“ميغاسنتر” عون على وقع “ايران برا برا”

لبنان الكبير

“ايران برا برا”. لخص هذا الهتاف البسيط مدى تعقيد الظرف اللبناني، متدرجاً من بسط النفوذ الى الاستباحة وصولاً الى إدراج البلد ضمن “التقويم الفارسي” لتشهد بيروت، وفي معرض كتابها العربي، محاولة مستهجنة لـ”تطبيع” صورة قاسم سليماني المرتبط في أذهان كثيرين بـ”ثقافة الموت” بأمل طمس هوية بيروت العربية بتاريخها وشخصياتها، من رياض الصلح الى جمال عبد الناصر الى حسن خالد الى رفيق الحريري. لكن إنتفاضة عدد من شباب المدينة ضد هذه “الاهانة” جاءت لتعبّر عن قدرة “ثقافة الحياة” على المقاومة لتبقى “بيروت حرة حرة”.

ومن معرض الكتاب الى معرض الحياة، على وقع تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، كانت طوابير الذل تعود الى المحطات مع تهافت على سلع عديدة، والهموم تزداد ثقلاً على كاهل المواطن لتبدو القوى السياسية المنشغلة بحسابات انتخابية في واد بعيد جداً عن “الناخبين المفترضين” فيما وقبل أسبوع من إقفال باب الترشيحات، يبقى السؤال الأكبر: هل ستجرى الانتخابات أصلاً؟

ووسط كل الويلات التي يمر بها البلد، كان رئيس الجمهورية ميشال عون يتحدث عن أن “النظام السياسي اللبناني صعب جداً لأنه نظام يقوم على التوافق والتراضي، فالشعب اللبناني مؤلف من طوائف مختلفة، ونحن نبحث لحل هذه المشكلة عبر تحقيق نظام اللامركزية والتخفيف من السلطة المركزية للقرار”.

وشدد الرئيس عون أمام وفد من “حزب الشعب الأوروبي”، يزور بيروت، على أن “الانتخابات البرلمانية والرئاسية ستحصل”.

وانتقد الرئيس عون تقرير وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي عن “الميغاسنتر”، مؤكداً أنه شخصياً مع إقامة “الميغاسنتر”، ولكن بعض الوزراء أعرب عن تحفظه، نظراً الى ما يعتقده من وجود صعوبات كثيرة في تطبيق هذا الامر حالياً، كاشفاً أنه سيعقد اجتماعاً حول هذا الموضوع “وسيقتنع هؤلاء أن الأمر ليس بهذه الصعوبة والتعقيد الذي ظهر في تقرير وزير الداخلية والبلديات. ولكن لدينا طريقة من شأنها تسهيل الموضوع، وعلى هذا الأساس سيكون هناك ميغاسنتر”.

وعقدت اللجنة الوزارية المكلفة بحث مدى إمكانية اعتماد “الميغاسنتر” في الانتخابات النيابية لعام ٢٠٢٢، اجتماعاً عصر أمس، في وزارة الداخلية. وقبل الاجتماع، وعشية عرض نتائجه على مجلس الوزراء الخميس، التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير الداخلية، وعرض معه شؤون وزارته وملف “الميغاسنتر”.

وقال الوزير مولوي: “أكد دولة الرئيس وأنا تأييدنا انشاء الميغاسنتر كخطوة اصلاحية ضرورية للمواطنين والانتخابات، إنما هناك ثلاث عقبات قانونية ولوجستية ومالية. طلب دولة الرئيس أن تتشكل ضمن اللجنة الوزارية التي ستجتمع بعد ظهر اليوم (امس) ثلاث لجان فرعية هي اللجنة القانونية لدراسة الأمور القانونية وإيجاد الحلول لها، وفي حال إستقر رأي اللجنة على وجوب تعديل قانوني، اعداد مشروع القانون فوراً ورفعه الى مجلس الوزراء لأخذ الموقف القانوني والدستوري منه، ثم احالته الى مجلس النواب. وبالتوازي تجتمع اللجنة اللوجستية لايجاد الحلول اللوجستية ولبيان مدى امكان تنفيذ الميغاسنتر في الوقت المتبقي. كما أن وزير المال موجود لبيان مدى امكانية تلبية الحاجات المالية لانشاء الميغاسنتر في هذا الوقت الضيق”.

