُقَ الشعبُ بكلمةِ الحقِّ في حُسنِ الاختيارِ، وفي تجديدِ الطاقمِ السياسي، فلا يضيّعُ فرصةَ التغييرِ. فهذا زمنُ إنقاذ لبنان لا زمنُ الحساباتِ الصغيرة”. وأكد أنّه “لا يجوز، تحت أيِّ ذريعةٍ، الالتفافُ على هذا الاستحقاقِ الدستوري الملازمِ للنظامَ الديموقراطيّ. وحريٌّ بالّذين يَجتهدون في اختلاقِ ذرائعَ لتأجيلِ الانتخابات، أنْ يُوجِّهوا نشاطَهم نحو توفيرِ أفضل الظروفِ الممكنةِ لإجرائها”، متمنياً “أن يَتقدّمَ إلى الانتخاباتِ النيابيّةِ مَن يَستحقُّ تمثيلَ المواطنين، ومَن يَتمتعُ بشخصيّةٍ وازنةٍ، وفكرٍ إصلاحيٍّ وسُمعةٍ عطرةٍ، ومواقفَ وطنيّة. فكلُّ البرامجِ التقنيّةِ تبقى ثانويّةً أمام البرنامجِ الوطني”.

وأشار الراعي إلى أن “الشعب يريد نوّاباً شُجعاناً، مُحصّنين بالأخلاقِ، واثقين في أنفسِهم، مستقلِّين في قراراتِهم، حازمين في رفْضِ ما يجب أن يَرفُضوا، وحاسمين في قَبولِ ما يجب أن يَقبَلوا به. الشعبُ يريد نوّاباً يُدركون التشريعَ والمحاسبة، قديرين على تَحمّلِ المسؤوليّةِ ومواجهةِ الانحرافِ. فبقدّرِ ما يواجِه النوّابُ في البرلمان يوفِّرون على الشعبِ الاحتكامَ إلى الشارع”.

شارك المقال