أضاف مولوي: “شدد دولة الرئيس، كما شددت أنا على عدم تأجيل الانتخابات ولو دقيقة واحدة. نحن نؤكد أن الميغاسنتر خطوة اصلاحية لكن الأهم هو عدم تأجيل الانتخابات. يجب ايجاد الحلول القانونية ورفعها الى مجلس النواب عند الاقتضاء بالسرعة الممكنة، وفي الوقت نفسه العمل على البحث في مدى امكانية التنفيذ اللوجستي وايجاد التمويل المناسب”.

وتوقف مراقبون عند كلام الرئيس عون عن “الميغاسنتر”، ورأوا أن الهدف من التركيز عليه هو إبقاؤه قيد التداول ليكون سبباً لرفع “بطاقة حمراء” ضد الانتخابات في حال كان هناك ضوء أخضر للتمديد للمجلس الحالي، وصولاً الى التمديد للعهد الحالي، خاصة إذا إقتضت ضرورات فيينا تحمية الجبهة اللبنانية من قبل “حزب الله”، ورفع درجة “الاشتباك من بعيد” بين طهران وواشنطن، بموازاة استئناف الغارات الإسرائيلية على “الإيرانيين” في سوريا بعد تطمينات موسكو بأن “آلية تفادي التضارب الروسية – الاسرائيلية في سوريا، التي تسمح للجيش الإسرائيلي بالعمل ضد إيران ووكلائها، ستستمر” على ما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن السفير الروسي في تل أبيب، أناتولي فيكتورو.

واعتبر المراقبون أن لا مصلحة حتى الآن للثنائي الشيعي في عدم اجراء الانتخابات في موعدها، باعتبار أنه الوحيد تقريباً الضامن عدم تضرره منها لا بل ربما سيزيد قوة، لكن تسارع الأحداث وما يمكن أن يستجد في حرب أوكرانيا وبالتالي مدى قدرة موسكو لاحقاً على التأثير في المسرح الدولي، مع اشتداد وطأة الأزمات الداخلية، يمكن أن يخربط كل الحسابات.

وذكرت وكالة “المركزية” أن معلومات تتردد عن أن الانتخابات النيابية قد تؤجل الى أيلول المقبل في انتظار اتضاح الصورة الضبابية محلياً ودولياً، بحيث يتسنى في هذه الفترة انجاز التحضيرات الانتخابية وارساء حلول للأزمات المتراكمة وانجاز المفاوضات مع صندوق النقد، على أن تعقبها الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول.

وسط هذه الاجواء، حصل اعتداء على ناشطين في معرض بيروت الدولي للكتاب، بعد احتجاجهم على صور وُضعت أمام بعض الأجنحة في المعرض لقائد فيلق القدس السابق اللواء قاسم سليماني. وأفيد أنّ الاعتداء بالضرب حصل بعد دخول ثلاثة ناشطين الى المعرض عند الواجهة البحريّة لمدينة بيروت، وعبّروا عن استيائهم من انتشار الأعلام الإيرانيّة وصور اللواء سليماني أمام عددٍ من الأجنحة، وبدأوا بإطلاق هتاف “بيروت حرّة حرّة، إيران طلعي برّا”. وحينها، قام عددٌ من الشبّان بالاعتداء على اثنين منهم، وقد تعرّض شفيق بدر لضربٍ شديد كما أُخذ منه هاتفه الخلوي وسُحب الى خارج المعرض.

شارك المقال